“كلامكم” تنشر ملخص تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان حول احتجاجات الحسيمة

“كلامكم” تنشر ملخص تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان حول احتجاجات الحسيمة

- ‎فيسياسة, في الواجهة
163
0

كلامكم

مقدمة التقرير
يشكل تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان حول احتجاجات الحسيمة، الذي طال انتظاره، والذي تمت المصادقة عليه خلال جمعيته العامة الثانية، ثمرة أشهر طويلة ومضنية من الاشتغال سواء على مستوى التحريات أو على مستوى التحقق من المعلومات وتقاطعها. وذلك من خلال الوثائق، وأشرطة الفيديو، والاجتماعات وجلسات الاستماع، والشهادات، والتقصي، والزيارات المتعددة التي قام بها فريق المجلس من أجل تقديم تقرير شامل ومحايد وموثق، التزاما بدوره كضمير لدولة الحق والقانون.
يهدف هذا التقرير، الذي تمت صياغته ما بين نونبر2019 ومارس 2020، إلى تقديم قراءة حقوقية لما جرى خلال الاثنى عشر شهرًا من الاحتجاجات التي عرفها إقليم الحسيمة. ويركز، في إطار مقاربة مفتوحة وشفافة، على الممارسات المتعارضة مع مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان التي تمكن المجلس من إحصائها، سواء من طرف السلطات أو من جانب المواطنين.
لن يكون من باب المبالغة أو الخطأ القول أن احتجاجات الحسيمة، والتي جاءت في سياق فريد، يتجلى في الصعوبات التي واجهتها عملية تشكيل الحكومة، قد مثلت حدثًا استثنائيًا في الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية للمغرب الحديث؛ سواء من خلال مدتها أو حجمها أو انعكاساتها. لكن يعتبر المجلس ان احتجاجات الحسيمة، تميزت قبل كل شيء، بمحتوى تعبيراتها البارزة.
بمناسبة هذا التقرير، يتطرق المجلس وبطريقة مفصلة، إلى ادعاءات التعذيب وسوء المعاملة التي أثيرت في هذا الملف الذي شهد العديد من التحولات والاهتزازات، وقد حرص المجلس على الكشف عن مجموع المعلومات التي يتوفر عليها بهذا الخصوص.
هذا، ويعالج هذا التقرير العديد من القضايا التي لم يسبق التطرق إليها من قبل، والتي تشمل تحليل الأخبار المضللة أو الزائفة «fake news » ولكن أيضا، خطاب الكراهية والعنف الذي ظهر على هامش الاحتجاجات.
إضافة إلى ذلك، مكّنت مبادرة الاستقبال والإنصات والتفاعل، التي اعتمدها المجلس، مع أسر وأقارب المعتقلين إلى تملك أفضل لأشكال وسير الاحتجاجات والاعتقالات التي تلتها من جهة، وتعزيز فهم أساليب ومسارات الاحتجاجات والاعتقالات التي نجمت عنها من جهة ثانية، ودعم عائلات المعتقلين بشكل مستمر وحسب خصوصية كل حالة، من جهة أخرى.
وبالموازاة مع ذلك، مكنت شهادات عناصر من القوات العمومية الذين أصيبوا بجروح أو عانوا من آثارها، من إلقاء الضوء على زاوية ظلت، لحد الآن، غير معروفة أو تم تجاهلها من قبل المواطنين. أما الباعث على هذه المبادرة فيتجلى في ضرورة تقييم وقياس كل الوقائع أو الادعاءات أو الاتهامات في إطار مقاربة موضوعية، بمنظور يتساوى فيه الجميع بغض النظر عن الوضعية أو القناعة أو الرأي أو المعتقدات. كل ذلك من أجل تسليط الضوء، بشكل حصري ومخلص على مجمل المميزات التي جعلت من احتجاجات الحسيمة حدثًا لا نظير له في سياقات حقوق الإنسان بالمغرب.
علاوة على ذلك، اعتبر المجلس أن من الحصافة إدماج العديد من الأجزاء التركيبية بخصوص الاجتهادات القضائية الدولية في مجال حقوق الإنسان في هذا التقرير، إذ أن هذا الجهد، الذي يدخل في إطار صلاحيات المجلس بخصوص تعزيز ثقافة حقوق الإنسان والتوعية بالمواضيع المتعلقة بها وبالديمقراطية بشكل عام، اعتبر ضروريًا، ليس فقط لأغراض ديداكتيكية، بل أيضًا لإعطاء المواطنات والمواطنين نظرة عامة حول معايير ومنهجية عمل المجلس، حيث تظل المعرفة أفضل سلاح في بناء دولة الحق والقانون وأفضل ضمان لبناء مجتمع ديمقراطي.
وختاما، إن حضور مطالب الذاكرة والهوية، التي ميزت، في جزء لا يستهان به، مطالب الاحتجاجات يسائل المجلس بقوة، نظرا لمهمته المتعلقة بمتابعة تنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، ولكن أيضا نظرا للأبعاد غير المسبوقة التي اتخذتها.
يأمل المجلس، إذن، من خلال هذا التقرير تقديم ما يكفي من المعلومات والتوضيحات والتأملات لتمكين القارئ من صياغة رأيه الخاص بشأن الأحداث الأليمة التي شهدها إقليم الحسيمة، والتي طبعت تاريخ الحركات الاحتجاجية في بلدنا.
1. تحديد مفهوم «احتجاجات الحسيمة»
تداولت التقارير الحقوقية والتغطيات الصحفية مفاهيم متعددة للتعبير عن ما وقع في الحسيمة خلال الفترة الممتدة من أكتوبر 2016 إلى أكتوبر 2017. ومن أهم هذه المفاهيم أحداث الحسيمة وحراك الريف واحتجاجات الحسيمة. ويستعمل التقرير مفهوم «احتجاجات الحسيمة»، وذلك بناء على ما يلي:
1. يستوعب مفهوم “أحداث الحسيمة” العديد من الدلالات، فقد يعني كل ما يقع، وبإطلاق. وقد يعني كل ما يقع في فترة زمنية محدودة. أي أن الحديث عن الحدث يعني معاينة بدايته ونهايته في فترة وجيزة. كما قد يعني، بالإضافة إلى ذلك، نوعا من الجدة أو الكثافة فيما وقع؛ كما في التعبير (فلان خلق الحدث). كما أن الحدث قد يعبر على ما هو سلبي كما يعبر عما هو إيجابي، فمثلا، بشاعة الجريمة وتحطيم الرقم القياسي، كلاهما يخلقان الحدث.
وبما أن مقاربة المجلس لما جرى في اقليم الحسيمة تعتمد على منظومة حقوق الإنسان والاجتهادات القانونية والقضائية ذات الصلة بالتظاهر السلمي، فان عبارة “احداث الحسيمة” لن تفي، بشكل كاف، بتحديد ظروف وملابسات وحجم ما جرى من وقائع.

2. أما مفهوم “حراك الريف ” فيكتنفه الغموض لسببين أساسيين:
• من الناحية اللغوية يستعمل «الحراك»، من فعل تحرك، بشكل مجازي، دون أن يسعف على تحقيق الدقة والضبط المطلوبين في تقرير حقوقي. كما أنه متشبع بشحنة ايديولوجية وسياسية عالية تجعله يعكس موقفا مسبقا من الوقائع التي يسعى التقرير لتوصيفها إلى جانب أنه يستعمل حراك بفتح الحاء وحراك بكسر الحاء دون تمييز.
• أما السبب الثاني، فيتجلى في أن كلمة الريف لا تؤدي وظيفتها كظرف مكان بشكل دقيق للوقائع المراد توصيفها. ومع أن هذه الوقائع حدثت في إقليم الحسيمة الذي يعتبر جزءا من منطقة الريف، فإن استعمال “الكل” (أي الريف) للدلالة على “الجزء” (أي الحسيمة)، يفتقر إلى مسوغات منطقية في هذه الحالة. كما أنه ينطوي على تعميمات غير موضوعية ويبالغ في تضخيم المجال الجغرافي لما حدث.
3. تأسيسا على ما سبق، فإن عبارة «احتجاجات الحسيمة» هي التي تضمن أكبر قدر من الدقة والموضوعية. فمفهوم الاحتجاج يعتبر أحد ركائز حقوق الانسان حيث نجد أن “حريات الاجتماع والتجمهر والتظاهر السلمي وتأسيس الجمعيات والانتماء النقابي والسياسي مضمونة” كلها تدخل ضمن الاحتجاج. وعليه فمفهوم «احتجاجات الحسيمة»، كما يستعمل في هذا التقرير يتمظهر في الاجتماعات والتجمهرات والتظاهرات السلمية أو الاحتجاجات التي عرفت طابع عنيف. وسيطلق التقرير على بعضها عبارة “أعمال شغب” (Les émeutes) وذلك لحدة العنف الذي عرفته.
2. كرونولوجيا احتجاجات الحسيمة: 28 اكتوبر 2016- أكتوبر 2017
بدأت احتجاجات الحسيمة مع بدء مساءلة المسؤولين على وفاة السيد محسن فكري “مضغوطا” في آلة ضغط النفايات. ثم توالت الأحداث والوقائع وصولا إلى الاحتجاجات التي دامت، في شقيها السلمي والعنيف، حوالي سنة.
I. التظاهر السلمي
توصيف احتجاجات الحسيمة بالتظاهر السلمي من أكتوبر 2016 إلى مارس 2017. وذلك بتحديد العناصر التالية:
أ‌. المدة: دامت التظاهرات السلمية حوالي ستة شهور. وهي من أطول المدد التي سجلها تاريخ الاحتجاج السلمي في المغرب.
ب‌. الوقت: نظمت الاحتجاجات السلمية بالليل كما بالنهار. وقد شجع على التظاهر ليلا تزامن الاحتجاجات مع شهر رمضان.
ت‌. المسيرات: جابت المسيرات السلمية العديد من الشوارع. وقطعت كل واحدة منها مسافات طويلة دون وقوع أي حادث.
ث‌. طقطقة الأواني: لأول مرة يتم التظاهر (خلال شهر ماي) بالطرق على الأواني المنزلية من السطوح وشرفات المنازل.
ج‌. اللباس الأسود: نظمت مسيرتان للنساء باللباس الأسود، واحدة ليلا والثانية نهارا، مطالبة «بوقف مداهمات المنازل» وداعية الى «احترام حرمة البيوت» وإطلاق سراح المعتقلين وتحقيق المطالب.
ح‌. التحاق بعض المواطنين من مدن المناطق المجاورة، دون أن يؤدي ذلك إلى أي إخلال بالأمن أو تدخل من طرف القوات العمومية؛
خ‌. تم تنظيم وقفة احتجاجية ببوكيدارن تحولت إلى مسيرة دون حضور القوات العمومية.
II. العنف والرشق بالحجارة
يمكن القول أن أعمال العنف بدأت بعد أول محاولة اعتصام بنصب الخيام بساحة محمد الخامس حيث خلف تفريقها إصابات مختلفة. وبعد ذلك توالت أعمال العنف التي استعمل فيها الرشق بالحجارة والمقالع وإضرام النار أحيانا. وقد تميزت الاحتجاجات العنيفة بما يلي:
1. غالبا ما كانت أعمال العنف تحدث نتيجة لرفض تنفيذ نداءات تفريق التجمهرات، وأحيانا بعد الرشق بالحجارة؛
2. في الكثير من الأحيان كان المحتجون الملثمون هم الذين يبادرون إلى استعمال العنف؛
3. في الكثير من الأحيان كانت أعمال العنف تخلف إصابات في صفوف القوات العمومية؛
4. في إحدى الاحتجاجات انسحبت النساء من مقدمة الاحتجاج، ليتركن مكانهن للملثمين الذين بادروا بالرشق بالحجارة؛
5. كانت اعمال العنف تنتهي بإصابات متفاوتة وكانت تتخللها توقيفات واعتقالات، بما في ذلك إيقاف القاصرين؛
6. عرفت مظاهرات التلاميذ بكل من امزورن وبني بوعياش وبوكيدارن ومنطقة بوسلامة مواجهات عنيفة، أدت إلى إصابات واعتقالات (خلا شهر فبراير)؛
7. حاصر محتجون مروحية تقل وزراء ومسؤولين بمنطقة إساكن، ومنعوها من الإقلاع ورشقوها بالحجارة؛
والملاحظ أنه في شهر يونيو توالت الوقفات والاحتجاجات بشكل يومي تقريبا. كما تميز شهر يوليوز بتصعيد الاحتجاجات وتعدد المبادرات الحكومية والمدنية.
III. العنف الحاد
إضافة إلى الأضرار الناتجة عن الرشق بالحجارة دون تماس أو ما يقارب التماس، بين المحتجين والقوات العمومية، شهدت احتجاجات الحسيمة أعمالا عنف حاد، خصوصا في حالات التماس. ويمكن تقسيم حالات العنف الحاد بين:
 تلك التي نتجت عن المواجهة بين المحتجين والقوات العمومية؛
 وتلك التي نتجت عن هجوم مفاجئ على رجال القوات العمومية، دون سياق الاحتجاج.
وسجلت أعمال العنف الحاد أكثر الإصابات خطورة وأكثر الخسائر تكلفة. فعلى صعيد الإصابات أدت إلى العجز الدائم عند بعض رجال القوات العمومية. وعلى الصعيد النفسي والاجتماعي شكلت أعمال العنف الحاد صدمات عميقة ووسمت العلاقات الاجتماعية بشكل مزمن أحيانا. ولعل أكثر الأحداث تشبعا بالعنف الحاد هي الحالات التالية:

1) إحراق الإقامة 26مارس 2017
تجمع بعد زوال يوم 26 مارس 2017 ، عدد من التلاميذ من مدينة بني بوعياش وإمزورن وتماسينت بالقرب وانطلقوا في مسيرة باتجاه مدينة الحسيمة، وهناك بدأ رشق القوات العمومية بالحجارة. وتواصلت المسيرة إلى مدينة بني بوعياش المجاورة لمدينة إمزورن، مع الرشق بالحجارة تجاه سيارات القوات الأمنية. ثم ارتفع عدد المتجمهرين بشكل كبير، وقام عدد منهم بالهجوم على مقر إقامة عناصر القوات العمومية بإضرام النار أولا بحافلة النقل باستخدام الزجاجات الحارقة وإضرام النار في سيارة الشرطة وشاحنة كانت تحمل أمتعة عناصر الدعم. كما سمع ذوي انفجار قنينات الغاز بنفس الإقامة.
نتج عن هذه الأحداث العنيفة حروق وكسور وإصابات متفاوتة الخطورة، إضافة إلى وقوع العديد من رجال الشرطة من أعلى سطح البناية عند محاولتهم النجاة. ولم يتوقف الهجوم إلا بعد حضور وتدخل القوات العمومية.
2) الاحتجاج على محاولة اعتقال السيد ناصر الزفزافي
في يوم (26 ماي 2016 )، وأثناء محاولة اعتقال السيد ناصر الزفزافي تمت مواجهة عناصر الشرطة من طرف مجموعات من الأشخاص. ولم تكن مظاهر للعنف بادية في البداية. وكانت أغلب الأزقة شبه فارغة، لكن السطوح كانت مملوءة بالناس. وحوالي الساعة الثالثة بدأت أعمال العنف والرشق بالحجارة من أسطح المنازل، وقد كان عدد المتظاهرين كثيرا، ذكورا وإناثا كبارا وصغارا، وكان البعض ملثما. وبدأ رمي الحجارة من فوق الأسطح.
3) احتجاجات 20 يوليوز 2017
أكدت الإفادات ان احتجاجات 20 يوليوز 2017 عرفت في أغلبها تجمع عدد من المتظاهرين في عدة أحياء من المدينة وتخللتها أعمال عنف من طرف المتظاهرين واستعملت فيها وسائل متنوعة تركت إصابات متفاوتة الخطورة ومتنوعة على مستوى عناصر الشرطة، ومنها الاحتجاجات العنيفة بحي سيدي العابد، وقرب مستشفى محمد الخامس، ومنطقة بوجيبار، وحي أفرار.
• الاحتجاج بحي سيدي العابد
خرج عدد من المحتجين بحي سيدي العابد. وكانت النساء يتقدمن المتظاهرين، ومن الجانب الآخر، كانت الشرطيات يتواجدن أكثر في المقدمة، بينما ينتشر باقي عناصر الشرطة الذكور في الخلف. وحضر العميد ونادى ثلاث مرات وأخبر المتظاهرين بضرورة احترام القانون والتفرق.
وبعد ذلك جاء أزيد من 200 شخص من جهة أخرى وانضموا للمتظاهرين وكانوا ملثمين وبدأوا يرشقون عناصر الشرطة بالحجارة، وتراجعت النساء اللواتي كن في المظاهرة. واستمر المتظاهرون في الرشق بالحجارة والضرب بالعصي، واستمرت أعمال العنف إلى ساعة متأخرة من الليل.
• الاحتجاجات قرب مستشفى محمد الخامس بالحسيمة
عرفت مدينة الحسيمة أحداث عنف في يوم 20 يوليوز 2017، حيث أكدت الإفادات أنه تجمع عدد من المتظاهرين قرب مستشفى محمد الخامس، حيث وضع المحتجون متاريس وأحجار كبيرة وحاجزا حديديا، وعجلات مطاطية، وعمدوا إلى كسر مصابيح الإضاءة في الشارع العام. وفي حدود الساعة العاشرة والنصف ليلا، حضرت عناصر الشرطة لتفريق المتظاهرين، فبدأت أعمال العنف.
وقد كان أغلب المحتجين ملثمين وتمركزوا في أعلى الشارع حيث توجد الأزقة والمنافذ بينما عناصر الشرطة في الأسفل، وبدأوا يرشقونهم بالحجارة. فأصيب عدد من العناصر بإصابات مختلفة وبجروح وكسور متنوعة.
• احتجاجات بمنطقة بوجيبار
فوجئت عناصر القوات العمومية بعدد من المتظاهرين (حوالي 300 شخص) وضمنهم أشخاص ملثمون، قاموا بإغلاق الطريق بالأحجار، وحاصروا سيارة الشرطة والعناصر التي تواجدت بعين المكان، حيث كان المتظاهرون في أعلى الطريق وعناصر الشرطة في الأسفل. ثم بدأوا يرشقونهم بالحجارة بشكل مكثف، واستمروا في أعمال العنف، وواصلوا الاعتداءات فأصيب عدد من عناصر الشرطة إصابات بليغة وأغمي على بعضهم.
• احتجاجات حي أفرار
في حي أفرار قرب المستشفى. بدأت الهتافات، فقامت عناصر الشرطة (حوالي 20)، بتكوين حاجز أمني لأن عدد المتظاهرين كان قليلا. لكن سرعان ما تكاثر عددهم ليصل تقريبا إلى 200 متظاهر وضمنهم نساء، وفي الصفوف الأمامية أشخاص ملثمون، وجاء العميد لإنذارهم بضرورة التفرق، وفي تلك الأثناء بدأوا يرشقون بالحجارة مستعملين “المقالع” محاولين إلحاق الضرر بالعناصر الأمنية. ورغم توفر أدوات التدخل كانت التعليمات تقتضي بعدم استعمال القوة، لكن لما استفحل الأمر وبدأت الإصابات في صفوف عناصر الأمن تم استعمال القنابل المسيلة للدموع، واستطاعت إحدى سيارات الإسعاف الوصول إليهم لنقل المصابين، نظرا لأنهم كانوا يعترضونها.
• احتجاجات ظهر مسعود
تم تنظيم وقفات احتجاجية بحي “ظهار مسعود”، تخللتها أحداث عنف وشغب. وعلى إثرها تدخلت عناصر الشرطة لإيقاف بعض المحتجين. وتم وضعهم داخل سيارتي الشرطة لنقلهم إلى المفوضية. غير أنه ونتيجة أعمال إضرام النار ووضع المتاريس والحواجز، وبعد محاصرة السيارة وهي عالقة واستمرار الهجوم وأعمال العنف، أطلق الشرطي ثلاث أعيرة نارية من مسدسه الوظيفي اتجاه الأرض. وبعد استمرار التهديد الوشيك، ورغبة في مساعدة زميله أطلق نفس الشرطي رصاصتين أخرتين تحذيريتين في الهواء لتخليصه من قبضتهم.
أسفرت هذه الاعتداءات على إصابة عدد كبير من موظفي الشرطة من بينهم الشرطي مطلق الأعيرة النارية التحذيرية وزميله سائق السيارة برضوض بأنحاء مختلفة من جسديهما، كما أصيب الشخص الموقوف (م. و. ) داخل السيارة بدوره بجروح نتيجة الرشق بالحجارة. على إثرها أصيب السيد عماد العتابي بشظايا الرصاصة المرتطمة بالأرض.
في شهر غشت أعلن بلاغ للسيد الوكيل العام للملك عن وفاة السيد عماد العتابي. وقد عرفت مراسيم دفنه مواجهات عنيفة بين القوات العمومية والمحتجين بأحياء بوجيبار، حي مرموشة، حي أفرار، حي ميرادور، منطقة كورنيش صباديا وشارع الحسن الثاني. وتم إحراق سيارة تابعة للأمن الوطني. بالإضافة إلى العديد من الإصابات والاعتداء على الممتلكات.
4) شاطئ صباديا 09 غشت 2017:
حوالي الواحدة بعد الزوال، تمركز 8 من عناصر الشرطة بالقرب من مدخل كورنيش “صباديا”. وحوالي الساعة العاشرة ليلا، فوجؤوا بمجموعة من الأشخاص وهي تهاجمهم في سيارتهم، عن طريق رشقهم بالحجارة والأجسام الصلبة. كما حاصروا السيارة بشكل كلي وقاموا بنزع سياجاتها الحديدية الواقية من الجهة الخارجية دون أن يتوقفوا عن رشقها بالحجارة مما أدى إلى تكسير الواقي الزجاجي الأمامي لها.
كما تمكن المتجمهرون من نزع السياج الحديدي الخارجي لسيارة المصلحة المذكورة، قبل أن يتراجعوا إلى الخلف ويبتعدوا نسبيا عن السيارة مواصلين رشقها بالحجارة، مما أتاح لعناصر الشرطة الفرصة لمغادرتها والابتعاد في اتجاهات متفرقة تحت وابل من الحجارة والأجسام الصلبة، واستعمل شرطي الغازات المسيلة للدموع، للحيلولة دون مواصلة المتجمهرين الاعتداء عليهم بالضرب والجرح باستعمال السلاح، حيث تخطى معظم عناصر الشرطة الجدار القصير الفاصل بين الكورنيش وشاطئ “صباديا” وتوغلوا وسط الشاطئ .
تخلل عنف كذلك بين جمهور فريقين رياضيين. ونتج عن ذلك إصابة حوالي 69 بين جمهور ورجال شرطة كما تم تخريب خمس حافلات و12 سيارة منها سيارتين للشرطة.
5) الاحتجاجات المحاذية لمدينة إيمزورن
يوم 3 شتنبر 2017 على الساعة الخامسة بعد الزوال تجمهر عدد من الأشخاص، أغلبهم ملثمين ويحملون السكاكين، بأحد الجبال المحادية للمدينة وكانوا يرددون الشعارات. وعندما نادى العميد بفض التجمهر بدأوا يرشقون رجال الشرطة بالحجارة بكثافة، واثناء مقاومة عناصر الأمن للمتظاهرين أصيب عدد منهم بإصابات مختلفة وجروح وكسور.
وتم رمي أحد العناصر في حفرة وإنهال عليه المتظاهرون بالحجارة وبدأوا يجرونه ويضربه بعضهم بالسكين وأصيب جراء ذلك بجروح ومزقت صدريته الواقية.
استعملت الغازات المسيلة للدموع مرتين إحداهما لتفريق التجمهرات بحيي سيدي عابد وأخرى بشاطئ صباديا للدفاع عن النفس. واللتان عرفتا أعمال عنف وإصابات.
IV. التدابير المتخذة
– بعد متابعة المعنيين بحادثة الحاوية. تشكلت “اللجنة المؤقتة للحراك الشعبي بالريف”؛
– وفي مارس ظهر تطور في لائحة المطالب، كما تم في نفس الشهر إعفاء العديد من المسؤولين من بينهم عامل إقليم الحسيمة ومناديب وزارات التجهيز والصحة والصيد البحري ومدير المستشفى الإقليمي بالحسيمة؛
– وفي أبريل تم إعفاء باشوات بعض الجماعات الحضرية والقروية، وبعض ممثلي السلطات المحلية. وأصدرت محكمة الاستئناف بالحسيمة أحكاما (ما بين 5 و8 أشهر) في حق المتهمين في مقتل السيد محسن فكري وأداء تعويض من طرف شركتي التأمين والنظافة؛
– وبعد أسبوع، اقتحم السيد ناصر الزفزافي مسجد محمد الخامس خلال صلاة الجمعة، وتم إصدار بلاغ الوكيل العام للمك لإيقافه بداعي “عرقلة حرية العبادات داخل مسجد وتعطيلها أثناء صلاة الجمعة”؛
– في شهر ماي، قام وفد وزاري بزيارة للإقليم. وكان يتكون من 6 وزراء ومدير الماء والكهرباء قصد الوقوف على تقدم الأشغال في مشروع الحسيمة منارة المتوسط؛
– وفي متم الشهر أعلن الوكيل العام للملك اعتقال السيد ناصر الزفزافي صحبة عدد من مرافقيه؛
– وفي 25 يونيو صدر أمر ملكي بإجراء بحث في سير المشاريع التنموية وافتحاص مشروع “الحسيمة منارة المتوسط”؛
– إعفاء بعض الوزراء والمسؤولين من مهامهم؛
– في شهر يوليوز تم تنظيم لقاء تشاوري مع فاعلين نظمته الحكومة تحت إشراف وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان. وشارك في اللقاء ممثل عن المجلس الوطني لحقوق الإنسان؛
– وصدر عفو ملكي في 29 يوليوز على (35) معتقلا و(14) حدثا.
معطيات أولية حول ما ترتب عن الاحتجاجات:
– 814 مظاهرة، 340 منها تطلبت تأطيرا خاصا
– تفريق 60 مظاهرة؛ أي أقل من 10% من مجموع المظاهرات
– جرح 788 عنصرا من عناصر القوات العمومية: 178 عنصرا من القوات المساعدة و610 من المديرية العامة للأمن الوطني
– نقلت مصادر إعلامية عن محمد الحسين كروط، محامي المديرية العامة للأمن الوطني في مرافعته أمام محكمة الاستئناف، أن الاحداث خلفت في المجموع 902 ضحية:
– 604 رجال أمن
– 178 القوات المساعدة
– 120 الدرك
– 500 إصابة بجروح جسدية في صفوف القوات العمومية
– معاناة 111 عنصرا من عناصر الأمن من مضاعفات عقلية، منهم 34 عنصرا تحث العناية الطبية النفسية
– الحد الأقصى لمدة العجز الكلي المؤقت: 760 يوما
– عدد الأشخاص الموقوفين: 400 شخصا،
– عدد القاصرين الموقوفين : (129) منهم 45 احتفظ بهم في الإصلاحية و 84 منهم تم تسليمهم لأوليائهم.
– عدد الأشخاص الذين يقضون عقوبة سجنية إلى حدود مارس : 49 شخصا
– الوسائل المستخدمة من قبل الشرطة: الدروع الواقية والهراوات (Tonfas) وقنابل الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه
– نقل محامي الطرف المدني خلال المحاكمة أن الخسائر قدرت:
– أكثر من 25 مليون درهم خسائر مديرية الأمن الوطني
– أكثر من أربعة ملايين درهم بالنسبة للدرك
– أزيد من مليون و160 ألف درهم بالنسبة للقوات المساعدة
– توصلت السلطات بشكايات من 136 تاجر صغير، منهم 56 منهم بمدينة الحسيمة و80 آخرين بمدينة إيمزورن، يطالبون بضرورة حماية النظام العام وذلك من جراء الاضرار الجسيمة التي ألحقت بتجارتهم.
3. المس بحرية العقيدة والعبادة
اقتحام مسجد اثناء خطبة الجمعة
تعتبر أماكن العبادة في كل الأديان، فضاءات تتمتع بتقدير ومعاملة خاصتين. ولذلك يعتبر المسجد مكانا للعبادة والتعبد. كما أن صلاة الجمعة لها خصوصياتها وطقوسها الخاصة والمتمثلة في الخطبتين، والتي لا يجوز بدونهما. فالحقوق الدينية تتضمن حرية العقيدة والعبادة، وهما يحيلان إلى حق الإنسان في أن يختار العقيدة التي يريدها دون إكراه من الغير. كما يحيلان على حقه في أن يمارس العبادة والشعائر الخاصة بدينه، بمأمن من الاستفزاز أو التحرش.
في سياق تواتر احتجاجات الحسيمة، وبتاريخ 26 ماي 2017، اقتحم السيد ناصر الزفزافي المسجد أثناء خطبة الجمعة مقاطعا الإمام ومخاطبا المصلين داخل المسجد. وترتب عن ذلك حرمان المصلين من ممارسة حقهم في صلاة الجمعة، حيث أم بهم الإمام في نهاية المطاف صلاة الظهر (أربع ركعات) عوض صلاة الجمعة، وبالتالي تم حرمانهم من إتمام شعائر خطبة وصلاة الجمعة.

1. مبررات السيد ناصر الزفزافي
لقد اعتبر أن “الإمام يطبل للفساد من أجل “إركاع الريف ومن أجل أن تأتي بطاريق الخليج وتغتصب نسائنا وتغتصب أطفالنا”! كما اعتبر أن “من واجبه” تقويم “اعوجاج” الإمام، سيرا على نهج عمر ابن الخطاب (رضي الله عنه). وأنه أوقف الإمام لأنه كان “يفتي” ويتفق مع “المخزن لاغتصاب النساء ومحاصرة الشباب من أجل اعتقالهم باسم الدين”. وانتفض” في وجه الإمام، الذي وصفه بـ”الدجال”، لأن حديثه عن الفتنة والاستقرار “أمر خطير”، “يعطي الشرعية للمخزن من أجل القمع” وأن اللجوء إلى الأئمة والمساجد جاء بعد “فشل” اللقاء مع المنتخبين، الذين وصفهم بـ”الخبثاء”. واعتبر أن الهدف من وراء ذلك هو “محاصرة الاحتجاجات”.

2. ما ترتب عن الاقتحام
إثر هذه الواقعة، وفي نفس اليوم، أمر الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالحسيمة بإيقاف السيد ناصر الزفزافي بداعي “عرقلة حرية العبادات داخل مسجد وتعطيلها أثناء صلاة الجمعة. واعتبرت النيابة العامة، في بيان لها عقب ذلك، أن “المعني” أقدم على منع الإمام من إكمال خطبته، وألقى داخل المسجد خطابا تحريضيا أهان فيه الإمام” وأنه “أحدث اضطرابا أخل بهدوء العبادة ووقارها وقدسيتها”.
ومن جهتها استنكرت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية “الإخلال بالتقدير والوقار الواجبين لبيوت الله أثناء صلاة الجمعة”، ” مما أفسد صلاة الجمعة وأساء إلى الجماعة”. واعتبرت أن ذلك “فتنة كبيرة” وأن الحدث يمثل “تصرفا منكرا” في بلد يحيط العبادات وطقوسها بأكبر قدر من الإجلال والتعظيم والوقار.

3. المرتكزات الحقوقية
بخصوص هذه الواقعة، فإن الأمر لا يتعلق بنقاش عمومي وبفضاء من الفضاءات العمومية، حيث تتواجه الآراء والمواقف محتكمه إلى الحجة والبرهان. بل نحن أمام شعيرة تعبدية، لها دلالتها القدسية، يمارسها المؤمنون بها. وإذا حدث وكان خلاف أو اختلاف حولها، فمكان التعبير عنه في الفضاء العمومي، إذ لو اكتفى السيد ناصر الزفزافي بانتقاد الخطبة خارج المسجد، لكان يمارس حقه المشروع في حرية التعبير. لكنه باقتحامه للمسجد، يكون قد اعتدى على حق الذين كانوا بالمسجد في ممارسة حرية تعبدهم وحريتهم الدينية. ولذلك فإنه قد خرق حقهم في ممارسة شعائرهم.
وقد أناطت النصوص الدولية بالسلطات العمومية، مسؤولية حماية أماكن العبادة، من كل فعل من شأنه أن يعرقل سيرها، ويؤثر على طمأنينة المتعبدين. ونظرا للترابط بين الحق في حرية الاعتقاد وحرية ممارسة العبادة، فقد اعتبرت حماية أماكن العبادة، ضمانة لحماية الحق في الاعتقاد والعبادة.

4. تجريم المس بحريات العبادة
يمثل فعل اقتحام المسجد وتوقيف خطبة الإمام خرقا لحرية العبادة وحماية فضائها. وقد اعتبرت مختلف النصوص ذات الصلة، أن حرية العبادة مكون أساسي من مكونات الحريات الدينية.
واطلعنا على العديد من الحالات المماثلة وكيف تفاعل معها القضاء، مثل حالة 3 نشطاء اقتحموا كنيسة كولون بألمانيا، في غشت 2012 تضامنا مع المعتقلات من حركة ” بوسي ريوت ” بروسيا، فتمت متابعتهم وإدانتهم. وحالة إليوزبوتون – Elois Bouton، و هي ناشطة من حركة ” فيمن ” النسائية، التي اقتحمت كنسية المادلين بباريس في دجنبر 2013. ورغم أن مبرر الاقتحام هو التعبير عن رأي متعلق بانتقاد موقف الكنيسة من حرية الإجهاض، فقد أدانتها المحاكم الفرنسية بمختلف درجاتها.
وأكدت المحكمة الأوروبية في قرارها سنة 2015 على ضمان حق المتظاهرين في التعبير وكذلك حق المصلين في أداء شعائرهم وصلاتهم وذلك بأخذ المسافة الكافية ما بين الفضائين (فضاء الصلاة وفضاء التظاهر). فالواضح هنا أن السلطات القضائية لم تعتبر اقتحام الكنائس تعبيرا عن رأي هي ملزمة بنص قوانينها بضمانه، بل رأت الأمر مسا بحرمة مكان للعبادة ولحرية المتعبدين داخله، وهي ملزمة بضمان أمنه.
4. مطالب احتجاجات الحسيمة: وقائع ومآلات
تدخلت العديد من العوامل لصياغة مطالب المحتجين بالحسيمة، التي عرفت وتيرة متصاعدة واختلاف من حيث الاستعداد للحوار من طرف العديد ورفضه من طرف بعض المحتجين. كما أن توظيف الرموز بشكل يبعدها عن معانيها الحقيقية باعتبارها جزءا لا يتجزأ من الهوية المغربية المتعددة والغنية بمختلف روافدها الثقافية.
وسنعمل على تفصيل العديد من الملابسات التي صاحبتها، بما في ذلك أنواعها وتطور محتوياتها وأشكال تقديمها وتصنيفها والنتائج المترتبة عنها.
أولا: مطالب احتجاجات الحسيمة
عبر المحتجون في إقليم الحسيمة عن مطالب لا تختلف في غالبيتها عن باقي المطالب ذات الصلة بقضايا اقتصادية واجتماعية وثقافية، المعبر عنها من طرف ساكنة باقي المناطق والجهات بالمملكة المغربية. سواء عبر الأشكال الاحتجاجية التي عرفتها بعض المدن والقرى أو عبر القنوات المؤسساتية المتاحة على المستويين المحلي أو المركزي. وقد همت المطالب مجالات التعليم والصحة والثقافة والصيد البحري والرياضة والفلاحة والصناعة والتنمية والنقل والمواصلات والبيئة والسياحة الحكامة.
إن القول بأن أغلب المطالب تندرج ضمن المطالب المعبر عنها في مختلف مناطق المغرب، يستدعي التدقيقين التاليين:
 لم تأت المطالب متقطعة أو متدرجة وتبعا لأسبقيات، بل جاءت متصاعدة ودون تراتبية؛
 إلى جانب ذلك، فقد رفض الحوار مع المسؤولين؛
وهكذا، فمن حيث التدبير وقابلية المطالب للتنفيذ والإنجاز، يمكن التمييز بين المطالب المعتادة والتي تسمح آليات التفاوض بالتقدم في تحقيقها وتلك التي تتعلق بسوء التدبير والحكامة، وتلك التي تحتاج مساطر خاصة:
النوع الأول: مطالب ذات صلة بسوء التدبير
وهي المطالب التي تعلقت بمشاريع تمت برمجتها أو تأخر تحقيقها أو وقع تماطل في إنجازها أو تم تحويلها.
النوع الثاني: مطالب ذات علاقة بسياسة القرب:
وهي التي تهم مطالب تمت برمجتها والتي لم تنجز على الصعيد المحلي. وكان بإمكان الحوار حولها الوصول إلى تقويم موضوعي للكفاءات المحلية والتقدم في تحقيقها عبر ربط المسؤولية بالمحاسبة؛
النوع الثالث: مطالب تستوجب إعمال مساطر قانونية خاصة:
وتتمثل في المطالب التي تعتمد على قوانين ومساطر محددة، وبالتالي، فإن النقاش حولها لا يمكن أن يتم إلا في إطار خاص متناسب مع خصوصياتها، ويندرج في هذا الإطار مثل نزع الأراضي بسبب المنفعة العامة وعدم تدخل وزارة الأوقاف في الأراضي التي وهبها المواطنون لأغراض دينية والملك الغابوي وتسعيرة الماء والكهرباء.
إن إدراك تنوع مطالب احتجاجات الحسيمة هو الذي يفتح الطريق أمام التقدم في اتجاه تحقيقها (بعضا أو جلا). كما أن تقديمها ككتلة واحدة وبشكل متصاعد يمكن أن يشكل تعبيرا عن الرغبة في عدم التقدم نحو الحل، والرهان على التصعيد، مما أعاق الحوار حول تحقيقها.
ثانيا: تعاطي الدولة مع مطالب المحتجين
إن طريقة تعاطي السلطات العمومية مع المحتجين ليست سوى لحظة ضمن مسار تدبيري يتميز بحضور قوي لإقليم الحسيمة في أجندة السياسة التنموية للدولة خلال العشرنيتين الأخيرتين.
1. إقليم الحسيمة في السياسات العمومية
إن إنجاز المصالحة لم يقتصر على الاشتغال على الذات والتاريخ فقط، فبقدر ما تتطلب إعادة بناء الثقة الاشتغال على الماضي، فهي تستدعي كذلك وبالضرورة مواجهة تحديات الحاضر والمستقبل خاصة فيما يتعلق باضطلاع الدولة بمسؤولياتها في ضمان الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية للمواطنين.
وقد عملت الدولة على إعادة تصحيح مسار التنمية في المنطقة لتدارك الخصاص المهول الذي تعرفه، خاصة قطاعات التعليم والصحة والبنيات التحتية. ويتجلى ذلك بالأساس في المشروعين المهيكلين اللذين تم إنجازهما، وهو ما يؤسس لمقاربة جديدة في التعاطي مع تنمية المنطقة بما يسمح بتدارك ما يسميه البعض ب”الدين التاريخي” للريف على الدولة.
– الطريق الدائرية المتوسطية الرابطة بين جهتي طنجة والسعيدية؛
– برنامج التنمية المجالية “الحسيمة-منارة المتوسط”؛
إلا أن تعثر أغلب هذه المشاريع والاختلالات المسجلة في تدبيرها أدى إلى فتح تحقيق بشأنها بأمر من جلالة الملك محمد السادس وقصد تحديد المسؤوليات، وتفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، وهو ما ترتب عنه قرارات ملكية همت بالخصوص إعفاء بعض الوزراء.
– برنامج تقليص الفوارق الاجتماعية الذي يتوزع على قطاعات الصحة والتعليم والشغل والبنية التحتية بمختلف مناطق الإقليم.
2. تعاطي السلطات العمومية مع مطالب المحتجين
استنتج المجلس بطئ استجابة الحكومة، وبدرجة أقل، الهيئات المنتخبة، فلاشك أن تأخر الحوار مع أعضاء الحكومة وشبه انعدامه مع منتخبي المنطقة لمدة ستة أشهر، قد أثر سلبا على منحى الاحتجاجات، كما أن المحاولات الأولى للحوار لم تعتمد على مقاربة تشاركية.
ويسجل المجلس أن التجاوب الفعلي للحكومة، جاء في فترة كانت الاحتجاجات قد أخذت منحى تصاعديا، فقد جاء على لسان وزير الداخلية، أن جلسات الحوار تعثرت بسبب إلحاح المحتجين على إلغاء “ظهير العسكرة” ورفضهم أي نقاش آخر .
3. النتائج المترتبة عن الاحتجاجات
عرفت سيرورة التفاعل مع المطالب ثلاثة محطات أساسية، هي:
أ‌. محاولات الحوار: تدخلت أطراف رسمية وجمعوية ومدنية من أجل إرساء الحوار، لكن دون جدوى؛
ب‌. الإعفاءات من المسؤولية: إعفاء بعض الوزراء والمسؤولين، بناء على خلاصات التحقيق؛
ت‌. أثر الطابع غير السلمي: عقد الوزراء ومسؤولون لقاءات متعددة مع المنتخبين وفاعلين غير حكوميين، في محاولة لمناقشة المطالب، ومنها:
– في ماي 2016: تعلن وزرارة الداخلية تخصيصها حوالي 200 وظيفة لإقليم الحسيمة؛
– 21 ماي 2017 : زار وفد وزاري يترأسه السيد وزير الداخلية، ويتكون من وزراء الفلاحة والصيد البحري و التجهيز والنقل واللوجستيك والماء ووزير الصحة والتربية الوطنية والتكوين المهني و الثقافة والاتصال والمدير العام للمكتب الوطني للماء الصالح للشرب والكهرباء، من أجل الوقوف على مدى تقدم الأشغال والمشاريع المتعلقة بالتنمية المحلية، خاصة تلك المبرمجة في مشروع “الحسيمة منارة المتوسط”؛
– 12يونيو 2017: زيارة ثانية لوفد وزاري يتكون من وزراء الداخلية والتجهيز والنقل واللوجستيك وكاتبة الدولة لدى الوزارة نفسها، والمدير العام للماء والكهرباء من أجل تتبع انجاز مجموعة من المشاريع وخصوصا مشروع سد غيس ومشروع تحلية مياه البحر؛
4. حول مطلب إلغاء «ظهير العسكرة»
شكل موضوع «ظهير العسكرة» أحد المطالب الأكثر بروزا في احتجاجات الحسيمة، ومفاده أن إقليم الحسيمة يخضع لحكم عسكري. إن فحص المجلس لمختلف المقتضيات الدستورية والظهائر والنصوص القانونية بما يتطلبه ذلك من تتبع تاريخي للأحداث وباستحضار مختلف التأويلات والاجتهادات فضلا عن العناصر الواقعية، جعلت المجلس يخلص، بما لا يدع مجالا للشك إلى أن إقليم الحسيمة يعتبر إقليما عاديا، وهو ما كرسته القوانين التي تعاقبت على تنظيم التقسيم الإداري للمملكة، وهو ما يمكن معه التأكيد إذ أن كل المقتضيات القانونية المتوفرة ألغت ظهير1.58.381.
وبناء على ما سبق يؤكد المجلس عدم وجود نصوص قانونية ولا إجراءات خاصة لتدبير شؤون منطقة الحسيمة تؤشر على أن منطقة الحسيمة تخضع لما يسميه المحتجون “ظهير العسكرة.”
5. حرية التعبير والتجمع
تدخل حريات التفكير والتعبير وتكوين الجمعيات والتجمع في مجال الحريات الأساسية، وترتبط فيما بينها بشكل متفاعل وآني، وتؤثر مباشرة على السيرورات الديمقراطية والتمتع بجميع الحقوق. وهي من الحقوق التي تخضع لبعض القيود، التي قد يؤدي اتقاؤها إلى إمكانية حدوث الاعتداء على الغير.
ولعل أهم الإشكاليات التي تطرحها حرية التعبير تأتي من تحديد نوع القيود كي لا تصل إلى حد منع التمتع بها كحق. ولقد كان العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية واضحا عندما استثنى، منذ البداية، الأعمال العدوانية التي لا ريب فيها. فحظر الدعاية للحرب والدعوة إلى «الكراهية الوطنية أو العنصرية أو الدينية التي تشكل تحريضا على التمييز أو العداوة أو العنف». ولكن المشكلة تظل قائمة عندما يتعلق الأمر بالمدى الذي يحصر فيه التهديد بالعنف. وهل التهديد بالقول يدخل في إطار الحظر أم لا؟
فإذا كانت حرية التعبير تشكل أساس الممارسة الديموقراطية، فإن الكراهية والعنصرية يشكلان الأساس لاستبدالها بالاستبداد. لذلك بات من الضروري أن «يشمل (المنع) جميع أشكال التعبير التي تنشر الكراهية العنصرية أو كره الأجانب أو معاداة السامية أو غيرها من أشكال الكراهية القائمة على التعصب وتحرض عليها وتروج لها أو تبررها». فالاجتهاد الأنجلو ساكسوني لا يعتبر هذا الخطاب قابلا للحماية، لأن كل خطاب يشجع على العنف والكراهية لا يمكن أن يكون حقا، بل يجب اعتباره جريمة.
1. حرية التعبير
في بريطانيا، يجرم القانون هذا النوع من الخطابات التي يكون من شأنها أن تسبب الذعر أو الضيق أو الخوف لشخص عادي (أي لا يعاني من مخاوف مرضية…). وفي الولايات المتحدة، ورغم التقدير الكبير لحرية التعبير، فقد وضعت القيود عليها، بما في ذلك الكلمات المسببة للعراك (fighting words)، أي المنطوقات (المكتوبة أو الشفهية) التي تحث على العنف والعنصرية. لأن ذلك يدخل في الفعل العنيف الوشيك. ومن ذلك مثلا: خطاب التشهير والافتراء؛ الخطاب الفاحش؛ الكلمات المسببة للعراك؛ التحريض على الكراهية؛ وكل خطاب يمكن أن يتسبب في أضرار جسيمة.
وقد وضعت المحكمة العليا للولايات المتحدة معيار الخطر الواضح والقائم (clear and present danger) كمحدد للمنع. فإذا كان الخطر واضحا وقائما وجب منعه ومتابعة صاحبه. وقد عدل هذا المعيار باختبار براندنبورغ، والذي بني على أساس “العمل غير القانوني والوشيك”. حيث يتضمن ثلاثة عناصر: النية في إلقاء خطاب يحرض على العنف؛ الاحتمال الكبير في ارتكاب أعمال العنف؛ كون هذه الأعمال وشيكة الوقوع. وما يصدق على العنف يصدق على أعمال الشغب أو التواطؤ في التحريض عليها أو تنظيمها أو الترويج لها أو التشجيع عليها أو المشاركة فيها.
أما النقد والاحتجاج، فيظلان محميان حتى ولو كانا موجهين ضد الشرطة أو ينطويان على العدوان والفظاظة، باستثناء الكلمات المسببة للعراك، كما هو الحال بالنسبة للخطابات العنصرية الموجه ضد شخص ما، أو إهانة ضابط الشرطة بالتعبير عن الرغبة في موت والدته، أو شتمه والبصق عليه، فهذه أمور مجرمة.
شجب براندنبورغ محنة “العرق الأبيض القوقازي” على أيدي الحكومة وأدلى بتصريحات معادية للسامية والعنصرية ضد الأمريكيين من أصل أفريقي من خلال التهديد “بالانتقام” من الحكومة الفيدرالية والنظام القضائي في حالة استمرارهما في ذلك. أدين براندنبورغ لأن خطابه عبارة عن الدعوة للجريمة أو للتخريب أو لأساليب الإرهاب غير القانونية كوسيلة لتحقيق إصلاح صناعي أو سياسي.
ولكن المحكمة العليا في الولايات المتحدة ألغت هذه الإدانة، وقضت بأنه لا يمكن أن يستقيم العقاب دستوريا على فعل مجرد من القوة، وعليه فلا يمكن للعقوبة أن تكون إلا على الخطاب الذي يهدف إلى التحريض أو إنتاج عمل غير قانوني فورا أو يحرض عليه أو تنتجه.
2. حرية التجمع
حسب مجلس حقوق الإنسان والاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، يشترط في التجمع لكي يتمتع بحماية القانون أن يكون سلميا وبصفة حصرية. حيث لا وجود لقيود تقيده عدا صيانة الأمن الوطني أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم.
ففي قضية لاشمانكين، أعلنت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أن حماية الحق في التجمع السلمي لا «يشمل التجمعات التي يكون فيها للمنظمين وللمشاركين نوايا عنيفة أو تحرض على العنف أو ترفض أسس أي مجتمع ديمقراطي». وهو نفس ما ذهبت إليه الاجتهادات في قضية ستانكوف والمنظمة المتحدة المقدونية ضد بلغاريا (2001)؛ قضية فابر ضد هنغاريا (2012)؛ وقضية سيس ضد فرنسا (2002).
وتشمل حماية الحق في التجمع السلمي كل التجمعات غير العنيفة التي تُنظم في الأماكن العمومية والخاصة، سواء صرح بها من لدن السلطات أو لم يصرح بها، مع «مراعاة القيود المنصوص عليها في المادة 21 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية». ويشمل هذا الحق مجموعة واسعة من التجمعات، بما في ذلك التجمعات السياسية والاقتصادية والفنية والاجتماعية. كما يمتد الحق أيضًا ليشمل المظاهرات المضادة، على الرغم من أن الدول ملزمة بضمان ألا تنتهك المظاهرات المضادة حق الآخرين في التجمع، كما تلتزم بحماية المتظاهرين من العمل “الاستفزازي لأي عنصر” قد يعيق عقد التجمع.
إذا كان فرض قيود على التجمع السلمي وارد، فإن على القانون أن ينص عليها. وأن «تكون متلائمة مع القيود المشروعة. وبالطبع يجب ألا تدعو للتمييز أو العداوة أو العنف أو الكراهية على أساس وطني أو عنصري أو ديني… ومع ذلك فلا يمكن لهذه القيود أن تخرج عن مبادئ الشرعية والضرورة والتناسب. ويشترط في المنع الصريح للمظاهرة إذا كان ضروريًا، أن يكون له مبرر أكثر إقناعا وبعد استنفاذ البدائل الأخرى. وحتى عندما يتم ارتكاب أعمال «عنف ومخالفات عفوية» من قبل بعض المتظاهرين، فلا يجب أخذ البعض بما قام به البعض الآخر.
لا يتنافى نظام الإشعارات والتراخيص مع حرية التجمع. غير أنه أحيانا ما يخفي هذا النظام وراءه التضييق على حرية التجمع. غير أن هذا النظام يلائم بين حرية التجمع وحقوق أخرى كالحق في التنقل والمتطلبات الأمنية. ومع ذلك تذهب الاجتهادات إلى أنه لا ينبغي منع مظاهرة سلمية عفوية أو مظاهرة فقط لأنها لم تضع تصريحا. ومع ذلك فما زالت العديد من الدول تعاقب على تنظيم تظاهرة غير مصرح بها أو محظورة كفرنسا وبريطانيا العظمى والولايات المتحدة الأمريكية، للأسباب أعلاه. ولا يجب أن تترتب عن عدم التصريح المسبق عقوبة جنائية أو إدارية. غير أن الاصطدامات التي تقع على هامش المظاهرة تخضع للقانون الجنائي.
أما الإخلال بالنظام العام فيصير شغبا عندما تكون هناك مقاومة أو اعتداء أو تهديد لضابط شرطة. وتكون العقوبة أشد على المتزعمين. ففي ألمانيا أو اليابان، يعاقب على أعمال الشغب وإتلاف ممتلكات الآخرين أو تخريبها أو تدميرها بالسجن. ويتم رفع هذه العقوبة عندما ترتكب هذه الأعمال ضد الشرطة أو الدرك، كما تكون عقوبة المشاركة في جماعة مسلحة بهدف التحضير لأعمال العنف أو التخريب أقسى.
أما قرار تفريق المظاهرة فلا يمكن أن يغيب مبدأي الضرورة والتناسب. على أن تراعى الاعتبارات التالية: لا ينبغي أن يكون التصريح المسبق شرطا كافيا لتفريق التجمع؛ لا تعتبر أعمال العنف المعزولة مبررا لتفريق المظاهرة إلا نادراً؛ يلتزم المسؤولون عن إنفاذ القانون بتبليغ وشرح أوامر تفريق المظاهرة بوضوح كافي؛ يجب ترك الوقت الكافي للمتظاهرين كي يتفرقوا، قبل إمكانية اللجوء إلى الوسائل القسرية؛ يجب توفير ظروف المغادرة للأفراد غير العنيفين والمارة المحاصرين، والموجودين في حالة هشاشة أو ضيق دون المساس بشخصهم؛ ويمكن أن تلجأ قوات الأمن إلى القوة في حالات استثنائية ودائما وفق مبدأي الضرورة والتناسب؛ التوفر على المعدات الأقل تسببا في القتل والتي تسمح باللجوء المتنوع للقوة مع احترام مبدأي الضرورة والتناسب وتسمح بالتقليص من الأضرار التي قد تلحق بالمتظاهرين. وفي كل الأحوال لا ينبغي اعتبار المشاركة في التجمهر جريمة ولا ينبغي حرمان أي شخص من حريته تعسفًا، كما يجب تفريد إجراءات الإيقاف والتأكد من أن الموقوف قد قام فعلا بخرق القانون وليس فقط لأنه وجد في مجال التظاهرة.
وينبغي للمنظمين والمتظاهرين تعيين «مخاطبين» حتى يمكن للسلطات الاتصال بهم لتسهيل المظاهرات وضمان الامتثال للقيود المفروضة قانونًا. كما يجب عليهم، قدر الإمكان، إقامة علاقات تعاون وشراكة مع السلطات المختصة وموظفي إنفاذ القانون عند التخطيط لسير المظاهرات. وفي الحالات التي يجب فيها حجز الفضاءات العامة أو في حالة توقع عدد كبير من المتظاهرين، يجب على المنظمين الامتثال لإجراءات الإخطار الطوعي.
3. حرية التجمع والتعبير في احتجاجات الحسيمة
1- حرية التجمع
من بين 814 احتجاج (وأغلبيتها دون ترخيص ولم يتم منع سوى احتجاجين إثنين) وتجمع 40 % من الاحتجاجات تطلبت تأطيرا أمنيا خاصا. و08% منها استعملت فيه القوة بسبب ضرورة النظام العام أو السلامة البدنية أو حرية التنقل. وتمت أولى الاشتباكات بين المحتجين والقوات العمومية في الخامس من يناير 2017. حيث بادر بعض العناصر إلى الرشق بالحجارة. ومنذ اشتباكات 6 فبراير، التي شهدت جرح 54 من رجال الأمن وإلى غاية شهر مارس، تم تنظيم حوالي عشرين احتجاجا دون اشتباكات، إذا استثنينا أحداث الهوليغانز.
وبخصوص المعايير الدولية الخاصة بالحق في التجمع والتعبير، يمكن القول بأن التواصل بين المحتجين والقوات العمومية كان خافتا أو منعدما. كما أن منع بعض المحتجين للبعض الآخر من التفاوض أو من رفع العلم الوطني يعد تضييقا على حرية التعبير.
2- حرية التعبير
أ‌. أمثلة من الخطابات المحمية قانونيا
يعتبر السب والشتم عموما من المنطوقات التي لا تضيف لموضوعات الخلاف شيئا في اتجاه الحل، لذلك كانت ممجوجة من طرف النطق السليم. إن استعمال شعارات تعكس المطالب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، ورغم حدتها، وفي حدود عدم حثها على العنف، لا يشكل أي خرق للحق في التعبير. وكذلك كان بالنسبة لاحتجاجات الحسيمة، ومن أمثلة ذلك: “الصعلوك ” ؛ “الكركوز “؛ “كذابة ما عندناش فيهوم الثقة ربما كيخدوا القرقوبي؛ أفشل حكومة”؛ “الدكاكین السیاسیة “؛ “رؤساء الجماعا ت و بیادقھم ومخبریھم إلى الجحیم إلى مزبلة التاریخ ملعونین”؛ “سحقا سحقا للأقزام لمروجي الأوھام ” ؛”لا ثقة في الجمعیات الارتزاقیة أو الخبزیة “.
ب‌. أمثلة من خطابات العنف والكراهية
تحتاج السيرورة الديمقراطية إلى النقد البناء، الذي يثير عناصر النقص ويقدم البدائل القابلة للإنجاز ويعمل على إقناع الناس بها. وهناك إجماع على أن خطابات الكراهية والتحريض على العنف لا يخدمان هذه السيرورة ولا يفيدان المجتمع ويمهدان للاستبداد. وقد استعملت في احتجاجات الحسيمة العديد من التعابير التي تحرض على العنف والكراهية، ومنها:
«”باش یفھموھا راكم نتوما الأجھز ة القمعیة راكوم مھددین ، نقولو ا لكم أن تواجدكم ھنا تواجد مشبوه، و توا جد یھدد حیاتكم لیس من عندنا بقدر ما ھو من عند الدو لة المخزنیة وعلى رأسھا وزارة الداخلیة التي تغامر بحیاتكم و أرادت أن تقتلكم، و أرادت أن تنھي حیاتكم لكي تكسب الشرعیة، فلماذ ا؟ نحن نحذر و نقولھا بكل صراحة وزارة الد اخلیة تسیر إلى قتل المواطنین”.
“یریدون أن یدخلوا الریف في مستنقع من الدماء”؛ “الدو لة المخزنیة ترفض الریف والنظام یكره منطقة الریف”؛ “ولله وقسما بالله وقسما برب العزة أن لم تحققوا ملفنا الحقوقي یا ما سوف نتبع أجدادنا وستراق دماءنا على ھذه الأرض الزكیة الطاھرة “؛ “الدكاكین السیاسیة تنھب و تأكل كالثعبان ،الكثیر من الملفات تعامل معھا المخزن كما تتعامل داعش الإرھابیة ، إذن الدولة عدمیة تؤمن بالعنف والاغتیالات والموت”؛ “نقول لھم أن المعركة القادمة ستكون معكم، سنصفي خونة الدار قبل خونة الخارج “».
إن مثل هذه المنطوقات لا تضيف شيئا إيجابيا لتحليل المطالب والترافع حولها، بقدر ما تشكل تحريضا على العنف والكراهية التي تعتبر ممارسات تهدد الديمقراطية والتمتع بحقوق الإنسان.
6. ادعاءات التعذيب وحالات العنف
انطلاقا من تسجيله لنوع من الغموض في ردود أفعال الملاحظين الحكوميين وغير الحكوميين بخصوص مختلف الادعاءات الخاصة بالمعاملات السيئة، التي تخللته، فإن المجلس عمل على الرجوع، على غرار حرية التعبير، إلى المعايير الأساسية للقانون الدولي التي تحكم هذا الموضوع الهام والرئيسي لمرجعية حقوق الإنسان. وبعد التطرق لهذا الموضوع في جوانبه النظرية والمعيارية، اهتم المجلس بالظروف الخاصة التي ظهرت على هامش احتجاجات الحسيمة.
التكييف الحقوقي
استأثر نشر مقتطفات من تقرير لأطباء الذين انتدبهم المجلس الوطني لحقوق الإنسان باهتمام عائلات المعتقلين والرأي العام، بخصوص ادعاءات التعذيب لعدد من المعتقلين على خلفية احتجاجات الحسيمة.
وارتأينا قبل بسط حالات ادعاءات المعتقلين على خلفية احتجاجات الحسيمة أن نذكر بالسيرورة الدولية ذات الصلة بالتعذيب وكذلك ما يرتبط به من معاملات قاسية واللاإنسانية ومهينة، وذلك لاعتماد هذه المفاهيم في تكييف ادعاءات التعذيب.
كما أننا لم نقف عند المبادئ بل بحثنا في تعليقات اللجنة المعنية بحقوق الإنسان والاجتهادات القضائية لعدد من المحاكم بما فيها الأوروبية والدولية في تعاطيها مع بعض حالات التعذيب بما فيها تحديدها لبعض عناصر المعاملات القاسية واللاإنسانية والمهينة، مما ساعدنا على تكييف ادعاءات معتقلي احتجاجات الحسيمة، وذلك انطلاقا من تصريحاتهم لوفد الخبرة الطبية المنتدب من طرف المجلس الوطني وخبرات الطبيب الذي انتدبه قاضي التحقيق وطبيب السجن.
واعتبرنا من الضروري بسط هذه المفاهيم والاجتهادات لحماية حالات ادعاءات التعذيب وتحديد حالات يمكن أن تكون ضمن المعاملات القاسية واللاإنسانية أو المهينة والحاطة بالكرامة وكذلك ضمن عملية النهوض لإشاعة المفاهيم الدقيقة ذات الصلة بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية او اللاإنسانية أو المهينة.
أولا: ادعاءات التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية او اللاإنسانية أو المهينة
لضبط مفهوم التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية او اللاإنسانية أو المهينة والتعرف على الأفعال التي تدخل في نطاقها، لم يقف المجلس عند المبادئ العامة فقط، بل بحث في تعليقات اللجنة المعنية بحقوق الإنسان والاجتهادات القضائية لعدد من المحاكم بما فيها الأوروبية والدولية. وذلك بالاعتماد على تصريحات المعتقلين لوفد الخبرة الطبية المنتدب من طرف المجلس الوطني وخبرات الطبيب الذي انتدبه قاضي التحقيق وطبيب السجن. وهو ما يعتبر مساهمة في عملية النهوض لإشاعة المفاهيم الدقيقة ذات الصلة بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية او اللاإنسانية أو المهينة.
التعذيب في القانون الدولي
تحظر القوانين والعهود الدولية التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة بالإجماع في جميع أنحاء العالم. كما تحظره العديد من الاتفاقات الإقليمية. ويوفر نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية والمحاكم الجنائية الدولية، علاوة على القانون الدولي العرفي معايير إضافية أخرى.
القاعدة الآمرة
يعكس فرض حظر التعذيب في القانون الدولي باعتباره قاعدة آمرة norme impérative)) الحظر المطلق للتعذيب والمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة في هذا القانون. التي لا يجوز تقييدها أو اتخاذ أي تدابير مخالفة لأحكامها. ويأتي هذا الحظر مدعوما بترسانة جنائية دولية موسعة ومتشددة، مترسخة في القانون الدولي. وبعبارة أخرى، يطبق هذا الحظر بكل قوته هذه القاعدة في جميع الظروف، بما في ذلك في أوقات السلم وأوقات الحرب وأثناء حالات الطوارئ العامة، كيف ما كانت طبيعتها، بما فيها الهجمات الإرهابية مثلا.

القانون الدولي العرفي
يتألف القانون الدولي العرفي من قواعد مستمدة من “ممارسة عامة مقبولة كقانون (opinio juris)”، وهي مستقلة عن قانون المعاهدات. ورغم أنه غير مكتوب، إلا أن محكمة العدل الدولية تعتبر “العرف الدولي الذي ينبع عن ممارسة عامة مقبولة كقانون”، مصدرا ثانيا للقانون، يسد ثغرات قانون المعاهدات ويساهم في تطويره أيضًا.
التمييز بين التعذيب والمعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة
اعتبرت لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة أنه من غير الضروري التمييز بين السلوك الذي يشكل تعذيبا والسلوك الذي يشكل معاملة قاسية أو لاإنسانية أو مهينة؛ لأنهما يشكلان معا انتهاكًا لأحكام المادة السابعة. إلا أن الاجتهادات الدولية تميز بين التعذيب والمعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. ففي قضية إيرلندا ضد المملكة المتحدة، اعتبرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أنه “يبدو على العكس، بتمييزها «التعذيب» عن “المعاملة اللاإنسانية أو المهينة”، أرادت بالمصطلح الأول “إعطائه سمة خاصة من “العار” للمعاملة اللاإنسانية المتعمدة، والتي تسبب معاناة جد خطيرة وقاسية. وهو نفس التمييز الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 9 ديسمبر 1975، الذي ينص على أن ” التعذيب ضرب جسيم ومتعمد من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة”. وعموما يتعلق الحسم في التمييز بينها بتحديد درجة الخطورة والظروف المحيطة بالفعل.
وتلخص الاجتهادات القضائية الدولية :”يختلف التعذيب عن غيره من ضروب سوء المعاملة بالطبيعة الحادة للألم أو المعاناة وشدتهما. مع العلم أن اجتهادات لا تحدد درجة الألم والمعاناة التي يبدأ معها اعتبار الفعل تعذيبا.
معايير تحديد فعل التعذيب
لكي تكون المعاملة “تعذيباً”، يجب أن تفي بكل معيار من المعايير الخمسة لتعريف التعذيب […]، وهي كالتالي: (1) يجب أن ينتج عن الفعل ألم أو معاناة جسدية أو عقلية حادين؛ (2) يجب أن يكون الفعل متعمدا؛ (3) يجب أن يكون الفعل لغرض محظور؛ (4) يجب أن يرتكب الفعل موظف عمومي أو بتحريض منه أو بموافقته الصريحة أو الضمنية من قبل شخص يخضع لسلطته أو سيطرته؛ (5) ألا يكون الفعل ناتجا عن عقوبات مشروعة.

التعذيب في مقابل العقوبات المشروعة
لا تعتبر العقوبات المشروعة تعذيبا، تنص اتفاقية مناهضة التعذيب على أنه لا يتضمن “الألم أو العذاب الناشئ فقط عن عقوبات مشروعة أو المصاحبة لهذه العقوبات أو الذي يكون نتيجة عرضية لها.” وقد أكد كل من مقرر الأمم المتحدة الخاص والهيئات الدولية بضرورة تأويل مصطلح “العقوبات القانونية” في سياق القانون الدولي لحقوق الإنسان.
وأوضح المقرر الخاص المعني بالتعذيب بأن “أي شكل من أشكال العقوبة البدنية يتعارض مع حظر التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. هذه العقوبات غير قانونية حسب القانون الدولي وتنتهك بذلك الآليات الدولية لحقوق الإنسان […]” .
بدورها اعتبرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن الحظر الوارد في المادة 7 لا يقتصر “على الأفعال التي تسبب ألما بدنيا فحسب، بل إنه يشمل أيضاً الأفعال التي تسبب للضحية معاناة عقلية. وترى اللجنة، فضلاً عن هذا، أن الحظر يجب أن يمتد ليشمل العقوبة البدنية، بما في ذلك العقوبات المفرطة باعتبارها عقابا جنائيا أو تدبيرا تربويا أو تأديبيا.” (على النحو المنصوص عليه في الإطار الثاني).
لا يمكن اعتبار أية عقوبة جنائية، رغم كونها ذات قيمة في القانون الوطني، متوافقة مع أحكام القانون الدولي. إذا كانت تجيز أفعال مكونة للتعذيب أو معاملة قاسية أو لاإنسانية أو مهينة. وذلك نظرا للطبيعة الآمرة والمطلقة لحظر التعذيب.
تكييف ادعاءات التعذيب والمعاملات السيئة مع احتجاجات الحسيمة
تطبيقًا للمبادئ والشروط المحددة أعلاه، قام المجلس بفحصً لمختلف التقارير وآراء الخبراء الطبيين، سواء طبيب السجن والوفد الطبي للمجلس والطبيب الذي عينه قاض التحقيق، وكذا الشهادات التي أجرتها فرقه والمعلومات الواردة في ملفات كل معتقل. من أجل تكييف الادعاءات المقدمة.
وشرع المجلس أولاً في التحقق من المصادر المختلفة الموجودة تحت تصرفه قبل تقييم كل حالة ادعاء على حدة. ولاحظ بالتالي أنه من الحالات 40 التي تمت بخصوصها الفحص، قسمها إلى خمس مجموعات.
وانطلاقا من تسجيله لنوع من الغموض في ردود أفعال الملاحظين الحكوميين وغير الحكوميين بخصوص مختلف الادعاءات الخاصة بالمعاملات السيئة، التي طبعها، فإن المجلس سارع إلى الرجوع، على غرار حرية التعبير، إلى المعايير الأساسية للقانون الدولي التي تحكم هذه القضية الهامة والرئيسية لمرجعية حقوق الإنسان. وبعد التطرق لهذا الموضوع في جوانبه النظرية والمعيارية، اهتم المجلس بالظروف الخاصة التي ظهرت على هامش احتجاجات الحسيمة.
وصف المجلس الادعاءات التي قد تتوفر فيها عناصر مكونة لفعل التعذيب أو الادعاءات التي يمكن تكييفها ضمن المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة عندما يتم استيفاء هذه المعايير جزئيًا فقط.
يدرك المجلس الصرامة الشديدة التي اختارها في تصنيفه. وينبع ذلك من خيار تبني مثل هذا المعيار الصارم من إرادته المعلنة لضمان الحق في السلامة الجسدية قبل أي شيء آخر، بالإضافة إلى تفعيل الضمانات الدستورية والتزامات المغرب في هذا المجال. ولكن أيضًا بسبب الرغبة في التوسع في اعتبار البعد النفسي لسوء المعاملة.
واعتمادا على هذه العناصر صنفنا الحالات حسب المجموعات التالية:
 المجوعة الأولى: ادعاءات قد تتوفر فيها عناصر فعل التعذيب
تم تجميع الادعاءات التي قد يتوفر فيها أحد عناصر فعل التعذيب (أو أكثر) كقاعدة آمرة، وكما تحددها المواثيق والاجتهادات الدولية أي: التي تنتج الألم والمعاناة وناتجة عن نية وقصد ولهدف ممنوع وأن يكون الفاعل موظفا عموميا ودون أن يدخل في إطار العقوبات المشروعة.
• محمود بوهنوش
صرح بأنه تعرض للضرب أثناء إيقافه أدت إلى جروح. ونتف شعر لحيته أثناء الحراسة النظرية، كما تعرض للسب والشتم.
واستنتج كل من طبيب المجلس أو طبيب السجن في تقريريهما، وجود ألام على مستوى العنق مع غياب آثار العنف على الجسم.
• الحسين الإدريسي:
صرح السيد الحسين الإدريسي بتلقيه لضربات على اليد بواسطة دباسة (agrafeuse)، وعاين طبيب المجلس وجود آثار تبدو متوافقة وتصريحات المعني بالأمر.
واستنتج الفحص الطبي الذي أمر به قاض التحقيق عدم ثبوت أي علامات أو آثار اكلينيكية على مستوى الجلد تبرر ادعاءاته.
• زكريا أضهشور:
صرح السيد زكريا أضهشور بأنه كان ضحية الدوس على كاحله الأيسر أثناء نقله إلى مفوضية الشرطة بالحسيمة. كما تلقى الصفعات بنفس المفوضية. وتم نتف شعر لحيته مع تهديده بإحراقها.
وقد سجل طبيب المجلس في تقريره توافق التصريحات مع الاثار التي يحملها. ولم يسجل الفحص الطبي الذي أمر به قاضي التحقيق أي آثار متوافقة مع تصريحات المعني بالأمر.
 المجموعة الثانية: ادعاءات باستعمال المفرط للقوة
في هذه المجموعة أدمجت الحالات التي بينت الفحوصات الطبية (المتعددة) المتعلقة بهم بأن الجروح أو الكدمات أو الندوب مثلت قرائن للاستخدام غير المتناسب للقوة، وهي الحالات التي قاومت خلال الإيقاف.
• وظيف الكموني:
صرح بأنه ضرب بالعصي على صدره ووجهه. وأثناء محاولته أن يحتمي من الضرب تلقى ضربات على يده اليمنى.أخذ إلى المستشفى، حيث خضع للتقييم الاشعاعي.
سجل طبيب السجن وطبيب المجلس ان الاثار ناتجة عن الاستعمال القوة المفرطة لمقاومته الايقاف
له سوابق عدلية وقضى سنة سجنا على السرقة الموصوفة.
• ناصر الزفزافي:
صرح السيد ناصر الزفزافي بأنه تعرض للضرب بعصا أثناء مداهمة الشرطة مما أدى إلى إصابة فروة رأسه التي ستتم خياطتها في وقت لاحق. وأضاف بأنه بعد تقييده ويداه خلف ظهره، تلقى لكمة على عينه اليسرى وأخرى على البطن في حين أدخل شخص آخر عصا بين فخذيه (فوق ملابسه). وأضاف أنه تلقى اللكمات والركل على طول جسمه.. صرح للطبيب الشرعي أنه كان «يفضل أن يعذب بدل أن يهان لفظيا« .
وأكد الطبيبان أن ما تعرض له يمكن أن يرجع لاستخدام غير المتناسب للقوة أثناء الإيقاف.
وأوصى بقوة بإجراء تقييم وتتبع نفسي لجميع السجناء.
صرح محاموا السيد الزفزافي أنه لم يتعرض لأي تعنيف أو تعذيب حينما أحيل على الفرقة الوطنية .
• مراد الزفزافي :
صرح السيد مراد الزفزافي بتلقيه للكمات على وجهه لمقاومة إيقافه.
وتم فحصه من طرف الطبيب المعين من قاضي التحقيق ومن الوفد الطبي للمجلس معا، والذي استنتج أن تصريحاته متوافقة مع ادعاءات الاستعمال المفرط للقوة لمقاومته الإيقاف.
• عبد الكريم بوكري:
صرح السيد عبد الكريم بوكري بتلقيه لضربات بالهراوات أثناء اعتقاله. وخلص الطبيب المعين من طرف قاضي التحقيق وطبيب المجلس ما يتوافق مع استعمال القوة.
• يحيى فقيه:
صرح السيد يحيى فقيه بتلقيه الضرب بواسطة الراديو المتنقل (talkie walkie) أثناء إيقافه. كما تلقى العديد من اللكمات أثناء نقله لمفوضية الشرطة. واستنتج الأطباء استعمال القوة بعلاقتها بالآثار الموجودة
إلياس تونايوش:
صرح بأنه تلقى ضربات في جسمه وإهانات وشتائم من طرف القوات العمومية التي أوقفته.
وسجل طبيب المجلس وطبيب السجن أن الأثار الموجودة ذات الصلة باستعمال القوة
• بلال أحباطي:
صرح السيد بلال أحباطي (قاصر) بأنه تلقى العديد من الضربات على الوجه والكتف الأيسر أثناء إيقافه. كما تلقى اللكمات على كل أجزاء جسمه وتم شتمه وإهانته من طرف رجال الشرطة المتواجدين في سيارتهم.
سجل طبيب السجن وطبيب المجلس والطبيب المعين من طرف قاضي التحقيق، توافق
تصريحاته، مع الاستخدام غير المتناسب للقوة لمقاومته الإيقاف.
• طارق العنيسي:
صرح السيد طارق العنيسي بأنه أوقف وهو يحمل الحجر بين يديه. وأنه كان ضحية لاستعمال القوة أثناء إيقافه ونقله إلى مفوضية الشرطة. وعاين الفحص الطبي توافق مع ادعاء استعمال القوة أثناء إيقافه.
• عبد الحق الصديق :
صرح أنه حاول الفرار، قبل أن يتراجع ويقدم نفسه، مؤكدا أنه تعرض لدفع قوي مع باب المنزل، مما أدى إلى جرح على مستوى حاجبه الأيسر؛ وصرح بأنه كان ضحية شتم وسب أثناء إيقافه وخلال نقله إلى مفوضية الشرطة المركزية بالحسيمة وخلص الطبيب المعين من طرف قاضي التحقيق وطبيب المجلس. توافق تصريحاته مع الاستخدام غير المتناسب للقوة خلال الإيقاف.

 المجموعة الثالثة: ادعاءات المعاملة القاسية أو اللاإنسانية
تم الاعتماد، في تصنيف هذه الحالات، على اجتهادات المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان والمحاكم الدولية التي اعتبرت أن كل ما هو خارج العناصر المكونة للتعذيب تدخل ضمن حالات المعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة. وذلك طبقا ما تقدمنا به أعلاه.
• عادل هاشمي:
صرح السيد عادل هاشمي بتلقيه العديد من الضربات بالهراوات على مستوى الرجلين والرأس. كما كان يتعرض للضربات كلما مر رجل شرطة من أمامه. ولما فحصه الطبيب في المستشفى بناء عل

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك ايضا ان تقرأ

RADEEMA تعلن عن إغلاق الملحقات التجارية بمراكش يومي الجمعة والسبت