يوائم بداية التنبيه على أن الرياضة أقل عنفا بكثير من الحرب ومن عنف الشرطة في الكثير من الدول، بل هي أقل عنفا بكثير مقارنة مع ألعاب الفرجة التي عرفتها الأزمنة الماضية. ذلك أن الألعاب اليونانية كانت تنتهي بالموتى والمشوهين، وأشكال المصارعة الرومانية معروفة جدا، مثلما هي معروفة مباريات ومنافسات العصر الوسيط التي كانت تختتم بالموتى والعيون المفقوءة غالبا، وكذا منافسات القرية التي تكون مرعبة أحيانا.
وبسبب تقنين الحركات الرياضية، لا تكون الرياضة عنيفة لأن عنفها مقنن، ومثلما هو معروف، فالجماهير الرياضية تبقى خاضعة لقوانين الدولة، ولا يوجد تجاسر (مثلما الحال في الكرنفالات وحفلات المجانين وغيرها)، وهو ما يخفف الاحتدامات.
وهذا يعني أن العنف ليس أمرا مطلقا، وهذه الموازنة بين الماضي والحاضر لا تمثل الكلمة الأخيرة (ينظر نوبير إلياس، الرياضة والعنف، ضمن actes de la recherche، عدد 6، دجنبر 1976). ذلك أن نفس الحركة يمكن أن تكون غير محتملة في منظور جماعة مجتمعية ومبتذلة في منظور أخرى. ففي بداية القرن العشرين، كان العقاب الجسدي في المدرسة الفرنسية أمرا عاديا، ويبدو اليوم غير محتمل أو مقبول، في حين لا زال ساري المفعول في اليابان. يرتبط العنف بحساسية الناس. وبهذا المعنى يمكن الحديث عن وجود عنف رياضي لا يحتمل، ولو أن الرياضة تبدو حكيمة بالمقارنة مع أشكال أخرى من اللعب والفرجة عرفها تاريخ الإنسان.
وكلما اقتحم أحد أشكال العنف الرياضة، تقوم القيامة ويندهش الناس كما لو الأمر يتعلق بظاهرة خارقة. ومع ذلك، فبمجرد بناء الملاعب الأولى وأولى ميادين الدراجات، تم الانتباه إلى خطر هذا التمركز البشري للأفراد المتحمسين. فقد تضاعفت الاصطدامات والاعتداءات. وانتبه الناس كذلك إلى المنصة الخشبية التي تستعمل كمقدوفات ميسرة وسهلة، فاستبدلوها بالمصطبات الحجرية. ولنا أن نتخيل كذلك الحواجز بين الجمهور والملعب، والشبابيك العازلة، وأنماط الشرطة المتخصصة، وأشكال التفتيش قبل ولوج الملاعب … وغيرها. ومع ذلك، كلما وقع حادث سيء وفظيع، ترتفع العقيرة بعبارات مثل : هذه ليست رياضة … هؤلاء ليسوا رياضيين… لقد قتلوا الرياضة … هذه ليست روحا رياضية … وغير ذلك.
يتبع
إيف فارگاس
تــرجمــــة : عبد الجليل بن محمد الأزدي / بلعز كريمة