الراضي الليلي: كفاءة لا تليق برداءة التلفزيون المغربي

الراضي الليلي: كفاءة لا تليق برداءة التلفزيون المغربي

- ‎فيإعلام و تعليم
348
6

الراضي الليلي

الراضي الليلي

ابراهيم الفاتحي

لا ريب أن كل متتبع للنشرات الإخبارية بالقناة الأولى سيلاحظ مدى الرداءة في النطق وطريقة التقديم لدى المذيعين وعلى رأسهم صحافيو قسم الأخبار، حيث سماجة الصوت وكثرة الأخطاء اللغوية والغنغنة، والأسلوب المقزز في إدارة الحوارات، خصوصا ونحن نقارنهم بمذيعي الفضائيات الذين يسيطرون على المستمع بأصواتهم وطرائق أدائهم، فيزيدون متعة اللغة والخطاب إلى قوة الخبر وجدته. لكن من حين لآخر يظهر مذيع متميز سرعان ما يختفي لتهيمن الرداءة على الأخبار من جديد وتؤكد أن التلفزيون الرسمي مصر على طرد المشاهدين من أمام شاشته مثلما يصر على طرد الكفاءات أو تهميشها، وقد كان المذيع الراضي الليلي ومضة في دلجة الرداءة رغم الحيز الزمني القصير الي يشغله على طول يوم وليلة من الفسالة والإشمئزاز، إذ يتميز صوته بنبرة قوية وجمال وسلامة في اللغة وبراعة في الأداء، رغم هزالة المضمون الذي يفرض عليه طبعا. وكثيرا ما بدا لي السيد الراضي الليلي نشازا وسط كتيبة من المذيعين ومقدمي الأخبار تمجهم الآذان وتنفر منهم، وودت لو أني أراه على كبريات الفضائيات الإخبارية رفقة مذيعين لهم سطوتهم الخطابية على المستمع. لقد قرأت كثيرا عن مشكلة السيد الليلي مع مديرة الأخبار بالشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة وما يتعرض له من حيف، لكن لم أقرأ قط أو سمعت توضيحا من السيدة بارودي عن الموضوع، لذا فإن ما يتوفر لي من معطيات في الموضوع يجعلني أميل إلى تحليل مفاده: أن ثمة إصرارا على الرداءة في التلفزيون المغربي، وليست لدى مسئوليه إرادة التغيير والتجويد، أما الكفاءات فهي كثيرة ويعج بها وطننا، كما أن المذيعين ضعيفي الأداء قد يسعون إلى استبعاد آخرين يتميزون عنهم وبذلك يستبعدون أي مقارنة ممكنة تفضح حقيقتهم، إذ هم يتوهمون أن المشاهد المغربي يكتفي بمقارنة بعضهم ببعض داخل “صندوق الرداءة” المغربي، والحال أن هذا المشاهد يقارنهم بمذيعي الفضائيات العربية والناطقة بالعربية، وكثيرا ما أحسست بغبن شديد وأنا أرى مذيعين أعاجم من اليابان وروسيا على فضائيات ناطقة بالعربية يتقنون لغة الضاد ومخارجها أفضل من مذيعينا بكثير، ولنا في قناة روسيا اليوم خير مثال حيث تخال بعض المذيعين الروس عربا من الشام أو مصر حينما تسمع أصواتهم ولكناتهم، ولولا سحناتهم وأسماؤهم لأقسمت اليمين بعروبتهم. كثير من مذيعي قناتنا الأولى يميلون إلى قاعدة “اجزم تسلم” هربا من سطوة الإعراب، مع العلم إن آخر الكلم في لغة الضاد هو ما يحدد مواقع الألفاظ وبها يميز السامع بين فاعل ومفعول به، وقد لاحظت في السيد الراضي الليلي اختلافا كبيرا عن هؤلاء، حيث كان حريصا على النطق السليم دائما، وإني أشهد على علو كعبه وطول قامته في هذا الشأن. لكن لا ضير فالرداءة آيلة للزوال ولا يصح إلا الصحيح والبقاء للأصلح.

Facebook Comments

يمكنك ايضا ان تقرأ

واش فراس الوالي شوراق.. مقهى تبتلع الملك العام بسويقة باب دكالة و السلطات فدار غفلون

لا حديث بين سكان باب دكالة و زوارها،