مسرحنا على هامش المجتمع

مسرحنا على هامش المجتمع

- ‎فيرأي
171
6

حسن هموش

 

الحرقة العاشرة: إسدال الستارة …حياة جديدة …موت جديد
هي الدقات الثلاث معلنة هذه المرة عن اسدال الستارة، منتزعة البسمة والفرح الذي لم يعد تعرف له القلوب طريقا، هي الحياة المغلفة بالموت، والتي تجرك بتعاقب أيامها ، من السويعات إلى الأسابيع إلى الشهور، نحو قدرك المحتوم، وانت تصارع الموت كي تموت، هو القدر، العبث، السراب، الوجع، الألم، موت الحياة وحياة الموت .
كل الاتجاهات تؤدي بك إلى العدم، لم تختر الحياة، ولكنك اخترت ان تعيش في دروبها الملتوية، أن تمارس فيها وعليها لعبة البقاء، وان تبحث فيها عن استمراريتك الوهمية، التي تقوم فيها بتسليم سلطة الألم لحياة أخرى، تمارس متعة الاكل والشرب والجنس، لتحمي ذاتك من الذوبان والفناء الابدي، وانت تدرك أنه في كل خطوة قد تقع قدميك في هاوية النسيان.
لا ندري هل نحن شخوص في هذه الحياة ام ممثلين، فالشخصيات تسير إلى قدرها دون إدراك ما ينتظرها من المفاجئات التي قد تحدث في كل لحظة وحين، تسير وفق ما خٌطط لها مسبقا، وهي تصارع ب”مجهليتها”،رغبات من صمم وجودها وتواجدها، هو يدري وهي لا تدري، وبمعرفته وإدراكه، يسلط عليها لعبة قدره، لتصبح هي الحياة، نموت فيها ونحيى.
إن القدر الذي يمارسه الممثل على الشخصية، بتواطئ مع صانع الشخصية ومانحها الحياة، في تقمصها، او لعب لعبة التقمص لها، هو ما يٌمَارَس عليه، في ادعاء بمعرفة غيبية منه أ و في جهل تام عن ماهية وجوده.
الممثل يقود الشخصية إلى قدرها، وليس له أي سلطة لتحريف المسار الذي خطط لها، إلا بإيعاز من الكاتب خالقها، والمخرج الذي نفخ فيها الروح، قدر يجعله يتلذذ في كل المراحل التي تمر منها هذه الشخصية او تلك، وكيفما كانت النتائج الحتمية، هو يحصد المتعة بأكملها، بل ويتقاضى اجرا على ذلك، الشخصية مسلوبة من أي اختيار أو إرادة، هي شخصية تنفذ، ما خطط لها في عوالمها، الماضي منها، الحاضر والمستقبل، هي تصارع مصيرا حسم فيه من قبل، و لا قدرة لها على تغييره، إنها بكل بساطة، لعبة التحكم.
الممثل، بتواطؤه الجميل، واحينا تواطؤ مصالح، لديه القدرة على ان يمنح للشخصية الحياة، وفق ما اتٌفق عليه مع صٌناعها، يقودها، يسيرها، يتحكم في كل اراداتها، لغة، حركة وإحساسا، يمارس نفس اللعبة التي تمارس عليه، لهذه الغاية يجد متعة التلذذ حين يصبح المتحكم، له جزء من سلطة منح الحياة ونزعها.
إن الممثل لا يكتفي باكتراء جانبا من نفسه وجسده، لتأدية شخصية ما، وهو في غالب الأحيان، ينجذب إلى البحث عن جوانب اللذة والمتعة التي ستجلبها له الشخصية من خلال ماضيها، حاضرها والمستقبل الذي تنقاد إليه كرها دون علم منها، بل يتفنن في إبراز الجوانب الخفية لهذه الشخصية أو تلك، مع التماهي ما بين نقط القوة ونقط الضعف، التي تٌشكل الرسم البياني للشخصية ، باحثا من خلال هذه التضاريس على موقع ووضع اعتباري، ليصبح بعد حين، بنظارته الشمسية وقبعة الاستخفاء، التي توقيه شر المهرولين الراغبين في أخد الصور.
هي لعبة الحياة، تمنحك متعة الظهور أحيانا ،و إجبارية الاختفاء أحيانا أخرى، دون الوعي بالدور التي تلعبه أنت في هذه حياة، التي تشكلت من مشاهد مسرحية ملحمية، متفرعة الاحداث والصراعات والعقد والتعقيدات. فكما انك لا تترك للشخصية التي تتقمصها مجالا للتفكير الحر، والاختيار الحر، والإرادة الواعية الحرة، فكذلك الحياة، تسلب منك كل إرادة تعتقد سلفا انها هي إرادتك الحرةـ ، وتوهمك أنك في مجالها وفضاءاتها في ازمنتها وامكنتها الافتراضية، انت حٌر، تنسيك مصيرك الحتمي وتذكرك في كل لحظة وحين بسراب اسمه الوجود، لأنك تعيش لتموت، بل انك تموت كل يوم وتمنحك لذة التمتع بالموت فيك.
إن الممثل في مقابل الشخصية التي يؤديها، او تلك الشخيصات التي سبق له تأديتها، لا يقوم إلا بممارسة ما يٌمارس عليه، فهو بهذه اللعبة ينتقل من إرادة مسلوبة، إلى إرادة ممنوحة، من العدم إلى الوجود، من السكون والجمود إلى الحركة، التي هي أساس الحياة، وبهذا يكون موتك فضاء للحياة ، وحياتك، فضاء للموت، فانت تحيى لتموت وتموت لتحيى، هي نفس اللعبة التي تمارسها على شخوصك، تٌمارس عليك في كل لحظة وحين قبل الولادة إلى أن يؤذن لك بالرحيل

Facebook Comments

يمكنك ايضا ان تقرأ

RADEEMA تعلن عن إغلاق الملحقات التجارية بمراكش يومي الجمعة والسبت