هيئة التحرير
دورة الأستاذ والمنشد مولاي الفاضل بلمعاشي.. بين ملحمة المسيرة وإشعاع العالمية
من قلب مراكش، عاصمة الجمال والذاكرة، تعود أنغام الملحون لتصدح مجددًا في سماء المدينة الحمراء، إيذانًا بانطلاق الدورة العاشرة لمهرجان الملحون والأغنية الوطنية، التي تنعقد في الفترة ما بين 22 و25 أكتوبر 2025، احتفاءً بالفن الأصيل وبالهوية المغربية التي تأبى الاندثار.
وتأتي هذه الدورة، التي تحمل اسم الأستاذ والمنشد مولاي الفاضل بلمعاشي، في لحظة رمزية مزدوجة: تخليد الذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء، وتتويج فن الملحون باعتراف عالمي بعد إدراجه ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي للإنسانية من طرف اليونسكو.
المهرجان، الذي أصبح موعدًا سنويًا ثابتًا في الأجندة الثقافية الوطنية، يسعى هذه السنة إلى تأكيد الرؤية التي جعلت من الملحون جسرًا بين الوطن والعالم، وبين القصيدة والذاكرة، وبين الفن والهوية، تحت شعار:
“الملحون بين ملحمة المسيرة الخضراء وإشعاع العالمية”
وعلى مدى أربعة أيام من الاحتفاء والوفاء، تحتضن مراكش فعاليات فنية وثقافية متنوعة، تجمع بين السهرات الموسيقية، الندوات الفكرية، الأنشطة الاجتماعية، والعروض المسرحية التي تمزج بين الكلمة والركح في انسجامٍ فني رفيع.
الافتتاح الرسمي سيكون يوم الخميس 23 أكتوبر بمسرح دار الثقافة الداوديات، في أمسية تكريمية لاسم الدورة مولاي الفاضل بلمعاشي، يحييها نخبة من كبار شيوخ ونجوم الملحون، يتقدمهم الشيخ الحاج امحمد الملحوني والفنان محمد وارثي، بمشاركة أصوات مغربية من مراكش ومكناس وسلا ومولاي إدريس زرهون.
أما الليلة الثانية فستكون تكريمًا للإعلامي والجمعوي عبد الهادي هبة، بينما تخصص الليلة الثالثة لـ”وفاء الروح” في أمسية للأغنية الوطنية العصرية تحت شعار “التمغربيت بالفن”، إشراف الفنانة سامية أحمد، وتوزيع موسيقي للعازف يونس الخزان.
وإلى جانب البعد الفني، يولي المهرجان اهتمامًا خاصًا بالجانب الاجتماعي والتربوي، من خلال أمسيات لفائدة نزلاء دار المسنين وساكنة مقاطعة النخيل، احتفاءً بالفن كقيمة إنسانية جامعة. كما تشهد الدورة ندوة فكرية بالمركب الثقافي الحي الحسني، تتناول البعد الصوفي والاجتماعي في شعر سيدي قدور العلمي، تليها مسرحية ملحونية بعنوان “دار أمالِيها”، من إعداد عبد المجيد أدهابي وإخراج عبد العزيز أوشنوك وعبد الحليم بنعبوش.
الدورة العاشرة لمهرجان الملحون والأغنية الوطنية ليست مجرد تظاهرة فنية، بل عرس ثقافي ووطني يجمع بين عبق التاريخ ووهج الحاضر، في مدينة كانت وستظل منارة للفن المغربي الأصيل ومهدًا للقصيدة التي تسكن الوجدان.
من مراكش إلى العالم.. الملحون يحكي مسيرة وطن، ويُغنّي الذاكرة بلغة الخلود.
