عن أي تعديل حكومي نتحدث؟

عن أي تعديل حكومي نتحدث؟

- ‎فيرأي
491
6

عبدالحق عندليب

هناك فورة من التحاليل والأخبار والأقوال والمقالات والتدوينات التي تنشرها اليوم العديد من الصحف والمواقع والصفحات الإلكتونية حول التعديل الحكومي، حيث يحاول المتدخلون تناول الموضوع من خلال نشر بعض التخمينات والتوقعات وتبرير ذلك بطرح بعض الحيثيات. لكن هذه التخمينات والتوقعات في نظري المتواضع لم تتجاوز مع الأسف الشديد سقف الحديث عن استبدال وزراء بوزراء آخرين وعن خروج حزب معين ودخول أحزاب أخرى وعن الأخطاء التي ارتكبها هذا الوزير أو ذاك أو هذا الحزب أو ذاك أوعن غضبة أو قلق أو توثر طرف من الأطراف…
لكن، أقولها وبكل صدق وبكل درجات التجرد والموضوعية لم ينفذ تحليل وآراء ومقالات معظم هؤلاء المهتمين بعمق الموضوع، أي بتناول عناصر الأزمة الراهنة بكل أبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تعيش بلادنا على إيقاعها منذ أن أفرزت انتخابات 8 شتنبر الأغلبية الحاكمة الحالية وما ترتب عن هذا الفرز من توجهات وبرامج وخيارات أكد الواقع الملموس أنها ليست في مستوى التحديات وما تفرضه الأزمة من خيار بعيد كل البعد عن الخيارات ذات العمق المحافظ أو الليبرالي المتوحش.
لذلك على المحللين والمتتبعين للشأن السياسي العام في بلادنا أن يضعوا في تحاليلهم ومقالاتهم موضوع التعديل الحكومي المرتقب في سياقه السياسي والتاريخي من خلال وضع تجربة الحكومة الحالية وما سبقها على محك النقذ العلمي الموضوعي الشجاع والنزيه لاستخلاص ما تفرضه الظرفية السياسية والتاريخية من دروس وخلاصات ونتائج.
إن الأزمة التي تعيشها بلادنا اليوم هي أعمق من حاجتها إلى تعديل حكومي شكلي ظرفي أو استبدال حزب بآخر أو حتى استبدال رئاسة الحكومة بزعيم سياسي آخر.
إن ما حدث خلال الانتخابات الماضية وما سبقها من انتخابات يفرض علينا منطقيا أن نقر بأن الأغلبيات التي افرزتها لا تعكس بشكل ديمقراطي الخريطة السياسية الحقيقية داخل بلادنا من خلال احترام كل الأطراف لمقتضيات الدستور واحترام ما تفرضه قواعد النزاهة والشفافية من تدابير ومقتضيات وشروط.
لذا فإن اعتبار موضوع التعديل الحكومي مجرد إجراء شكلي لامتصاص الغضب أو إجراء بعض الترضيات أو التأقلم مع ما أصبح الواقع يفرضه من ترتيبات، أقول مثل هذه النظرة السطحية للتعديل الحكومي ربما سيعمل لا على حل الأزمة وتجاوز مسبباتها بل على تفاقمها إن لم ينفذ أصحاب القرار السياسي في بلادنا إلى جوهر الموضوع بطرح سؤال عريض من قبيل:
أية حكومة قوية وحقيقية نريد اليوم لتجاوز عوامل ومسببات الأزمة؟ وكيف السبيل إلى ردم الهوة بين ما تدعي الحكومة تحقيقه على أرض الواقع وبين الطموحات المعلقة للشعب المغربي الذي أرهقته الوعود العرقوبية؟
إن طرح مثل هذه الأسئلة الجريئة لا بد لها من أجوبة جريئة وإرادة سياسية قوية لا تلين لأن مصلحة الوطن لا تقبل التردد والترضيات والحلول الظرفية الترقيعية والإخلال بمواعدنا مع التاريخ.

Facebook Comments

يمكنك ايضا ان تقرأ

قضية “الفساد الانتخابي” المتابع فيها الحيداوي.. محكمة آسفي تُحدد 29 أبريل الجاري للنطق بالحكم

  حددت المحكمة الابتدائية في آسفي أول أمس