مراكش. من العشوائية بدون ترخيص بالمدينة القديمة إلى العشوائية بالترخيص

مراكش. من العشوائية بدون ترخيص بالمدينة القديمة إلى العشوائية بالترخيص

- ‎فيفي الواجهة, مجتمع
584
0

نورالدين بازين

تُعتبر المدينة القديمة بمراكش إرثًا تاريخيًا وثقافيًا عالميًا، إلا أن ظاهرة العشوائية تُهدد جمالية هذا التراث وقيمته. ما كان في السابق عشوائية بدون ترخيص، أصبح اليوم عشوائية “مُقنَّنة” تحت غطاء التراخيص الرسمية خصوصا بزنقة مبروكة ، البرانس، مما يثير استياء السكان المحليين والمهتمين بالمدينة التراثية.

لطالما شكّلت ظاهرة البناء العشوائي بدون تراخيص مصدر قلق في المدينة القديمة. كانت الأزقة والدروب تُعتدى عليها بمباني ومشاريع غير قانونية، ما يؤدي إلى تشويه المظهر العام وعرقلة السير، بالإضافة إلى تهديد سلامة البنية التحتية، وكل ذلك بسب غياب الرقابة الصارمة، وتغاضي بعض المسؤولين عن المخالفات، مما نجم عنه انتشار الفوضى في التخطيط العمراني، وظهور مشاكل اجتماعية واقتصادية.

و ما يُثير الدهشة هو التحول من عشوائية غير قانونية إلى عشوائية تحمل غطاءً رسميًا. فقد بدأت بعض المشاريع تحصل على تراخيص تُثير تساؤلات عديدة حول معايير منحها. على سبيل المثال مشاريع تُغير الطابع التاريخي، حيث يتم تحويل رياضات أو مبانٍ تراثية إلى مشاريع تجارية تُفقدها هويتها الأصلية، التعدي على الملك العمومي، إذ يحصل بعض الأفراد على تراخيص لاستغلال فضاءات عامة بشكل يُضر بمصلحة السكان، ‘لى جانب المطاعم ودور الضيافة فوق السطوح، حيث شُيدت بعض المطاعم ودور الضيافة باستخدام القضبان الحديدية والخشب فوق سطوح المباني القديمة، مما يُشكل خطرًا على سلامة المباني ويُشوه المنظر العام. ورغم حصولها على تراخيص، فإن هذه المشاريع تتعارض مع الطابع العمراني للمدينة.

و تقع مسؤولية هذه العشوائية المقننة على عاتق عدة أطراف، على رأسها السلطات المحلية، التي تحتاج إلى مراجعة صارمة لآليات منح التراخيص، و المجتمع المدني، هذا الأخير يجب أن يُسهم في مراقبة هذه الظواهر ورفع الوعي بضرورة الحفاظ على الطابع التاريخي، ‘لى جانب تشديد الرقابة على عمليات منح التراخيص وضمان مطابقتها للقوانين، وإشراك خبراء التراث في تقييم أي مشروع يُنفذ في المدينة القديمة، وتفعيل العقوبات ضد كل من يساهم في التعدي على التراث أو الملك العمومي و إعادة النظر في التراخيص الممنوحة خصوصًا تلك المتعلقة ببناء مشاريع فوق سطوح المباني التراثية.

فمن العشوائية بدون ترخيص إلى العشوائية بالترخيص، تبقى المدينة القديمة بمراكش تُعاني من مظاهر تُهدد قيمتها التاريخية والتراثية. إن الحفاظ على هذا الإرث مسؤولية جماعية تتطلب تضافر جهود الجميع لضمان استدامة هذا الجمال الذي لا يُقدَّر بثمن.

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك ايضا ان تقرأ

فاطمة الزهراء المنصوري تُوقّع أربع اتفاقيات لتعزيز التنمية المجالية بجهة طنجة-تطوان-الحسيمة

خديجة العروسي في إطار تنفيذ التوجيهات الملكية الرامية