إصلاحات جديدة في قطاع السكن بالمغرب: نحو تعزيز الإيجار كبديل مستدام

إصلاحات جديدة في قطاع السكن بالمغرب: نحو تعزيز الإيجار كبديل مستدام

- ‎فيإقتصاد, في الواجهة
236
0

طارق أعراب

في ظل التحديات التي تواجه سوق العقارات في المغرب، خصوصًا فيما يتعلق بالولوج إلى السكن الميسر، تعمل وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة على وضع استراتيجية جديدة تهدف إلى تطوير قطاع الإيجار السكني، وذلك عبر تحفيز الاستثمار وتقديم ضمانات قانونية تضمن حقوق جميع الأطراف المعنية.

وخلال مؤتمر رفيع المستوى حول تمويل السكن الميسر والمستدام، المنعقد يوم الأربعاء 29 يناير، أعلن أديب ابن إبراهيم، كاتب الدولة المكلف بالإسكان، عن إطلاق برنامج جديد يعكس رؤية الوزارة في تعزيز العرض السكني المعد للإيجار، كبديل عملي لمنظومة التملك التي لا تزال تهيمن على السوق العقارية في البلاد.

و يُنظر إلى سوق الإيجار في المغرب على أنه قطاع غير مستقر مقارنة بالتملك، حيث يواجه المستثمرون والملاك تحديات تتعلق بتحصيل الإيجارات وصعوبة إخلاء المستأجرين في حالة النزاعات، فضلاً عن غياب آليات تحفيزية حقيقية تجعل الاستثمار في هذا المجال أكثر جاذبية. من جهة أخرى، يعاني المستأجرون من غلاء الأسعار، وندرة العرض المناسب، مما يجعل الحصول على سكن لائق بالإيجار أمرًا معقدًا، خاصة في المدن الكبرى مثل الدار البيضاء، مراكش، وطنجة.

في هذا السياق، شدد أديب ابن إبراهيم على ضرورة إرساء تدابير قانونية جديدة تضمن حقوق الملاك، من خلال مراجعة الإطار القانوني الحالي وبلورة آليات جديدة تضمن تحصيل الإيجارات في مواعيدها وتعزز ثقة المستثمرين في القطاع.

كما أشار إلى أن الوزارة تعكف على تطوير حزمة من الحوافز التي تشجع على الاستثمار في العقارات المعدة للإيجار، سواء من خلال تسهيلات ضريبية أو برامج تمويلية مدعومة، مما من شأنه أن يساهم في توسيع العرض السكني بأسعار تتماشى مع القدرة الشرائية للمواطنين.

ومن بين الحلول المقترحة لتعزيز سوق الإيجار، طرح المسؤول الحكومي فكرة إحداث “صندوق ادخار للسكن”، وهي آلية تسمح للمستأجرين بادخار جزء من دخلهم لفترة معينة، ليتمكنوا لاحقًا من تمويل جزء من سكنهم المستقبلي، أو الاستفادة من معاش سكني يضمن استقرارهم على المدى البعيد.

هذا النموذج، المستلهم من تجارب دولية ناجحة، قد يساهم في تقليص الفجوة بين الإيجار والتملك، عبر تمكين الأسر من بناء استقرارها السكني تدريجيًا، دون الحاجة إلى تحمل أعباء مالية تفوق قدراتها.

إلى جانب البعد الاجتماعي والاقتصادي، أكد أديب ابن إبراهيم على أهمية إدماج الاستدامة في مشاريع السكن المستقبلية، بما يتماشى مع أهداف التنمية المستدامة لعام 2030، ولا سيما الهدف 11 المتعلق بتطوير مدن أكثر شمولية واستدامة.

وفي هذا الإطار، يُرتقب أن يشمل البرنامج الجديد تشجيع إنشاء مساكن تعتمد على الطاقات المتجددة، وتحسين كفاءة استهلاك المياه والطاقة في الوحدات السكنية، مما يساهم في خفض تكاليف المعيشة وتعزيز جودة الحياة للسكان.

وللإشارة، تمثل هذه الإصلاحات خطوة مهمة نحو تغيير نمط التفكير السائد حول السكن في المغرب، حيث اعتاد المواطنون على اعتبار التملك الحل الوحيد للاستقرار، بينما يمكن أن يكون الإيجار، إذا توفرت له الضمانات اللازمة، خيارًا أكثر مرونة واستدامة.

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك ايضا ان تقرأ

دنيا بطمة تغادر سجن الأوداية غدًا: نهاية سنة من الاعتقال في قضية “حمزة مون بيبي”

طارق أعراب من المتوقع أن تغادر الفنانة المغربية