نورالدين بازين
في لحظة مفصلية من عمر الولاية الانتدابية التي تقودها فاطمة الزهراء المنصوري على رأس مجلس جماعة مراكش، يشهد مشروع “مدن بدون صفيح” دفعة قوية وغير مسبوقة تعكس إرادة سياسية واضحة للقضاء على مظاهر السكن غير اللائق وتحقيق الكرامة السكنية لعشرات الآلاف من المواطنين، حيث تسير الجماعة بخطى حثيثة نحو تسوية وضعية 145 دوارًا وتجمعًا سكنيًا غير مهيكل، بمعدل يناهز 90 ألف أسرة، باستثمار ضخم يفوق 6 مليارات درهم، في واحد من أكبر البرامج الاجتماعية التي تشهدها المدينة منذ عقود.
فاطمة الزهراء المنصوري التي وضعت هذا الورش في مقدمة أولوياتها منذ بداية الولاية، عملت بمعية مختلف الشركاء على تعبئة الوعاء العقاري الجماعي وتثمينه وتسخيره لخدمة الساكنة المتضررة، خصوصًا في الدواوير التي ظلت لعقود ترزح تحت التهميش والتعقيدات الإدارية، وهو ما بدأت نتائجه تظهر تدريجيا من خلال التسوية العقارية التي استفادت منها 524 أسرة بدوار سيدي امبارك، بعد استخراج رسوم عقارية فردية، ودوار المساكين الذي بات ملفه جاهزًا ويشمل 340 وحدة سكنية قابلة للتمليك، إلى جانب 3000 أسرة سبق أن سُويت وضعيتها منذ سنة 2011.
كما شملت التسوية أيضًا دوار تلاغت الذي ينتظر استفادة 470 أسرة، ودوار العرب الذي يوجد في مرحلة تصفية الوعاء العقاري لفائدة 249 أسرة، بينما دوار العافية ملفه جاهز لتمليك 45 أسرة جديدة، إضافة إلى 488 أخرى سبق تسويتها، في حين يُرتقب أن تنطلق عملية نزع الملكية بدوار كنون خلال دورة فبراير 2025 لصالح 550 أسرة، بينما تعرف عملية المسح العقاري بدوار العسكر تقدمًا كبيرًا لفائدة 1008 أسر.
ميكروفون موقع كلامكم واكب هذه الدينامية ونقل آراء مواطنين عبّروا عن ارتياحهم وتفاؤلهم الكبير بهذا المشروع الذي طال انتظاره، إذ صرحت (مليكة) سيدة خمسينية من دوار المساكين قائلة “ما عمرنا كنا نحلمو نشدو الملك باسمنا ولكن الحمد لله دابا كلشي غادي فالطريق الصحيح وكنشكرو الجماعة اللي تبعات الموضوع حتى وصل لليوم”.
فيما قال (امحمد) رجل سبعيني من دوار سيدي امبارك “دازت سنين وحنا كانطلبو غير ورقة تثبت حقنا فالأرض ودابا تحقق الحلم ديالنا ووليداتنا غاديين يستافدو منها”.
أما (سمير) وهو شاب من دوار تلاغت فصرّح بحماس “من بعد ما دارو لينا اللقاءات وشرحونا الخطوات والوثائق حسّينا أن شي حاجة كبيرة كتدار لصالحنا حنا ماشي مهمشين كيف كنا كنحسو من قبل”.
وفي دوار العسكر عبّر مواطن آخر يدعى (عبد الله) عن تفاؤله قائلا “المسح العقاري راه بدى وكنشوفو الناس ديال الجماعة كيخدمو بجدية هادشي عمرنا شفناه بهاد الطريقة المنظمة كنحسو فعلاً أن المدينة كتغيّر وجهها”.
تعكس هذه الشهادات الميدانية تحولًا ملموسًا في نظرة المواطن تجاه الجماعة ومجهوداتها في تسوية الملفات العالقة وفتح أفق جديد لسكان ظلوا لعقود في انتظار الالتفاتة الرسمية واليوم تبدأ ملامح التحول تترسخ بشكل تدريجي على أرض الواقع بفضل مقاربة تعتمد الواقعية والإنصات وتعبئة العقار الجماعي لفائدة المصلحة العامة.
وبينما تُسطر جماعة مراكش ما تبقى من عمر الولاية على أجندة استكمال هذا الورش الحساس يبقى الأمل قائمًا لدى الساكنة في أن يشملهم التمليك وأن يتحول الحلم الذي طال انتظاره إلى وثائق رسمية تضمن لهم الاستقرار والأمن العقاري بعد سنوات من الانتظار.