قلعة السراغنة: دلالات و معاني او طوبونيميا الاسماء التاريخية القديمة لبعض مواقع و فضاءات و أحياء مدينة قلعة السراغنة.

 عبد العليم زياد

بالاستناد الى الذاكرة الجمعية المكتوبة و الشفهية باعتبارها احد اهم مصادر توثيق التراث التاريخي الرمزي الهوياتي الحيوي ..و نظرا لكون علم الطوبونيمياToponymy – ” كلمة يونانية الاصل ،مركبة من” توبوس” topos وتعني المكان، و “أونيما” Onyma معناها الاسم او اللقب … – يهتم بدراسة أصول أسماء الأماكن الجغرافية و دلالة ومعاني اسمائها من منطلق كونه فرعا أساسيا من فروع علم اللسانيات linguistics ، وهو علم أصول الكلمات وأشكالها onomastics.

ارتأينا من منطلق هذه المقاربة ان نسلط الضوء على اهم المواقع الجغرافية لمدينة قلعة السراغنة و نبحث في اغوار أصول مسمياتها التاريخية و الابعاد السياسية و الطبيعية/الجغرافية المتحكمة في اطلاق اللقب و الاسم .

ان مدينة قلعة السراغنة قبل ان يغزوها الاسمنت المسلح ، كانت قديما عبارة عن مجموعة من الحقول و الجنان، ذات مياه سطحية غير جوفية، سهلت عملية طفح و بروز مجموعة من المنابع و العيون المائية، و كذلك مرور العديد من السواقي و الجداول و المصاريف و” الساروًات” المأخوذة من نهر الواد الاخضر و وادي تساوت …فقد اطقلت مجموعة من الالقاب و التسميات على العديد من الأماكن و المواقع من منطلق الطوبونيما الطبيعية الجغرافية من قبيل :
عين الغراب : السوق قديما – البلدية ، حي المركب ..
لعوينة : سميت نسبة لعين /منبع مائي متواجد بالحي …
السويكَية : ساقية صغيرة متفرعة عن ساقية القايدية و الغابية…
العرصة : جنان او حقل لمالكه الحاج الطاهر رحمه الله ..
جنان الشعيبي نسبة الى مالكه الشعيبي العروشي ، فخذة اولاد مبارك رحمه الله . .
جنان دراع اللوز :بوك البهجة و القرض الفلاحي و ساحة كَرو السجن المحلي ..
جنان الجديد : المتواجد خلف القلعة الراشية و الزاوية
جنان بكار : نسبة لبكار رحمه الله
جنان الخليفة : نسبة الى خليفة رحمه الله …
جنان عياد : جوطية جنان الشعيبي
عريصة الرحى : الساحة الفضية و المنزه…

هذا من زاوية الطبيعة الجغرافية و النشاط الاقتصادي الفلاحي المزاول انذاك، اما من الناحية الدينية فقد اتخذت بعض الاحياء و المواقع اسماء ذات دلالات دينية ك ؛
حي الزاوية : نظرا لتواجد زاوية سيدي رحال ، و مزار حفيده الولي الصالح سيدي عبدالرحمان بن عبد الكريم ..
حي الملاح : اسم يطلق على جميع احياء الانعزال اليهودي بالمغرب، كالحارة بمصر و الجيتو بأوروبا ، زاول داخله اليهود انشطة حرفية و كانت لهم مرافق خدماتية كالحمام اليهودي المتواجد بجنان الجديد و بالضبط بارض بنهنية..و يعتبر هذا حي الملاح او زنقة دمنات امتداد لحي القلعة الراشية الذي لم يعد ” راشيا” بفعل الاسمنت المسلح و لم يتبق من سوره الا شظايا/ برج يتيم ملاصق لمدرسة بن خلدون و بن سليمان ، بعدما نسفت ابراجه بالديناميت لصلابتها …
بلوك الحرشة نسبة للوليات الصلحات “ماليات الحرشة ” المتموقعة قبورهن وراء سرية الدرك الملكي .
المصلى : خلف البناية الجديدة للمديرية العامة للامن الوطني ، و هي ارض تابعة لتعاونية المحيطة ….
درب الجامع : او المسجد العتيق بشارع لالة مينة.
و لانها -بدورها -عرفت نظام حكم القائد التابع للسلطة المركزية ” الظاهرة القايدية/ القائدية ” خلال النصف الثاني من القرن 18 ، حيث كان القايد يعين من ابناء جلدة قبائل السراغنة …اتخذت مجموعة من المواقع و الاماكن اسماء مرتبطة بهذه الحقبة التاريخية بما حملته من احداث و وقائع سياسية و اقتصادية و اجتماعية و ثقافية .
باب محروكَ مثلا : المتواجد بحي العرصة و الملاصق لاقامة القايد صالح العروشي، سمي بالمحروق لحرقه من طرف عصابة تريد سرقة الغلة المتواجدة باشجار العرصة ، و ذهب البعض الى حرقه بسب صراع بين آل بن صالح حول سلطة القيادة بينما رجح البعض انه حرق بسبب صراع بين القايد محمد بن صالح و القايد علال الشرقاوي ،وقع بعد وفاة السلطان مولاي عبدالرحمان ،ما دفع السلطان سيدي محمد الى زيارة المنطقة و القاء القبض على القائدين و تعيين القائد محمد بن مبارك الحافي…
باب الابيض : على مدخل حي الزاوية ،سمي بالابيض نسبة الى طلائه باللون الابيض …..

و اذا كان للدلالة الدينية و السياسية و الاجتماعية نصيب في تسمية بعض الأسماء فان للمجال الاقتصادي / التجاري نصيب :
السوق الاسبوعي : نظرا للزحف العمراني تعرض السوق لتنقيلات فمن حي المركب القديم قرب البلدية مرورا ب” الخانزة ” او محرك الخيل – مقاطعة المرس _ وصولا الى حي عواطف حيث يتواجد حاليا .
ساحة سيدي عبدالرحمان حيث تتواجد المحلات التجارية انتهاء بما بات يعرف ب ” المارشي” ….
كدية الجمالة : كانت محطة استراحة القوافل التجارية من و الى مراكش …
باب الناعورة : المتواجد في نهاية حي الزاوية ،سمي نسبة الى ناعورة الماء التي بناها المهندس احمد بن القايد ، لضخ الماء فوق السور المؤدي الى صهريج الماء بالقلعة الراشية ….
زنقة العطارة الموسم ….

و بما ان مدينة قلعة السراغنة لم تسلم كذلك من ” الحماية” الكولونيالية/ الاستعمارية ، ابان الفترة الممتدة بين 1912 – 1955 فان المستعمر الفرنسي فرض اسماء لبعض الاحياء و المواقع نذكر :
الحي الاداري : اتخذه المستعمر منطقة إدارية متعددة القطاعات ، حيث كان يتوفر على مقرات ادارية و اقامات خدماتية و سكن وظيفي تابع للمستعمرين و من والاهم من المعمرين بالإضافة الى كنيسة لممارسة الطقوس الدينية marabout / Saint monic ،حيث يتواجد المركز الاستشفائي الخاص بعلاج الاسنان خلف مدرسة الحي الاداري ..
هذا و قد زاول المعمرون انشطة فلاحية داخل المدينة فسميت مجموعة من الجنان و الحقول باسماء مالكيها من المعمرين الفرنسيين ، ك :
جنان روما : نسبة الى المعمر الفرنسي roma او الهناء و النخلة 2 سابقا .
جنان بريستو : نسبة للمعمر الفرنسي Bresto بجانب مقبرة اليهود المغاربة بالحي الصناعي ….
ضيعة ” مدام ” فوريست بجانب الطريق المؤدية الى بن كرير ، بعدها ضيعة جنان غوبير : نسبة الى المعمر Robert و المتواجد انطلاقا من وادي كاينو الى تجزئة البساتين قرب مقبرة سيدي صالح ، ثم ضيعة ” ريمو ” بعد قنطرة واد كاينو يسارا في اتجاه سيدي بوعثمان توجد ضيعة ” بيبولي ” المعروف عند العامة ب : ” البلبولي ”
ضيعة : دوبوا المشهور عند سكان القلعة ب : ” دوبا “توجد بالقرب من مقبرة اليهود ، ضيعة : بولحية كانت بجوار ضيعة ” دوبا ”
ضيعة اخرى بطريق الرويش كانت في ملك المعمر : تيابو ” وكان فيها صهريج كبير معروف عند الناس ب: تشاريج “تيابو “