نوستالجيا سنيما الفتح بباب دكالة بالمدينة العتيقة لمراكش.

نوستالجيا سنيما الفتح بباب دكالة بالمدينة العتيقة لمراكش.

- ‎فيفن و ثقافة, في الواجهة
286
التعليقات على نوستالجيا سنيما الفتح بباب دكالة بالمدينة العتيقة لمراكش. مغلقة

شريفة المصطفى

 

قاعة السنيما الفتح بزنقة فاطمة الزهراء بباب دكالة كانت ضمن القاعات المشهورة بمدينة مراكش ،و كانت تعرف إقبال كبير من طرف الشباب هواة السينما على غرار القاعات الأخرى المتواجدة بالمدينة مثل مبروكة، الأطلس، غزالة، موريطانيا، الريف،مرحبا و الهلال والتي كان تعرض بهاأفلام جديدة و ناجحة، لرعاة البقر و الافلام الهندية و أفلام الكارطيه و الافلام المصرية وكذلك الافلام البوليسية والافلام التاريخية بين الحين والاخر، وكان من أجمل العروض التي تقدمها القاعات أنذاك للمتفرج هو حينما يكون العرض يتكون من فيلمين: فيلم هندى وفيلم “كراطي” و كنا نسميه “سمينة و خليعة” و من ضمن الأفلام التي أخدت شهرة كبيرة في ذلك الوقت “دوستى”، “يابان لوف طوكيو” منكلا البدوية، “من أجل حفة من الدولارات”، “الطيب و الخبيت و الماكر” ،”دجانكو”، “الوصايا العشر “، “صمصم و دليلة، ” “لتيتان” “فونطوماس” ،”زيد” “لوبابيون” الهروب الكبير “، “قيس وليلى”، “عنترة بن شداد” ،”حسن و نعيمة” “الكرنك” “الافوكاتو” ،”ابي فوق الشجرة ” ،”الايام”، “بيغ بوص”،و بما أنني كنت من أبناء حي باب دكالة و خصوصا درب الدقاق ،فقد كانت أقرب قاعة هي سنيما الفتح التي كنا نعتبرها سنيما الحي، و كنا وجوها معروفة لدى المستخدمين بها ،و أذكر منهم التيجاني، فريد، بنعمر، سي أحمد ،الطاطي و السيدة “مولات البيل” و كان للقاعة سقف متحرك يغلق ساعة العرض نهارا و يفتح ليلا، وخصوصا في فصل الصيف و كانت القاعة مقسمة الى ثلاثة أجزاء :الصفوف الأمامية و الصفوف الوسطى و”البالكون” و لكل درجة ثمنها الصفوف الاولى التذكرة البيضاء بدرهم و الصفوف الوسطى التذكرة الصفراء بدرهم و نصف و”البالكون” التذكرة الحمراء بدرهمين و كانت في غالب الأحيان التذاكر البيضاء الرخيصة تباع بالجملة لأصحاب السوق السوداء ،لكثرة الإقبال عليها و كنت مهوسا بمشاهدة الأفلام و أدخر البقشيش الذي أحصل عيله من الوالدين رحمهما الله ،أو من بعض الأقارب للذهاب الى السينما يوم الأحد ،و كنت أتسسل الى الصفوف الوسطى أو البالكون ،لكن مع بداية العرض تبدأ المراقبة من طرف المعلم “الطاطي” فما كان عليك الا أن تمده “بتدويرة” لا تقل عن 20 سنتيم أو الانتقال الى الصفوف الأمامية كما كانت القاعة تراقب من طرف رجل أمن بزيه الرسمي، و كان يطرد كل من تجرأ على التدخين داخل القاعة، و رغم ذلك كنت أجد لذة و متعة في تدخين سيجارة صحبة بعض الاصدقاء خفية بالتناوب “وعنداك البوليسي يقشعنا”، وكان بين عرض الفيلم الاول و الثاني فترة تستغل كإستراحة ،و هي فترة تغيير الأشرطة و كنا خلالها نخرج من القاعة بواسطة بطاقة كانت تسمى “لانطراكت” لشراء بعض الحلويات أو “الزريعة أو “كاوكاو المعسل” من عند “امخا” الذي كانت له طاولة مشهورة أمام السنيما ،و بطاقة لانطراكت هذه كانت تباع أحيانا من طرف من لا يرغب في مشاهدة الفيلم التاني ب 50 سنتيم، و شخصيا كنت أشتريها إذا كانت الميزانية ضعيفة في حدود 50 سنتيم أو أقل بقليل، وكم كنت أتشوق حينما تعلن السنيما عن الفيلم المبرمج خلال أسبوع العيد، وكانت تخصص له إعلانات كبيرة جدا ،تثير الانتباه و تعلق في مجموعات من الأماكن بالمدينة وفي اليوم المعلوم كنت أضطر للوقوف طويلا في طابور طويل، من أجل الحصول على التذكرة و بعدها طابور أخر من أجل الدخول تحت نغمات أغاني أم كلثوم وهي تغني الخالدات و خصوصا “إنت عمري” و كان الازدحام ،مما يضطر معه المستخدمون لاستعمال العنف “لعصا و تيو” من أجل ضبط الصفوف و رغم “التسخسيخ و التكرفيس” كنت سعيد جدا ولا يهمني الا الفرجة في الفيلم، من أجل التباهي بحكاية و قائعه لبعض الأصدقاء أمام باب درب الدقاق، و كنت رفقة بعض الأصدقاء لما تكون المزانية تحت الصفر ،نضطر للوقوف أمام باب قاعة السينما قبل نهاية العرض بقليل ،حتى تفتح الأبواب تم ندخل لمشاهدة اللقطات الأخيرة من الفيلم الاخير،” قسماين ديال البيطالة”،
صحيح كانت أيام جميلة ببساطتها و عفويتها ،شخصيا أستفدت كثيرا من مجموعة من الأفلام و خصوصا الترجمة التي كانت تكتب بالعربية، و قد مكنتني تلك العملية من إغناء رصيدي اللغوي، حيت كنت أشعر بالسعادة عندما أتمكن من حفظ و فهم مصطلحات جديدة، جاءت في سياق سيناريو أحد الافلام .
إيه تم أه، إنها كانت أيام جميلة جدا، فياليت الشباب يعود يوما وأخبره أن الماضي كان أفضل بكثير من الحاضر، رغم الإمكانيات الحالية المتاحة ، لكن الإحساس بالسعادة و لذة الاشياء كان لها طعم أخر .
و اليوم و للاسف الشديد و أنا أمر من أمام هذه السنيما المعلمة، إستوقفني منظرها الحزين، و تأملت كثيرا و استرجعت مجموعة من الذكريات: “فين ،فين كلشي راح مع الزمان كلشي صار في خبر كان و لم يبقى سوى وجه الله “المني كثيرا منظر أبوابها وهي مغلقة وعلق على إحداها يافطة مكتوب عليها ملك محفظ للبيع. الدوام لله.
*عن المدون مصطفى الفاطمي بتصرف.

يمكنك ايضا ان تقرأ

مركز الدرك الملكي الجديد بجماعة السعادة: درع أمني يعزز الاستقرار ويواكب التحولات

نورالدين بازين في تحول نوعي يعكس الأهمية الاستراتيجية