وجهة نظر: “نحن شعب صاحب الجلالة”

وجهة نظر: “نحن شعب صاحب الجلالة”

- ‎فيرأي
311
6

 

لشكر وبن عبد الله 1

ابراهيم الفتاحي

 أي وطن هذا! يتمترس الجميع خلف صاحب الجلالة، الحكومة تقول نحن حكومة صاحب الجلالة، والمعارضة تقول نحن معارضة صاحب الجلالة، والضحية شعب صاحب الجلالة الذي ضاعت مصالحه في صراع الإثنتين، وإذا كان الأمر كذلك فلم الإنتخابات والإنتشاء الديمقراطي الذي نعيشه؟ إذا كان الجميع يتهرب من مسئوليته ويختبئ خلف جلالته، فلا داعي لوجودهم”كون غير درقوا علينا كمامرهم أو خلاو صاحب الجلالة يدير شغلو أو صافي، أولي دارها صاحب الجلالة عليها التاكيد ومقبولة ومعندنا ما نقولو أو مريضنا ما عندو باس”.

لقد ابتلي هذا الوطن في هذا الزمن أكثر من غيره بالتملق والنفاق، وما عاد أحد يقول شيئا دون أن يجد خيطا يربطه بصاحب الجلالة، فإما يعتبر قوله تفسيرا لخطبه أو تفعيلا لتعليماته، أو امتثالا لرؤيته، ومن ابتغى نسف خصمه اتهمه بالانزياح عن المسار الذي رسمه صاحب الجلالة. ما بال هؤلاء السياسيين لا يفهمون أن الشعب يحملهم المسئولية كي ينظروا ويعالجوا ويساهموا في حل المشاكل وليس لتأويل خطابات صاحب الجلالة، فلو كانت غايتنا هي التأويل والفهم لاخترنا أكاديميين متخصصين في تحليل الخطاب و لاخترنا محللين سياسيين وكفانا الله شر هؤلاء المتشدقين “المحنكين” (من الحنك طبعا وليس من الحنكة لأن وجوههم كأوداج الإبل).

يعيش هؤلاء السياسيين خارج التاريخ على ما يبدو، فهم يجهلون أن القداسة لم تعد صفة الملك، له الإحترام الواجب والقداسة لله، وأين نحن من سياسيين وزعماء كانوا ينبهون المرحوم الحسن الثاني ويعارضون إذا اقتضى الأمر من أمثال علال الفاسي وعبد الرحيم بوعبيد وعبد الله ابراهيم و علي يعته عليهم رحمة الله، لا يعرفون للتملق سبيلا وكل همهم الوطن ومصلحته، بجرأتهم ونكراهم لذواتهم نفعوا الوطن والشعب ونفعوا صاحب الجلالة، أما هؤلاء فلا ينفعون سوى أنفسهم ويحققون مصالحهم. إذا كانوا هم حكومة صاحب الجلالة ومعارضته، فنحن شعب صاحب الجلالة، ونحن الذين نحب فعلا صاحب الجلالة ولا نتملق أو ننافق، ولا نريد أن نكون ضحية الإختباء خلف صاحب الجلالة، ونحن من نرفع شعار “الله الوطن الملك” كل صباح، ليس لأننا نريد منصبا أو نبتغي مقاما، فمقامنا كشعب مغربي أرفع من كل المقامات وأعلى، وإنما لأننا مقتنعون بهذا الشعار أيما اقتناع، ولأننا نرفض المزايدات الفارغة باسم صاحب الجلالة، لأنه ملك الجميع، لا ينحاز لفئة دون أخرى، وإنما ينحاز لشعبه ومصلحة الوطن، لذا فالحكومة اختيار أغلبية الشعب والمعارضة اختيار أقليته عبر صناديق الإقتراع، ولا يحق لأحد أن ينسبهما لغير الشعب، فصاحب الجلالة يعين من اختاره الشعب بكل ديمقراطية، وإن تدخل فلحماية مصالح شعبه، إذ هو المسئول الأول عنه، وضامن وحدته واستقراره. لقد تردت السياسة في وطننا واختصرها هؤلاء في السجالات الفارغة والبحث عن الغلبة اللغوية، ولم يعد أحد يمتلك خلفية إديولوجية يستند إليها في تدبير الشأن العام، فقد بدا السيد حميد شباط ثوريا في خطابه، أما الحاج الشيوعي السيد نبيل بنعبد الله فقد بدا محافظا، بل رأسماليا متوحشا، واختلط الحابل بالنابل وضيعنا الرؤية، وصار همنا هو تصنيف هؤلاء حتى نعرف من يمكن أن نختار مستقبلا، فالأول يقول إن الزيادات في الأسعار خط أحمر، أما الثاني الذي يفترض فيه الدفاع عن الطبقة الكادحة فقد شرع في تبرير الويلات الحكومية ولهيب الأسعار. القريب من الإسلاميين إديولوجيا يعاديهم، والبعيد عنهم يحابيهم، حتى بدأت أتساءل عن الحاجة إلى الإيديولوجيا أصلا مادامت لا تحدد المواقع ولا تفرض التحالفات، أم تراني نسيت أن السيد بنعبد الله ربما ينظر من موقعه الطبقي بينما يخاطب الناس في الإنتخابات من موقعهم.

Facebook Comments

يمكنك ايضا ان تقرأ

RADEEMA تعلن عن إغلاق الملحقات التجارية بمراكش يومي الجمعة والسبت