سمية العابر
على جنبات ساحة جامع الفنا، الساحة العالمية الشهيرة التي تعكس العمق الثقافي والاجتماعي والإشعاع السياحي للمغرب، وخلف هذا الفضاء الذي يعج بالحركة التجارية والسياحية، وبين دروب وأزقة المدينة بأحد الرياضات التقليدية المسمى الرياض الكبير أو رياض البوكيلي بحي القصور (الصك العقاري 661)، تسعى مؤسسة علي زاوا إلى إحداث أول مركز ثقافي بجهة مراكش يعنى بالأطفال في وضعية صعبة على منوال المركز الثقافي نجوم سيدي مومن بالدار البيضاء ونظرائه بمدن طنجة وأكادير نجوم البوغاز ونجوم سوس وفاس الذي سيفتح قريبا. وهو رياض آيل للسقوط يقع على مساحة 1024 م² تعود ملكيته للأملاك الخاصة للدولة ويدخل ضمن العقارات الموضوعة رهن إشارة وزارة الشباب والرياضة كنادي لتنشيط وتأطير الطفولة والشباب بموجب محضر تخصيص منذ سنة 1956.
وبحسب بلاغ مؤسسة علي زاوا أنه في سنة 2012، بعد أن عاينت الوزارة وضعية الرياض المزرية والآيلة للسقوط وكذا لعدم توفرها على الأطر الكافية لتسييره، أصدرت قرارا بإغلاقه. هذا القرار الذي لم يصدر إلا لكي يقر وضعا قائما منذ أزيد من عشر سنين إذ أن الرياض قبل ذلك بسنوات عديدة، لم يكن يعرف أية حركة سوى كونه سكنا لأسرة الحارس الذي أحيل على التقاعد سنة 1989 وتوفي بعد ذلك. ورغم صدور حكم الإفراغ، الذي وصف أفراد الأسرة بالمحتلين للبناية، منذ سنة 2000 مع غرامة تهديدية مبلغها 200 درهم عن كل يوم تأخير (ملف عدد 226 بتاريخ 22 فبراير 2000). إلا أن هذه الأخيرة اكتفت بالانتقال من الطابق العلوي لتستقر بالسفلي بما أن البناية فارغة وبها متسع لذلك وتتوفر الأسرة على إمكانية الولوج لكل مرافقها.
بعض فعاليات مدينة مراكش تابعت نجاحات المركز الثقافي نجوم سيدي مومن بالدارالبيضاء وسط حي سيدي مومن، الذي احتضن منفذي هجمات 16 ماي 2003 الإرهابية ضد أهداف ثقافية ودينية وقنصلية، ولاحظت كيف استطاع المركز منذ إنشائه من طرف مؤسسة علي زاوا في أكتوبر 2014 ان يحقق النتائج المتوخاة.
فالوضعية الملاحظة والحلول المقترحة تجاهها متشابهة: شريحة من الأطفال والشباب في عمر الزهورأمام الفراغ والجهل والفقر والهشاشة يقعون ضحية افكار وايديولوجيات متطرفة.
مثل هذه العينات تتواجد في جميع المجتمعات سواء لأسباب اقتصادية او ثقافية او نفسية لكن الفرق يكمن في مدى نجاح هذا المجتمع أو ذاك في وضع آليات للإدماج الاجتماعي لكل فئاته.
يجسد المركز الثقافي نجوم سيدي مومن بالدار البيضاء الجواب الصريح على سؤال كيف يمكن للفن والثقافة أن يكونا أداة إدماج للشباب في وضعية صعبة عبر تأطيرهم وفسح المجال لهم لإظهار مواهبهم في مجالات الفن بشتى أنواعه من موسيقى ومسرح ورقص وغناء وسينما ورصد المواهب الكامنة فيهم والنجوم الناشئة داخلهم، ومن تم تعهدها بالرعاية والتدريب والتتبع والدعم وخلق أنشطة موازية للدراسة والتكوين.
نفس النجاح لقيه المركزان المحدثان بمدينة طنجة في نونبر 2017 تحت اسم نجوم البوغاز وبمدينة أكادير سنة 2019 تحت اسم نجوم سوس كلاهما بدعم من والي الجهة.
فعاليات المجتمع المدني بالمدينة الحمراء تتابع منذ مدة عملية البحث عن مقر ملائم يأوي فرعا للمؤسسة بعاصمة جهة مراكش آسفي، اتصلت بالسيد ماحي بنبين، الروائي والتشكيلي المغربي ذو الشهرة العالمية، أحد مؤسسي مؤسسة علي زاوا، واقترحت عليه الرياض المذكور بعد أن علمت بأنه مهجور منذ عشرات السنين ليكون مقرا لاحتضان المركز الثقافي بمراكش، حيث سارع هذا الأخير إلى ربط الاتصال بوزير الشباب والرياضة السيد الطالبي العلمي الذي لم يدخر جهدا في المساعدة على إخراج المشروع إلى حيز الوجود من خلال توقيعه لاتفاقية شراكة بين وزارته ومؤسسة علي زاوا بتاريخ 25 يونيو 2019 تضع الوزارة بموجبها البناية رهن إشارة المؤسسة قصد تأهيلها وترميمها وتجهيزها وتسييرها.
إثر ذلك، تطوع بالمجان المهندس المعماري المشهور رشيد الأندلسي بإنجاز الدراسات التقنية والمعمارية للمشروع.
مباشرة بعد ذلك ربط الاتصال بوالي جهة مراكش آسفي، الذي رحب بالمشروع كمركز جهوي ووعد بتخصيص مبلغ 200 مليون سنتيم من صندوق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.
وأكد البلاغ أن المؤسسة بعد توقيعها على الاتفاقية اصطدمت عند تواجدها بعين المكان بواقع الاحتلال غير القانوني لأسرة الحارس المذكور ومن ضمنها ابنه لا تربطه أية صلة بوزارة الشباب والرياضة.
وأضاف أنه رغم محاولة التسوية التي قامت بها المؤسسة قصد تليين موقفه إلا أنه قابلها بالرفض.
وأشار أنه نظرا لالتزام الوزارة بموجب الاتفاقية السالفة الذكر بتسليم البناية للمؤسسة، وباعتبار ان استمرار الاسرة في احتلال البناية يشكل عرقلة لإخراج المشروع إلى حيز الوجود وفتحه في وجه طفولة وشباب المدينة الحمراء، فقد لجات الوزارة إلى رفع دعوى استعجالية تحت رقم 1421/1101/ 2019 تطالب فيها من اسرة الحارس بجميع أفرادها من أرملته وأبنائه افراغ البناية.
ونوهت المؤسسة بالوزير السابق الطالبي العلمي على الجهود التي بذلها من أجل وضع البناية رهن تصرفها، لا يسعها إلا أن تطالب في نفس الوقت من الوزير الحالي حسن عبيابة الذي عين ثلاثة أشهر بعد توقيع الاتفاقية أن يمد يد العون من أجل تنفيذ مقتضياتها خدمة للمشروع ولأطفال وشباب مراكش.
