الحكاية 14 من حكايات الأميرة ذات الهمة .. فتح القلعة

الحكاية 14 من حكايات الأميرة ذات الهمة .. فتح القلعة

- ‎فيفن و ثقافة
166
6

 

د محمد فخرالدين

قال الراوي :

و بينما هن في نقاش و جدال، سمعتا الجلبة و الصياح و استعجال الجنود و الرجال، و اذا بباغة تتساءل عن ما حدث و صار، و أرسلت في طلب قائد الحرس فحضر في الحال ، فسألته عن الأحوال ،فقال لها :

ـ مولاتي الامر في غاية الخطورة ، انهم الصقالبة هجموا على القلعة و هم يحاصرونها بسفنهم و يحاولون التسلل إلى الداخل و نحن نحاول بكل قوانا ان نصدهم عنها ..

انزعجت الأميرة باغة مما يحدث حتى أنها لم تعد تهتم بأمر الأميرة ، ثم إنها حملت سلاحها و التحقت بجنودها على الأسوار ..

ثم إنه حدث فزع شديد في القلعة ، و لم يعد يهتم احد بالأسرى فاستغلت الاميرة الحال ، و خلصت نفسها من الأصفاد الثقال ، و بعد ذلك خلصت رفيقاتها ، و طلبت منهن ان يتبعنها دون خوف او وجال، و أن يقمن بما تقوم به ، ثم انهن انطلقن الى إحدى نوافذ القلعة التي تطل على البحر فقذفت الاميرة بنفسها أولا رغم العلو الشاهق، ثم إن رفيقاتها قذفن بأنفسهن بعدها إلى البحر، ثم سبحت الاميرة ذات الهمة برشاقة في اتجاه سفن المسلمين حتى وصلت إليها تتبعها رفيقاتها ..

فلما رآها قادتها حمدوا الله على سلامتها ، فأخبرتهم بما كان من باغة و عن خيانتها لها و غدرها بها ، وأنه لا بد من فتح القلعة في الحال و سقي باغة كأس الوبال ، و طلبت من ثعلبة بن الحصين التقرير عن الأعداء ، فبلغها بما تشاء ..

وكان الصقالبة في هذا الوقت لا زالوا يحاصرون القلعة عندما أعطت الاميرة ذات الهمة اوامرها للقادة بالإحاطة بالقلعة من كل الجهات ، فلما رأى الصقالبة سفن المسلمين قادمة ، ارتعبوا من عددها و فكوا الحصار و ساروا في البحر لا يلوون على شيء ..

و حاصرت الاميرة ذات الهمة اسوار القلعة و طلبت من باغة النزول و القتال أو الاستسلام دون جدال، فهذه المرة لا يمكنها الانخداع منها بالأقوال ، و امرت الجنود ان يكونوا مستعدين لأي احتمال ، فالحرب عزيمة و رجال و لكنها أيضا خدعة و احتيال ..

و لم تمض إلا مدة وجيزة حتى نزلت الاميرة باغة من قلعتها الى البحر محاطة بسفنها المعبأة بالجنود معلنة الحرب و الدمار ، و الويل و البوار، قاصدة الأميرة ذات الهمة ..

فطلبت منها الأميرة ذات الهمة المبارزة والنزال ، و إلا أنها ستهجم على سفينتها بالفرسان و الأبطال ، و تدخل القلعة على كل حال و لو تطلب منها الامر تسلق أسوارها بالسلالم و الحبال ..

لكن الاميرة باغة لزمت مكانها و طلبت من فرسانها إطلاق النار الإغريقية ، فاجابت السفن الاسلامية في الحال ، و جرت معركة حربية طاحنة بينهما استعملت فيها أولا المدافع المحملة بالبارود و كرات الحديد ، و المسامير، و اغدق النبالون سهام نبالهم الحادة كوابل المطر على الجنود في كل اتجاه ، فصارت القتلى تسقط من السفن الى البحر مأدبة للحيتان و كلاب البحر الذين يطوفون في المكان ، و الجرحى تحاول أن تتعلق ببقايا السفن الغارقة ، و كثر الصراخ و الصياح في كل النواحي ..

و في الأخير التحمت جنود السفن بالسيوف و بالضرب بالأيدي و الكفوف ، و كان المسلمون قد استرجعوا غلبتهم ، و هجموا على الأعداء في سفنهم و استعملوا الرماح الطويلة و المقاليع في الوصول إلى سفن الأعداء ، و بدأوا يسقون الاعداء الخسوف و يغرقوهم في بحر الخوف ..

و بقي الحال كذلك مدة من الزمان و الرجال بين اتصال و انفصال، بين طعن بالرماح و ضرب بالسيوف ، و قد اختلطت زرقة البحر بالدماء ، و زاد عدد الغرقى من السفن المصابة حتى سدوا البحر و رماهم الموج على الصخور و على الاسوار ..

و لما أذنت الشمس بالرواح على السهول و البطاح ، كانت المعركة قد انتهت و حسمت لصاح المسلمين فصاحت الاميرة ذات الهمة صيحة الانتصار فأجابها جنودها و قادتها بالتكبير و الشكر للعلي القدير ..

و هرب من تبقى من جنود باغة و لم تنجح محاولتهم الاحتماء بالاسوار و الرجوع الى القلعة، لكن هيهات فقد اغلقت عليهم سفينة الاميرة ذات الهمة منافذ الرجوع او العودة ،و كل من حاول العبور كان نصيبه الموت الزؤام ، اما عن الاميرة باغة التي كانت تنوي الفرار و الرجوع الى بلاد الروم ،فقد ادركتها سهام المسلمين و ماتت غريقة تحت أسوار قلعتها ..

ثم دقت طبول الانتصار و فرح المسلمون كل الفرح ، و استقبلوا قائدتهم الاميرة ذات الهمة بالتهليل و التكبير..

و انتهت المعركة بفتح الاميرة ذات الهمة لقلعة الاميرة باغة و من تم اصبح من اليسير فتح كل جزيرة مالطية ، فلقد كانت القلعة هي حارسة الجزيرة و كل الجنود كانوا متحصنين بها ..

Facebook Comments

يمكنك ايضا ان تقرأ

RADEEMA تعلن عن إغلاق الملحقات التجارية بمراكش يومي الجمعة والسبت