الحكاية 22 من حكايات ابي زيد الهلالي : الحرب مع الهصيص

الحكاية 22 من حكايات ابي زيد الهلالي : الحرب مع الهصيص

- ‎فيفن و ثقافة
490
6

 

د محمد فخرالدين

قال الراوي :

و ركبت الفرسان و الرجال ودعا لهم بالتوفيق و الترحيب و الانتصار و سارت بني هلال إلى تونس الخضراء لخلاص مرعى و يحيى و يونس …

ومازالت بني هلال تقطع السهول و التلال حتى وصلوا إلى بلاد المغرب ، و نزلوا في واد يقال له وادي الرشاش و هو واد خصيب كثير الأشجار وافر الصيد دو الطرائد..

فلما نزل فيه بني هلال و ملئوه بالرجال هربت من أمامهم الوحوش خوفا و رهبة منهم و خرجت من الوادي ،وأتفق أن بن أخت الزناتي خرج للصيد للبحث عن الأرانب و الغزلان و قد طلب منه الزناتي ذلك ..

فأجاب بالسمع و الطاعة ،فقام في الحال وركب فرسه ،و حمل معه الكلاب و الصقارة وطلعوا الى الصيد ،و ما مشوا إلا قليلا إلا والوحوش تطلع أمامهم و هي هاربة من الوادي ، فأدركوا منها صيدا كثيرا حتى ملئوا بها ظهور خيولهم، و عندما حملوا الصيد إلى الزناتي تعجب غاية العجب من وفرة و تنوع الطرائد ، و سأل عن السبب في ذلك فأخبروه بقدوم بني هلال و ملئهم للوادي بالخيول و الجمال ..

فانشغل من الزناتي البال وأرسل رسولا في الحال يأتيه بالأنباء والأخبار، فأخبره بان عدد بني هلال كثير يقتضي الجد و التشمير، و صار في هم و تنكيد ،و بينما هو يبحث عن ما يمكن من تدبير جاء أخوه الهصيص..

فلما علم بالحال تجهز لقتال بني هلال و نزل ليبارز أبا زيد وواجه العلام أبازيد في الحرب والقتال ، إلى أن وقع العلام على الأرض فأخذه قومه و ذهبوا به إلى الخيام قبل أن يتمكن منه أبو زيد الذي مال على الخصوم من اليمين و الشمال يمزق العدو بالسيف و الحسام و بالسهام والنبال،ولوا هاربين وللنجاة طالبين و في أعقابهم بني هلال ..

فطلع الهصيص و من معه حتى أقبلوا على بني هلال ،فنظر أبو زبد و إذا بغبار حجب الأبصار و استمرت الحرب طول النهار و سالت الدماء كالأنهار و استطاع أن يأسر النسوان..

فردت بنو هلال و عادت للحرب و القتال، وبارز أبوزيد الهصيص ،و استطاع أن يجرحه ، و تقاتل البطلان من جديد ، و دارت بينهما معركة هائلة تشيب لأهوالها الأبطال ، قتل فيها أبو زيد الهصيص ..

و سال حسن الجازية عن رأيها في الرجل الذي يعهد إليه بحماية أنعام بني هلال، فأشارت عليه بذياب ،الذي لم يعجبه ذلك الأمر فالأمراء لا ترعى الأغنام ..

أما ما كان من أمر الزناتي فإنه لما علم بمقتل أخيه الهصيص ،غضب غضبا شديدا ما عليه من مزيد، و خرج للميدان فنزل إليه أبو زيد ، و اشتد بينهما القتال و زعق فوق رأسهما غراب البين..

و أخيرا تمكن أبو زيد من الزناتي و ضربه بسيفه فطرحه أرضا، فأسرع إليه فرسانه وخطفوه من يده، و اشتبك الجيشان في القتال و الصدام حتى المساء ..

و لما عاد بنو هلال قال الأمير حسن لأبي زيد:

ـ لم تقاتل بنفسك ، و تغامر بحياتك من اليوم ما عدت تركب معنا من اليوم ..

و أمر بتقييده و حط القيد في رجليه و قعد في بيت الأمير حسن ،فلما أصبح الصباح نزل بنو هلال إلى الميدان ،فنزل الزناتي فلما لم يجد بينهم ابا زيد طمع فيهم و أغار عليهم ، و قتل منهم كل جبان ،و كسرهم حتى أجبرهم على التراجع ،وألقى الرعب في قلوبهم، و قتل الرجال و أخذ الخيل والجمال و الحريم و الأطفال ..

فذهب بنو هلال إلى أبي زيد و طلبوا منه إزالة القيد و حكوا له ما حدث من التنكيد فركب من ساعته و تبعته بني هلال و دارت رحى الحرب بين الجيشين، و التقى البطلان و صارا في قتال و نزال إلى أن اقترب الزوال ،و بقيا على تلك الحال مدة سبعة أيام، و في آخر النهار و لى الزناتي هاربا وأغار عيه أبو زيد هو وقومه،ودفعهم إلى التراجع في الجبال و التلال و تعقبهم إلى أن رجع الزناتي إلى مدينة تونس وغلق عليه الأبواب .

و في الغد رجع الزناتي إلى الميدان و طلب مبارزة الفرسان ،فبرز إليه أبوزيد و بقيا في حرب و قتال إلى أن حل الزوال،فولى الزناتي هاربا وإلى النجاة طالبا حتى وصل إلى مدينة تونس وأغلق عليه الأبواب، و عاد بنو هلال إلى المضارب والخيام ،و سار قادتها في حديث و حسن كلام إلى أن طلبت العين حظها من المنام..

أما ما كان من أمر الزناتي خليفة فقد اجتمع مع قومه و تداولوا في أمر ما وقع من بني هلال من الحرب و القتال ،فكتب إلى حسن بن سرحان يطلب الصلح مقابل إفراجه عن أسرى بني هلال،فوافق على تلك الأقوال ..

و أرسل الزناتي إلى ابنته سعدا لتفرج عن شباب بني هلال فترددت في ذلك ، و قالت لأبيها إن بني هلال لن يغادروا بلاد تونس على كل الأحوال، و ما يزعمون ذلك إلا على سبيل الاحتيال ..

Facebook Comments

يمكنك ايضا ان تقرأ

RADEEMA تعلن عن إغلاق الملحقات التجارية بمراكش يومي الجمعة والسبت