تلقى القسم الثقافي بجريدة “كلامكم ” ببالغ الأسى والأسف نبأ وفاة الناقد والقاص عبد الرحيم المودن، الذي صارع المرض في المدة الأخيرة بكثير
من الصبر والمعاناة . وكانت منابر إعلامية قد أثارت إهمال الكاتب عبد الرحيم المودن من طرف وزارة الثقافة واتحاد كتاب المغرب وهو على فراش المرض، دون أن يلتفتو إليه حسب قوله قب الوفاة..
ننشر النص عن الزميلة المساء
نـداء (لإنقـاذ) حيـاة الكاتـب عبد الرحيم المودن
كما يحدُثُ دائماً. يُصاب الكاتب أو المبدع بانهيار شامل في جسده، يقتعد الفراش وحيداً، وكأنَّه شخص عاش معزولاً عن العالم، لا أحد يعرفه، ولا أحد قرأ له، أو كان بين من تتلمذوا على يديه. ألَمُ المرض وقسوتُه، وألم الجحود والنسيان، وكأنَّ الكتابةَ والفكر والإبداعَ، جريمة يُعاقَبُ عليها صاحِبُها بهذا النوع من الجحود والتَّجاهُل.
وفي سياق ما كان يُطْرَح على القاص أحمد بوزفور، ضيف «الأغورا» بالمحمدية، مؤخرا، من أسئلة، ومنها «هل هناك أسباب مضمرة لرفض جائزة الكِتَاب، غير ما كتَبْتَه، وصرَّحْتَ به؟»، وكان القاص ابراهيم زيد هو من طرح السؤال، أجاب بوزفور أنَّ ما تعرضت له إحدى القاصات الشابات، وهي مليكة مستظرف، من تجاهُل، من قبل مؤسسات الدولة، بشكل خاص، وهي على فراش الموت، كان بين ما جعله يرفض الجائزة، تعبيراً عن رفضه لانتهاك حياة الكُتَّاب والمبدعين، واليوم، تساءل بوزفور، بانفعال وبتأثُّر، من يعرف أنَّ القاص والباحث والناقد عبد الرحيم المودن، طريح الفراش، ويعيش في وضع مُحْرِج؟
اتَّصَلْت في اليوم التالي بالصديق عبد الرحيم، الذي أجابني بصوت فيه حشرجات المرض وأنين الألم، وكان صوته يصل إلَيَّ بصعوبة، لأطمئن على حالته الصحية، ولأعرف هل ثمَّة من يعتني به، أو بادر للاهتمام به، أو الإشراف على علاجه، غير أسرته، وذكرتُ له «وزارة الثقافة» و»اتحاد كتاب المغرب»، أو بعض من يهمهم شأن الكُتَّاب، ويعتني بأوضاعهم الصحية والاجتماعية؟ فأجابني «لا أحد».
ما الذي ننتظره، ومن عليه أن ينقد حياة هذا الكاتب الذي هو واحد ممن خرجت من يديه كتابات، لم تكن تعني الكبار فقط، بل حتى الصغار، وأعماله، هي بين الأعمال التي لها حضور في الكتابات السردية، وفي الأدب الرحلي، وهو كان أستاذا جامعيا معروفا بجديته ومسؤوليته العلمية التي أخلص فيها للمعرفة، ولم يلتفت لغيرها من اعتبارات لا تليق بالمثقف الجدير بصفته هذه؟ فهل ننتظر أن يصل وضع الكاتب إلى لحظات الحرج التي لا يمكن معها علاج، لنخرج، كما نفعل دائماً، لننعى وندَّعِي، ما لم يكن واقعاً؟ كفى من أن نترك هذه الزهور تتساقط تباعاً، فكم من حديقة لنا للكتابة، وكم من شجرة نستظل بها، وأعني هنا شجرة المعرفة بتعبير ابن عربي، هذه الشجرة التي لا تتكرَّر، مثلما تتكرَّر المهن والحرف والمناصب.
لا تتركوا المثقفين والكُتَّاب في مرمى الألم، ولا تُضاعفوا من آلامهم، أو تعتبروهم كائنات لا تصلح للحياة، لأنها خُلِقَت لتفضح وتكشف وتُعَرِّي، ما نضفيه على الشَّرّ من خَيْرٍ.
أين اتحاد كتاب المغرب الذي يدعي أنه مشغول بِأعضائه، وبما قد يُصيبهم في الطريق من تعب؟ وأين وزارة الثقافة، التي عليها أن تنتبه لما يحيق بالكُتَّاب والمبدعين من أعطاب، وما يمكن أن تساعدَ به، باعتبارها إحدى مؤسسات الدولة، في رعاية الكاتب، وفي الوقوف إلى جانبه، في مثل هذه اللحظات القاسية؟ لا تتركوا يداً تخرج من حبرها، فالحبر ضوء، وليس سواداً، أيها السادة.
ولد سنة 1948 بمدينة القنيطرة.
حاصل على دبلوم الدراسات العليا في الأدب العربي سنة 1987، وعلى دكتوراه الدولة في الأدب (سنة 1996) برسالة تحت عنوان: «السرد في الرحلة المغربة خلال القرن 19»
يشتغل أستاذا جامعيا بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالقنيطرة.
عضو النقابة الوطنية للتعليم العالي.
– عضو مجموعة البحث في تاريخ البوادي المغربية، بكلية آداب القنيطرة.
رئيس مجموعة البحث في المعجم الأدبي والفني، بكلية آداب القنيطرة.
التحق باتحاد كتاب المغرب سنة 1976.
نشر أول نص قصصي (ريالات خمسة) سنة 1966 بصفحة أصوات بجريدة «العلم»،
يهتم بالكتابة القصصية وبالبحث النقدي، كما كتابات مسرحية وإبداعات موجهة للأطفال.
نشر أعماله بعدة صحف ومجلات: العلم، المحرر، الثقافة الأجنبية، الأقلام (العراق)، أقلام (المغرب)، فكر ونقد (المغرب)، الطفولة العربية (الكويت)، نزوى (عمان)، المناهل (وزارة الثقافة والاتصال، المغرب)، الثقافة المغربية (وزارة الثقافة والاتصال، المغرب).
أصدر المؤلفات التالية:
– اللعنة والكلمات الزرقاء: مجموعة قصصية مشتركة/عبد الرحيم مودن وإدريس الصغير، دار لخليف، الرباط، 1976.
– الشكل القصصي في القصة المغربية (جزآن)، الأول، دار الأطفال، البيضاء، 1988، والثاني، دار عكاظ، الرباط، 1996.
– وتلك قصة أخرى: قصص، عيون، البيضاء، 1991.
– معجم مصطلحات القصة المغربية، سال، النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 1993.
– قصص للأطفال والفتيان: حكايات طارتاد، دار الأطفال، البيضاء، 1988.
أ – مغامرات ابن بطوطة للفتيان، دار الثقافة، البيضاء، 1999.
ب – رحلة ابن بطوطة الجديدة، دار الثقافة، البيضاء، 1999.
ج – رحـلات مغربية وعربية، دار الثقافة، البيضاء، 2000.
– أدبية الرحلة، البيضاء، دار الثقافة، 1996.
– أدب الأطفال: مغامرة ابن بطوطة للفتيان (في 9 أجزاء)، البيضاء، دار الثقافة، 1999.