الكبد بثلاثة دراهم… ويُباع للمغاربة بثلاثين ضعفاً بمراكش! “وزيعة” أم تجارة في جيوب الفقراء؟

الكبد بثلاثة دراهم… ويُباع للمغاربة بثلاثين ضعفاً بمراكش! “وزيعة” أم تجارة في جيوب الفقراء؟

- ‎فيإقتصاد, في الواجهة
12993
0

 نور اادين بازين

بينما تتباهى بعض الجمعيات والهيئات المحسوبة على “صانعي الخير” بتوزيع لحوم و“وزيعات” على المواطنين، تكشف الأرقام الرسمية أن الكبد يُستورد بثلاثة دراهم للكيلوغرام ويُباع للمغاربة… ب أكثر من 30 مرة!
منطق غريب لا يعرفه إلا سوق مغربي مفترس تُرفع فيه الأسعار باسم الدين والإحسان والفقراء.

الحكومة نفسها اعترفت خلال مناقشة قانون المالية 2026 بأن الباب مفتوح على مصراعيه لاستيراد الأبقار والجمال دون رسوم جمركية، في محاولة لوقف نزيف الأسعار. ومع ذلك، لا تزال اللحوم تُباع بـ120 درهماً للكيلوغرام، ولا تزال الكبد – التي تأتي من الخارج بثمن أقل من ثمن “خبزة” – تُقدَّم للمواطن وكأنها قطعة من الذهب الأحمر.

ورغم كل هذا، ما زال بعض “تجار البرّ والإحسان” يطلّون على الناس في المناسبات، يرفعون شعارات التكافل و”الوزيعة”، بينما يتعاملون مع المواطن كـ زبون لا كإنسان فقير محتاج. يشترون الكبد بثمن بخس، ويعيدون بيعها بربح فاحش، ثم يلتقطون الصور وينشرونها كأنهم حُماة المجتمع وأصحاب الأيادي البيضاء.

هذه ليست “وزيعة”…
هذه سوق سوداء بثياب دينية.
استغلال واضح لضعف الناس ولهفتهم، وتوظيف فاضح لشعار “الخير” لتسمين جيوب معدودة.

وفي خضم هذه الفوضى، يستمر البرلمان في مناقشة أرقام متضاربة حول حجم القطيع ونسب النقص… 150 ألف رأس هنا، 300 ألف رأس هناك… في حين أن السؤال الحقيقي الذي لا يجيب عنه أحد هو:
لماذا لا يشعر المواطن بأي أثر لقرارات الإعفاء من الرسوم؟
ولماذا تستمر الأسعار في التحليق بينما الحكومة “تضحي” من أجل خفضها؟

والأدهى من كل هذا أن جلسة التصويت على قانون بهذه الحساسية لم يحضرها سوى 26.6% فقط من النواب!
أما الباقي، فتركوا مقاعدهم فارغة وكأنهم في عطلة موسمية لا شأن لهم بأزمة الأسعار ولا بأنين الأسر المغربية.

ما يحدث اليوم ليس مجرد خلل اقتصادي…
إنه تحالف غير معلن بين الغياب السياسي، والجشع التجاري، واستغلال الخطاب الديني لإعطاء شرعية لعملية بيع مربحة على حساب الفقراء.

وإلى أن تُفتح ملفات الأسعار بشفافية حقيقية، سيظل المواطن المغربي يدفع ثمن “الخير” الذي لا يراه، و“الإعفاءات” التي لا تصله، و“الوزيعات” التي تُباع له بثلاثين ضعف ثمنها.

هذه ليست أزمة لحوم…
هذه أزمة ضمير.

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

You may also like

المحكمة الابتدائية بمراكش تُسدل الستار على ملف اللحوم الفاسدة بأحكام زجرية

طارق اعراب شهدت المحكمة الابتدائية بمراكش، صباح الجمعة