بقلم : نورالدين بازين
في عالم الصناعة التقليدية، تُعتبر المعارض الوطنية والدولية منصات حيوية لعرض وإبراز التراث الثقافي والحرف اليدوية. ولكن، هناك تساؤلات ملحة حول من يسيطر فعلياً على هذه المعارض وكيف تؤثر هذه السيطرة على الصناع التقليديين، خصوصاً في مدينتي صفرو وفاس .
تُعتبر المعارض فرصة ذهبية للصناع التقليديين لعرض مهاراتهم ومنتجاتهم، ولكن هناك ظاهرة متزايدة في السيطرة على هذه المنصات من قبل مجموعات معينة. في المغرب، تتولى بعض الجهات تنظيم هذه المعارض، ويُلاحظ أن هناك مجموعات معينة تتحكم في مساحات العرض، مما يؤثر على فرص المشاركة للصناع التقليديين الآخرين.
مدينة صفرو، التي تشتهر بتاريخها الطويل في الصناعة التقليدية، تواجه تحديات كبيرة في هذا الصدد. حيث يُعاني العديد من الصناع التقليديين في المدينة من إقصاء ممنهج، مما يحرمهم من فرصة عرض منتجاتهم في المعارض الكبرى. يُعزى هذا الإقصاء إلى مجموعة من العوامل، بما في ذلك الفساد والمحسوبية، والتي تؤدي إلى تقليص فرص المشاركة للعديد من الحرفيين المستقلين.
على الجانب الآخر، مدينة فاس تُعرف بوجود مجموعة من الصناع التقليديين الذين يمتلكون نفوذاً كبيراً في تنظيم المعارض. هؤلاء الصناع، الذين يشكلون طائفة مهيمنة، يسيطرون على المساحات والموارد المتاحة، مما يتيح لهم ترويج منتجاتهم بشكل أكبر من غيرهم. هذه السيطرة لا تقتصر على المعارض المحلية فقط، بل تمتد إلى المعارض الدولية أيضاً، مما يضع الصناع الآخرين في وضع غير متساوي.
وتؤثر السيطرة على المعارض بشكل كبير على التنوع والإبداع في مجال الصناعة التقليدية. عندما تتحكم مجموعات معينة في الفرص المتاحة، يتعرض التراث الثقافي للتشويه، حيث يُقلص التنوع والابتكار الذي يمكن أن يقدمه الصناع التقليديون الجدد. كما أن هذا الوضع يساهم في تعزيز الاحتكار وإضعاف المنافسة، مما ينعكس سلباً على جودة المنتجات والابتكار.
وللحد من هذه الظواهر، من الضروري تنفيذ إصلاحات شاملة في نظام تنظيم المعارض. يجب تعزيز الشفافية وإعطاء الفرصة لجميع الصناع التقليديين للمشاركة، بغض النظر عن خلفياتهم أو علاقاتهم. كما يجب إنشاء هيئات مستقلة تشرف على تنظيم المعارض لضمان العدالة وتكافؤ الفرص.
وللإشارة، السيطرة على المعارض الوطنية والدولية في مجال الصناعة التقليدية قضية تتطلب اهتماماً كبيراً. من خلال معالجة قضايا الإقصاء والسيطرة، يمكن ضمان تمثيل عادل لجميع الصناع التقليديين والحفاظ على التراث الثقافي الذي يمثل جزءاً أساسياً من هوية الشعوب.
