الاتحاد الاشتراكي و حتمية التطور

الاتحاد الاشتراكي و حتمية التطور

- ‎فيرأي
315
0

 

رشيد لزرق

الحركة الاتحادية كحركة تمثل اليسار الوطني، و فكرة جوهرها التجدد الحداثي، و التطلع لبلوغ عالم المواطنة . بكل ما تحمله من مثل قائمة على المساواة بين ابناء الوطن الواحد، هذا التطلع جعلت له الفكرة الاتحادية مدخلا يتمثل في الديمقراطية كمدخل لا غنى عنه لدخول دولة المواطنة، دولة يكون فيها الوطن للجميع؛ ليس فيه أي عضو زائد عن الحاجة فالوطن محتاج للكل، والمواطنة تستدعي التحول القيمي، بعيدا عمن تاجروا باسم الوطنية لأغراض غير وطنية، او بالدين لأغراض غير دينية. وطن ديمقراطي حداثي متضامن ، وطن يشعر كل فرد أن له فرصة في الترقي بدون” أبارتايد” سياسي أو اجتماعي؛ فرصته لن يحجبها جدار الإقصاء أو التصنيف وفق معايير سابقة لماهيته؛ سنلج عالم الحداثة عندما يوحدنا الوطن؛ و نجد مساحته مجالا مفتوحا أمام الجميع؛ يبدع أبناءه على أساس روح التنافس. تنافس يوسع المجال على أساس قواعد التأهيل لا قاعدة الانغلاق الحزبي أو الإيديولوجي أو المناطقي. هذا الحلم الاتحادي تحقق جزء كبير منه المسطر في دسترة الخيار الديمقراطي غير ان هده الدسترة لم تحل دون معاودة طرح سؤال الديمقراطية كسؤال لازالت راهنتيه تتمثل في ضرورة التقعيد المؤسساتي، فالمؤسسات بنبغي ان تتحول من وجهها الشكلي الى مؤسسات فاعلة، تحتضن التنافس و الصراع. ان حادث الأساتذة المتدربين افرز لنا بالملموس ان مؤسساتنا لازالت عاجزة عن احتضان الخلافات و لازلت الحركات الاجتماعية في الشارع هي المعبر الوحيد، لتطلعات جزء كبير من المغاربة حل لمشاكلهم، و اظهرت كيف ان بنكيران مسكون بالهاجس الانتخابوي؛ يضغط للبقاء من أجل البقاء بدون أن يملك أفقا مستقبليا، فالمؤشرات الأولى تفيد أن هناك عنف و عنف مضاد . افرز حالة احتقان سياسي و اجتماعي، خارج عن التدبير المؤسساتي، و ما تولد عن هاته الحالة من الانحباس السياسي من عقبات في تحقيق التنمية المنشودة ، هذا الانطباع جعل فئات واسعة من شعبنا تعود للتسليم بالاستبدادية طريقاً لتحقيق التنمية و نسقط مرة أخرى شعار الدولة التنمية الديمقراطية …. و لعل خمس سنوات من التصويت الإيجابي على الدستور، افرزت نزاعا بين التيارات السياسية الممثلة داخل المؤسسات حضر تضارب في الرؤى دون أن يفرز تحديد نوع المؤسسات التي يشاؤونها بين اتجاه يدفع في نحو السير بها الى اتجاه الملكية البرلمانية وتكريس الخيار الديمقراطي و الاخر محافظ لا يريد المغامرة في هذا الاتجاه . غير ان هذا التباين لم يستطع ان يعكس ترجمة سياسية له، فظهرت ازمة التمثيل رغم الاجماع حول الخيار الديمقراطي، فان الممارسة السياسية لم تفرز حمولة سياسية، بدليل ان الاحزاب السياسية تجتر مقولة التأويل الديمقراطي. و تنسى بكون دورها، ليس اجترار الخطاب بل اعطاء الحمولة السياسية للخيار الديمقراطي ، الامر الذي جعلنا نعيش في مشهد سياسي عاجز عن دخول عالم السياسة، فالفواصل بين مختلف هذه التيارات لم يكن لها عمق سياسي واضح بل الخلط هو السمة الغالبة على مستوى الممارسة . ان الاجماع حول الخيار الديمقراطي مفهوم لكونه ينظم مختلف الحساسيات السياسية، غير ان اسقاط هذا الاجماع على السياسية لا يستقيم، لكون ماهية السياسة تقوم على الاختلاف و التنافس والصراع الديمقراطي، كتعبير عن التعدد السياسي والخيار الديمقراطي هو الضامن لعدم اقصاء أي تيار سياسي.

الرهان اليوم هو ارساء مؤسسات قوية تحتضن الخلافات و تعكس الديناميكية المجتمعية باعتبار المغرب مجتمع تعددي، مؤسسات تضمن تواجد الجميع و تكون مراة تعكس المجتمع، تعطي للمخالفين حق الدفاع عن رأيهم المخالف لرأي الاغلبية، تكون مجال يحتضن الخلافات بين القيم السياسية. وتبدو اليوم اكثر من أي زمن مضى الحاجة ماسة إلى نقد يحمله كل الفاعلين من التزام بمبادئ الحرية و المساواة للجميع، تكرس لمجتمع ديمقراطي بمؤسسات صلبة نعالج بها الفجوة الكبرى التي تفصل المواطن عن المؤسسات عبر مسائلة النظام الانتخابي و التمثيلي و اخراج السياسة من بعدها الانتخابوي الحساباتي عبر طرح برامج انتخابية على الناخبين.

ان طرح الاتحاد الاشتراكي لمقترح الغاء العتبة لا ينبغي النظر إليه في إطار الهاجس الانتخابي الذي يحكم بنكيران و عصبته بل يجب النظر إليه في سياق الفجوة المؤسساتية و الرغبة في ان تكون المؤسسات مرأة تعكس الحساسيات المتواجدة داخل المجتمع، فالانتخابات كالية لم تستطع بعد التعبير عن التنوع و التعدد، لان المشكل الحقيقي هو كون المؤسسات لازالت بنية فوقية لا تحفز على العمل من داخلها، نحن اليوم معنيوين بضرورة توجيه الحركة الاجتماعية إلى المؤسسات ومد الجسور معها والسرَيان أو الاندراج في قنواتها. علينا كقوى حداثية شعبية ادراك اهمية إرساء حدود سياسية جديدة بين الشعب و المؤسسات، فهناك حاجة ماسة إلى حداثة شعبية لمقاومة قوى الانغلاق و مواجهتهم ديقراطيا و شعبيا.

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك ايضا ان تقرأ

RADEEMA تعلن عن إغلاق الملحقات التجارية بمراكش يومي الجمعة والسبت