الحكاية 15 من حكايات ذات الهمة..من القلعة الى مالطينة

الحكاية 15 من حكايات ذات الهمة..من القلعة الى مالطينة

- ‎فيفن و ثقافة
151
6

د محمد فخرالدين

دخلت الاميرة ذات الهمة القلعة في الحال ، وغنمت وجندها الكثير من الغنائم و التحف النفيسة و الأموال ..

كانت الأميرة باغة ثرية جدا ، فهي ابنة الملك لاوونو قد ورثت القلعة عن أبيها ،و عهدت إليها مراقبة الطرق البحرية و مهاجمة الثغور الاسلامية و تسيير جيوش بيزنطة انطلاقا من ذلك المكان ..

و كانت القلعة محصنة و منيعة جدا ، لما فيها من معدات حربية ، و لكونها موقع استطلاع للمداخل البحرية، وحركة الرياح والتيارات البحرية والموجات، وكان مرفقاً بها كل وسائل الدفاع والتحصين،وقد عانت الجيوش الإسلاميَّة غير ما مرة الأمرّيْن في حصارها وإسقاطها ..

كانت القلعة محاطة بطرق الإنذار المتقدمة التي تفوّق فيها الرومان و التي تنبئ بكل حركة تحدث في البحر.

اصبحت الاميرة ذات الهمة على معرفة ودراية تامة بتفاصيل قلعة الأميرة باغة ومنافذها، فقد اتخذتها مكانا لمقامها في انتظار ما سيأتي من أوامر من بلاد الخلافة بغداد ..

وكانت القلعة مفروشة بأفخر النفائس و الأثاث والمفروشات و مؤثثة بالذخائر الذي جلبت من مختلف البلدان والأقطار من الغرب و الشرق..

طلبت الاميرة ذات الهمة من جميع ما فيها من الخدم الاستمرار في أعمالهم كما جرت العادة ، و اغدقت عليهم بالمال و اكرمتم غاية الاكرام،فنالت منهم الرضى و عاهدوها على الوفاء ، و اشتكوا لها ما سبق من ظلم و جور باغة و تعسفها عليهم فوعدتهم كل خير .

و بعد امتلاك القلعة و اسقاطها صار الطريق سالكا الى جزيرة مالطينة لذلك اجتمعت الأميرة ذات الهمة على انفراد، ثم بقيادة الجيوش لتستشيرهم في الخطوة المقبلة ، فقال أحد القادة :

ـ مولاتي الأميرة ، لا بد أن نكمل فتح الجزيرة ، فقد أصبحت الآن ميسرة بفتحنا للقلعة ..

أجابت ذات الهمة :

ـ نعم و لكن هل نستعجل في ذلك ، أم ننتظر رأي الخليفة في بغداد .

قال القائد :

ـ مولاتي لا بد من التحرك سريعا قبل أن يتحرك الأعداء من جديد و يلملموا جيشهم بالتأكيد ، و يضيفوا إليه من الجنود المزيد ، و يتحصنوا فيصير الأمر أكثر صعوبة و ليس هذا ما نريد.

استطلعت الاميرة ذات الهمة رأي باقي القادة، فرأتهم يجمعون على الاستعجال في الهجوم ،فقالت :

ـ إذا كان لا بد من ذلك فلنتحرك قبل فوات الأوان ،و لا أعتقد أن الخليفة لن يعجبه نصر بلاد الإسلام ..

نزلت الاميرة من القلعة بعد ان استكشفت جوانبها و أجنحتها و سراديبها و سجونها و أطلقت من بقي مهملا من الأسرى و السجناء ، ثم طلبت من القادة ترك السفن الحربية على الشاطئ.

و أن يستعدوا لاكتساح الجزيرة و تمشيطها كلها ، و بالفعل تحركت الجنود في الحال ، و كان الخبر قد وصل الى قائد الجزيرة فأعد عدته للمواجهة و الدفاع عن عاصمته ..

و بينما كان جيوش المسلمين بقيادة الأميرة ذات الهمة تتقدم و هي تستكشف المكان، كان المالطينيون يهاجمون الجيش بشكل متفرق على شكل مناوشات جانبية من أجل إضعافه ، و كانوا غالبا ما يقومون بذلك في الليل فيقتلون بعض الجنود أو يسرقون بعض الجياد ، كما نصبوا الخنادق و الفخاخ في الطريق ليعيقوا تقدم الجنود ، لكن دربة جيوش ذات الهمة و خبرتهم في فك الكمائن و كشف الفخاخ ،جعلتهم ينجون من الكثير منها و ينطلقون في مسيرهم لفتح عاصمة الجزيرة ..

والآن ها هم قد وصلوا إلى المدينة، و قد أوصدت دونهم الأبواب ، فاستدعت الأميرة فرسان المنجنيق ، و المتسلقين على الأسوار و الشطار و العيارين، و أمرت فرسان النبال برمي السهام النارية إلى وسط المدينة ، و كان فرسان الروم قد تراصوا فوق الأسوار و استعدوا لرمي السهام على المهاجمين .

و عندما بدا المنجنيق في ضرب الاسوار بدا الروم في اطلاق السهام و حاول المسلمون اختراق الاسوار، فلم يستطيعوا في البداية و عادوا الى اعقابهم ،و في المرة الثانية نفق منهم عدد من الفرسان تحت وابل السهام ،و في المرة الثالثة كان ضرب المنجنيق شديدا ، حتى أن الاسوار لم تصمد لضرباته ، و ظهرت منها كوات تسلل منها شجعان الجنود و الفرسان ودخلوا المدينة ، كما ان الأبواب انهارت بعد ذلك في الحين ، فدخل منها من تبقى من الجنود ،فصارت المعركة وسط المدينة أما ما كان من أمر حاكم المدينة فلما علم بأنها النهاية تحصن بالكنيسة ، فأمنته الأميرة على نفسه و لم تمسسه بسوء ، و ابرمت معه معاهدة صلح على أن تكون حقوقه مضمونة و حقوق أهل الجزيرة في الأمن و الأمان على أن يسلموا للخليفة الجزية كما جرت العادة ..

و سرعان ما استسلم جميع الروم و انتصر المسلمون و صارت الجزيرة كلها تحت إمرة الأميرة ذات الهمة ..

Facebook Comments

يمكنك ايضا ان تقرأ

RADEEMA تعلن عن إغلاق الملحقات التجارية بمراكش يومي الجمعة والسبت