الحكاية 23 من حكايات ابي زيد الهلالي .. مقتل القاضي بدير

الحكاية 23 من حكايات ابي زيد الهلالي .. مقتل القاضي بدير

- ‎فيفن و ثقافة
409
6

 

 

د محمد فخرالدين

قال الراوي :
أما ما كان من بني هلال فلما تأخر و صول شبابهم إليهم أدركوا أن الزناتي لم يصدق وعده معهم ،فذهب أبو زيد إلى باب تونس، و تحدي الزناتي أن يواجهه في الميدان .
فطلب الزناتي النجدة من جميع الأنصار و الجيران ، و خوفهم من هجوم بني هلال على البلدان، فأجابه الجميع في الحال و جمعوا الأبطال و الفرسان ، وساروا لقتال بني هلال ..
فقرر أبو زيد أن يذهب على رأس قومه ليعترض جيوش الخصوم قبل الوصول إلى المضارب و الخيام ، واعترض الأمير حسن بن سرحان على خروجه خوفا عليه من الهلاك أمام تلك الجيوش الجرارة فلم يقبل التراجع و فضل الأخطار و مواجهة القتام ..
وركب هو وفرسان بني هلال ، و كمنوا للأعداء بين كثبان الرمال ، و قد ترجلوا عن الخيل ،و لما كان الليل حدث أن عقص ثعبان أبا زيد في فخده ،ففقد وعيه ولم يعد قادرا على القتال …
و لما علم الزناتي بالأخبار وغياب ذياب عن الديار عزم على الهجوم في الحال ، و تحرك بنو هلال بدورهم في المجال ، و نزل الزناتي إلى الميدان فبرز اليه السلطان حسن بن سرحان ، و التقى البطلان و علا بينهما الغبار ، و انكسرت الرماح و النصال ، و بقيا على هذه الحال في قتال و نزال ، حتى دقت طبول الانفصال..
و لما كان يوم الغد منع بنو هلال الأمير حسن من مبارزة الزناتي خوفا عليه، و نزل إليه الخفاجي بدلا عنه ، ففر الزناتي من أمامه هاربا كما هي عادته أمام الفرسان وأغلق دونه باب المدينة ..
أما ما كان من أمر الخفاجي فارس بني هلال فقد حلم تلك الليلة حلما مرعبا ، فقد رأى في منامه و كأن أمام بيته شجرة طويلة فجاءها نجار فقطعها وقلع جذورها …فقام من منامه مرعوبا و لما سأل عن تأويل منامه أخبره المعبرون انه سيتعرض لخطر شديد في مستقبل الأيام .
و في اليوم التالي نزل إلى الميدان و طلب النزال فنزل إليه الزناتي في الحال ، و بينما هما في حرب و قتال ، فر الزناتي من أمامه فلما تبعه يطارده ، كان احد أعوانه مختفيا بين الأشجار فلما شاهد الخفاجي يطارد مولاه أطلق عليه سهم الغدر بين كتفيه فأرداه قتيلا .
أما ما كان من أمر الأمير حسن فقد حزن لموت الخفاجي حزنا كثيرا و دفن الخفاجي قرب شهداء بني هلال ،أما الزناتي فقد كان منتشيا بالنصر ، فدق طبله ونزل إلى الميدان و طلب مبارزة الفرسان ..
فنزل إليه القاضي بدير، الذي أحس بقرب أجله ، فأوصى ان يكون قبره قرب قبر الخفاجي ، ثم انه اشتد و اعتدل ورمى العمامة و نزل إلى الميدان فقال له الزناتي :
ـ من تكون من الفرسان..
فقال القاضي بدير :
ـ أنا قاضي العربان بدير فارس الفرسان ..
و حمل الزناتي على القاضي فلم يهمله وتمكن منه وقتله و عجل من الدنيا مرتحله.. فنزل إليه شقيق القاضي مفضل فقتل بدوره فحل ببني هلال الانكسار و أعلن الزناتي الانتصار …
أما ما كان من أمر سعدا بنت الزناتي فإنها استدعت حكيم أبيها وطلبت منه ترياق السم، و أرسلته إلى أبي زيد مع أحد العبيد ، فأخذه العبد و أعطاه لأبي زيد فشفي من وقته و ساعته ..
و في الحال أسرع لنجدة بني هلال فدقت الطبول وزعقت المزامير لقدومه ، و ذهبت عن بني هلال الأكدار و لما وصلت الزناتي الأخبار تراجع إلى مدينته و أغلق دونه الأبواب ..
أما ما كان من أمر أبي زيد فقد ركب في قومه من بني زحلان و ساروا إلى لقاء فرسان السبع ملوك الذين قدموا لنصرة الزناتي ، و ساروا مدة ثلاثة أيام حتى وصلوا إلى وادي النسور و كمنوا للقوم طوال الليل ، و لما أصبح الصباح و أضاء بنوره و لاح ، أقبلت عليهم الجيوش مثل الغمام ، فركب أبو زيد في أول فرسان بني هلال و مال على الميمنة و باقي فرسانه على الميسرة ، حتى صار القتلى تلالا و الدم أنهارا وقهرت السبع ملوك واندحرت جيوشهم ..
و في الغد نزل الزناتي إلى الميدان و طلب الحرب والطعان فبرز إليه الأمير غانم و ظلا في حرب وطعان مدة شهر من الأيام ، حتى كل غانم و تعب من القتال..
ففرح الزناتي بذلك الحال و سأل عن الأمير ذياب فقيل له أنه في وادي الغباين يحرس مواشي بني هلال، فأرسل إليه جماعة من الفرسان و طلب منهم أن يقتلوه و يأتوه بحلال بني هلال من الخيول و الجمال .
و سار فرسان الزناتي لقتل ذياب فغلبهم و شتتهم في البراري و القفار ،فعاد من بقي منهم منهزمين إلى الديار و اخبروا الزناتي بكل ما كان و صار…
أما كان من الأمير ذياب فلما علم بالإخبار و ما كان من انهزام بني هلال صار الضياء في وجهه ظلاما وحزن حزنا شديدا على من قتل من الفرسان ،و في اليوم التالي نزل الى الميدان و طلب نزال الزناتي من دون الفرسان ..

Facebook Comments

يمكنك ايضا ان تقرأ

RADEEMA تعلن عن إغلاق الملحقات التجارية بمراكش يومي الجمعة والسبت