سيدنا رمضان بمراكش: بين طقوس الأجانب والزيادة في الأسعار

سيدنا رمضان بمراكش: بين طقوس الأجانب والزيادة في الأسعار

- ‎فيآخر ساعة
171
6

 

 

اهتمام المراكشيين إنقسم إلى اثنين في هذا الموسم، اهتمام بامتحانات الباكالوريا والغش، والإهتمام الآخر بشهر رمضان، ولكن هذا الإهتمام زاد أكثر بعض الزيادة في الأسعار و وجود احتمالات وإشاعات، باحتكار بعض التجار المواد الغذائية الضرورية التي كانت مستهدفة بالزيادة، كالزيت والدقيق والسكر والزبدة والقطنيات بكل أنواعها والحليب الجاف والطماطم، وكل هذه المواد عرفت زيادة كانت متوقعة، وهناك من المواطنين من لمسها في عز حرارة الطقس، إشارة أن الحكومة استغلت فترات معينة لتمرر زيادتها في أسعار المواد الغدائية.

حماية المستهلك بين بهرجة التلفزة و حرارة السوق.
جولتنا داخل أسواق مراكش بداية الأمر، أدت بنا إلى اكتشاف انتعاشة خفيفة في اقتناء ما يستلزمه شهر رمضان، إلا أن إشاعة وجود تمور مستوردة من إسرائيل أثر سلبيا على رواج سوق التمر، وبدت حالة شراء التمر قليلة من طرف المواطنين، بالإضافة أن هذه السنة – يقول احد تجار التمر – كان الإقبال قليل على شراء التمر، خصوصا أن المواطن تعود على شراء تمر العراق، إلا أن الاوضاع غير المستقرة هناك جعل هذا النوع شبه منعدم، ليحضى تمر دولة تونس والإمارات بحضور قوي داخل السوق. وهذا ما لامسناه حتى في الأسواق الممتازة الكبيرة الموجودة بالمدينة، بوجود صناديق من الكارتون مكدسة فوق بعضها البعض، وقد حدا ذلك إلى إغراق السوق المغربي بالتمر التونسي والإماراتي في غياب أي نوع من الجودة من غيرها، ليبقى المستهلك المراكشي عرضة لكل أنواع الإبتزاز وإفراغ جيبه، حيث وصل ثمن التمر المغربي للكيلو الواحد مابين 20 و30 درهما في حين كان ثمنه في السنة الماضية مابين 9 دراهم إلى 14 درهم، ليبقى المواطن وفي غياب تام لحمايته من بعض أشكال الإحتكار التجاري والمضاربات، السمة القوية لهذا الشهر.

وهكذا، خلافا لكل الأخبار المتلفزة والإذاعية، بوجود لجن مراقبة الأسعار لحماية المستهلك من وحشية التجار وجشعهم، أظهرت أسواق مراكش خلافا لما يذاع بخصوص مسألة حماية المستهلك والمراقبة، اختلالا في نسبة الشراء والبيع، وفي غياب تام لما يسمى المراقبة وحماية المستهلك وخاصة اللحوم البيضاء والحمراء، فاستنادا لآراء المواطنين بمراكش. فالمراقبة تبقى غائبة لكل أنواع وأصناف المواد الغذائية وأسعارها. غير أنه وفي ظل مجموعة من العوامل كالتحولات الإجتماعية التي يعرفها المواطن المراكشي بوجود جالية كبيرة من الأجانب داخل المدينة، غير من بعض ملامح القدرة الشرائية لدى المراكشيين التي بدأت تتحكم فيهم ثقافة الآخر وبدأ التغيير يغرق الجميع في بحر العولمة، وبدأت صلات الرحم تعالج بالهاتف النقال عوض الزيارة الميدانية والفعلية.

الأجانب هم كذلك يصومون رمضان.
فإذا كانت القدرة الرمضانية أن تجعل من المواطنين المسلمين من استعادة روحهم النقية بالقرب من الله، عبر صيامهم وقيام الصلاة، فإن نوافذ قدرته تبقى مفتوحة حتى في وجه الأجانب الذين يريدون تجريب عملية الصيام، ومعايشة حالة يعتبرونها استثنائية في طقوس المسلمين.

في مراكش الأجانب هم كذلك يصومون ” سيدنا رمضان” حتى يحتفظوا في أذهانهم بصورة روحية للمحيط الذي يتوارون داخله ويتعايشون مع قومه من المسلمين، ويطلون من نافذة شرقية، كانت بالأمس غريبة وغير مفهومة لديهم.

بمراكش الأجانب هم كذلك يباركون رمضان لجيرانهم، يشترون الطماطم و ” الكرافس” والخبز والشباكية، حتى النعناع بدأ بائعه في سوق السمارين وسوق باب دكالة يعرف طريق زبائنه من أبناء عيسى وموسى، إلا أن المثير والملفت للنظر هي ازدهار اللصوصية بنسبة كبيرة خصوصا بسوق باب دكالة مستغلين تهاون الشرطة التي يبدو أنها تركيزها منصب حول أمور أخرى هذه الأيام، واللصوصية لم ترحم حتى الأسواق داخل المدينة العتيقة. حيث يوجد الأجانب الذين بدأوا في ممارسة طقوس المسلمين ومن بينها صيام رمضان

عالم مراكش المثير  
عالم مراكش يقتضي وجود خيال معكوس في أخيلتنا، ويقتضي وجود فضاء مفتوح على الإنسان والمكان، ويتحمل البعد الزمني لكل مسار تاريخي للمدينة، للجدران وللأسوار ولأضرحة الرجال السبعة، حيث يتلصص لقلاق ” بلارج” على تسبيحنا وعرينا الروحي عند الصلاة ورسم ملامح الفرجة في ساحة جامع الفنا.حيث الكائنات حية، وحتمية اللحظة واردة في العديد من الجوانب الشفهية التي تنبني على أنقاض حديقة عرصة مولاي عبد السلام وبنايات الكتبية التي تحتضن صفات الماضي والحاضر.ذلك هو عالم مراكش الذي اختارته عدسات السياح ومنحت نفسها عروسة بدون عرس ولا عريس،وإنما جسد ينبهر به القادم ويتلحف بسترتها ابن البلد الذي أنهكته المصاريف العديدة.

عالم مراكش يحملنا إلى زقاقه الحي، ونسمي جامعها سكونا هناء رغم حركية الموضع، لكي نعيد إلى حياة المكان روحه ابتداء من ساحة الحدادين، القصابين، الإسكافيين، وسوق الطالعة، وباب دكالة، مولد الحرير، الحلايقية، والمغنين والمشعوذين. وكل ذلك يصحبه مرسوم لم تستفد منه المدينة منذ الحماية سنة 1921 م.

لقد أضحت ساحة الفنا مرتعا من لا مرتع له، واختلط الحابل بالنابل، وصار كل من فيها يتفرج، وفيها من يلعب، وسيدنا رمضان يستمع لنا ويباركنا، إلا أن غلاء المعيشة الذي لهب حناجر أهل مراكش هذه الأيام، عجل بتفكير تأسيس جمعيات لحماية المستهلك على غرار الأولى التي لم تحرك لحد الآن ساكنا أو بيانا، تحتج فيه على هذا الغلاء الضارب في الأعماق.

وإلى حين خروجها يبقى المواطن المراكشي يئن من زيادة غير معلنة بتاتا. وإلى حين الإعلان عن ذلك يبقى ثمن التمر في زيادة مرتفعة، والخطوات متثاقلة عند المراكشيين الذين لا حولة ولا قوة لهم مع الزيادة في أسعار المواد الغذائية، و متنفسهم الوحيد هو الزيادة في قراءة الجرائد في شهر رمضان.

Facebook Comments

يمكنك ايضا ان تقرأ

RADEEMA تعلن عن إغلاق الملحقات التجارية بمراكش يومي الجمعة والسبت