كلامكم
واتخذ المجلس، وفق ما جاء في التقرير، مبادرة لإبداء رأي بشأن وضعية المنافسة في هذا القطاع، من خلال إجراء تحليل تنافسي لسوق التأمين، وللإطار القانوني والتنظيمي المؤطر لها، ولكيفية سيرها وللفاعلين والمتدخلين فيها وللمنتجات التي يتم تسويقها والأسعار المعمول بها وكذا لشبكات التوزيع، وذلك بهدف تعزيز المنافسة في هذه السوق وتسريع وتيرة تطورها.
حواجز قانونية
وأوضح المجلس أن قطاع التأمينات في المغرب يلعب دورا استراتيجيا وحاسما في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وذلك من خلال تعبئة وتوجيه الادخار الوطني قصد توجيهه، من خلال مشاركات متعددة ومتنوعة، نحو تمويل ومواكبة المقاولات الناشطة في مختلف قطاعات الاقتصاد الوطني.
وقد بلغت استثمارات شركات التأمين نهاية سنة 2021، وفق ما جاء في رأي المجلس، 210,3 مليار درهم (بقيمة الجرد)، واستقرت في 221,3 مليار درهم بعد إدماج استثمارات شركات إعادة التأمين الحصرية.
كما يؤمن هذا القطاع للفاعلين الاقتصاديين تغطية الأخطار مقابل أداء قسط قانوني بشكل منتظم محدد مسبقا، إضافة إلى ذلك يضطلع بدور اجتماعي من خلال الخدمات المقدمة في مجال التأمين على الحياة حيث يساهم في ضمان الأخطار التي تقع خلال حياة الشخص أو في حالة الوفاة.
ورغم أهمية هذا القطاع في مختلف المجالات، إلا أنه لا يخلو من أوجه القصور والحواجز التي تؤثر سلبا على الأداء التنافسي للسوق، أولها حاجز دخول عالية نسبيا تمنع ولوج مقاولات التأمين وإعادة التأمين والوسطاء إلى سوق التأمين بشكل مزدوج، وفق ما جاء في تقرير مجلس المنافسة.
ورصد المجلس، في هذا الإطار، غياب الوضوح بشأن آجال معالجة طلبات منح الاعتماد لتمكين مقاولات التأمين وإعادة التأمين من مزاولة عمليات التأمين، مبرزا أن دينامية دخول وخروج الفاعلين من سوق التأمين تظل محدودة للغاية، نظرا إلى وجود حواجز قانونية تعيق ولوج المتنافسين الجدد إلى السوق وتطوير الظروف المواتية لتوفير بيئة للمنافسة الحرة.
ولاحظ المجلس، في تقريره، أن الحد الأدنى المطلوب من حيث الرأسمال الاجتماعي أو الرأسمال التأسيسي يشكل حاجزا يحول دون ولوج المقاولات الصغرى والمتوسطة بالخصوص (المقاولات الناشئة) إلى السوق، والتي ترغب، مثلا، في التخصص في منتجات محددة أو طرح منتوج مبتكر في السوق لا يتطلب قاعدة مالية هامة.
حاجز أمام المستثمر الأجنبي
من جهة أخرى، سجل مجلس المنافسة “غياب الرؤية بخصوص أجل معالجة طلبات الاعتماد”، موضحا أن الإطار القانوني والتنظيمي المنظم لقطاع التأمينات لا يحدد أجلا قانونيا يمنح لهيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي للرد على طلبات الاعتماد المقدمة من قبل مقاولات التأمين وإعادة التأمين لمزاولة أنشطتها.
ويشكل غياب هذا المقتضى على مستوى الإطار القانوني، وفق المجلس، حاجزا يحول دون الولوج إلى السوق بالنسبة للمستثمرين الذين يحتاجون إلى الرؤية والشفافية والسلامة القانونية في ما يتعلق بنظام الاعتماد.
على صعيد آخر، اعتبر مجلس المنافسة شرط اجتياز الامتحان المهني حاجزا لدخول سوق وساطة التأمين، إذ ينطوي، بحسبه، على عدة أوجه قصور إزاء مقاولات التأمين وإعادة التأمين والأشخاص الراغبين في الولوج إلى هذه السوق.
كما يعد هذا الامتحان، يضيف التقرير، بمثابة عقبة قانونية تحول دون تطوير استراتيجية توزيع مقاولات التأمين وإعادة التأمين من حيث شبكة الوسطاء التي تمثل دعامة حيوية للسياسات التجارية الخاصة بها.
واعتبر المجلس شرط امتلاك ما لا يقل عن 50 في المائة من الرأسمال من قبل أشخاص طبيعيين ذوي جنسية مغربية أو أشخاص اعتباريين خاضعين للقانون المغربي عائقا يحول دون الولوج إلى سوق وساطة التأمين، إذ يحرم هذه السوق من الاستثمار الأجنبي ومن المهارة التي يمكن أن تساهم في ديناميتها.
عرض تأمين محدود وقليل الابتكار
يرى مجلس المنافسة أن عرض التأمين في المغرب يهم أساسا المنتوجات التقليدية ولا يرقى إلى مستوى طلب فئات معينة من السكان، خصوصا في مجال توفير منتجات شمولية ومبتكرة للتأمين.
ولاحظ، في تقريره، أن سوق التأمين تتوفر على إمكانيات غير مستغلة، وقد تؤهلها لتكون رائدة على صعيد إفريقيا والعالم العربي، من خلال النهوض بالتأمين الشمولي على الخصوص، ويعرف هذا الأخير على أنه “مفهوم تأمين يستهدف الشرائح السكانية التي لا تلج بما يكفي إلى خدمات التأمين، ويمكن إقصاؤها كليا أو جزئيا من السوق”.
ورصد المجلس مجموعة من الثغرات المتعلقة بالمنتجات والكيفيات العملية للبيع والتدبير في ما يخص الاكتتاب عن بعد لعقد التأمين ونزع الصفة المادية عن شهادات التأمين، “وهي ثغرات تحرم المستهلك من إمكانيات هامة في مجال تبسيط مساطر اكتتاب عقود التأمين وتنفيذها وتطوير منتجات جديدة تستجيب لحاجيات معينة”.
وأكدت جلسات الاستماع المنظمة في سياق مبادرة الإدلاء بالرأي الحالية، وفق المجلس، انعكاس هشاشة بعض فروع التأمين على المردودية الإجمالية للقطاع، بالنظر إلى التعويض الذي يتم بين الفروع والذي يبقى مسموحا.
المستهلك حلقة ضعيفة في العلاقة التعاقدية
يرى مجلس المنافسة أن عقود التأمين تحرر بطريقة معقدة للغاية، تجعل المستهلك حتى الأكثر وعيا حائرا بشأن الحقوق والاستثناءات الفعلية الناجمة عن العقد المبرم.
كما توقف المجلس عند مسار معالجة ملفات حوادث السير الذي اعتبره ثقيلا ويتأثر بتعدد المتدخلين، وفي بعض الحالات، يصطدم المستهلك بعدة متدخلين على غرار مقاولات التأمين وإعادة التأمين والوسطاء والخبراء والميكانيكي وغيرهم.
وفي ما يتعلق بالأسعار، اعتبر المجلس أن مقاولات التأمين غير متطورة بما يكفي لمقارنة أسعار التأمين، بحيث يقتصر تحليل العروض، المقدمة من لدن المقاولات المختصة في مقارنة أسعار التأمين عبر مواقعها الإلكترونية، فقط على عروض مقاولات التأمين التي ترعاها مما يحرم المستهلك من أداة موثوقة وحاسمة لممارسة المنافسة بين مختلف مقدمي العروض