كما أن انتساب حزب العدالة والتنمية المغربي إلى تجربة الإخوان المسلمين يجعل المغرب مهددا بأن يرهن في يد إمارة قطر البترولية، الممول الرئيسي للإخوان، وهو التمويل الذي يرتبط بأجندة تسعى قطر إلى تنفيذها في العديد من البلدان، وقد انطلقت فعلا مع ما سمي بـ”ربيع القيم” المبادرة التي اتخذتها حركة التوحيد والإصلاح الذراع الدعوي لحزب المصباح، والتي تعتمد تمويلا خليجيا من أجل نشر قيم “الإسلام الصحيح” في المجتمع المغربي، وهي “القيم” التي يعرف الجميع نتائجها على استقرار البلد وأمن أبنائه.
كما أن تحالف حزب المصباح المغربي مع حزب العدالة والتنمية التركي أدى من بين الأمور المبرمة بين الطرفين إلى ضرب مصالح التجار الصغار بإدخال محلات تركية لتجارة القرب تعمل بأحياء المدن المغربية، وهكذا ففي الوقت الذي ينتظر فيه التجار الصغار سياسة جديدة من الحكومة لتشجيعهم وضمان تطوير مهنتهم، يترقبون قطع أرزاقهم على يد حزب يفكر في مصلحة حلفائه الخارجيين أكثر مما تهمه مصالح البلاد.
وتنتشر بالمغرب عشرات الجمعيات السلفية والمدارس القرآنية التابعة للوهابية العالمية، والتي تتلقى أموالا طائلة لا يحاسبها عليها أحد، مع العلم أن هدف هذه الجمعيات والمدارس هو تقويض أسس الدولة الحديثة في مختلف بلدان العالم، وضرب قيم المواطنة وخاصة في شمال إفريقيا والشرق الأوسط.
من جهة أخرى نجد السلطة متجهة في مجال الشأن الديني نحو لعب دور إقليمي عبر تكوين الأئمة في “الإسلام الوسطي”، مما جعلها ترصد ميزانية هامة لبناء مؤسسة خاصة بذلك، وهو إجراء كما هو معلوم يرتبط بأجندة خارجية تقودها أمريكا في المنطقة، وتعدّ فرنسا لاعبا رئيسيا فيها بتواجدها العسكري والسياسي في بلدان الساحل.
وتتلقى الحكومة المغربية ميزانيات هامة من الاتحاد الأوروبي تخصّ مجالات عديدة، ويتمّ ذلك وفق أجندة عملية تضعها دول الإتحاد وتفرض على المغرب الالتزام بها لكي تقبل به شريكا اقتصاديا، وتمنحه بالتالي “وضعا متقدما” في الشراكة معها.
من الذي ينفذ إذن أجندة أجنبية بالمغرب؟ هل الحقوقيون والمعارضون السياسيون الذين هدفهم الرقي ببلدهم إلى مستوى مشرف، أم السلطة التي تتلقى أموالا من الشرق والغرب لا يعرف أحد حتى أين تصرف وكيف ؟