“التوأم الرقمي” لأسوار مراكش: مشروع علمي يُعيد إحياء ذاكرة المدينة عبر الذكاء الاصطناعي

بشراكة مغربية–إيطالية.. المدرسة الوطنية للهندسة المعمارية بمراكش تطلق منصة رقمية لصيانة الأسوار التاريخية وتثمينها ثقافيًا

مراكش – الثلاثاء 10 يونيو 2025

تعيش مدينة مراكش على وقع حدث دولي لافت في مجال الحفاظ على التراث، يتمثل في تنظيم الجلسة الختامية لندوة علمية رفيعة تحت عنوان: “نحو توأم رقمي لأسوار مراكش”، وذلك يوم الخميس 13 يونيو 2024، بمبادرة من المدرسة الوطنية للهندسة المعمارية بمراكش (ENAM)، وبتنسيق مع قسم الهندسة المعمارية بجامعة بسكارا الإيطالية (DdA).

الندوة التي سيشرف على تأطيرها الدكتور عبد الغني الطيبي عن الجانب المغربي والبروفيسورة دانييلا لاديانا عن الجانب الإيطالي، ستستضيف مجموعة من الباحثين والخبراء في المعمار الرقمي، كما ستعرض مشاريع طلبة ENAM حول موضوع التوأمة الرقمية لأسوار المدينة الحمراء، الممتدة على طول 19 كيلومترًا.

التوأم الرقمي: من التوثيق إلى الصيانة الذكية

مشروع التوأم الرقمي لأسوار مراكش لا يكتفي بتوثيق ملامح الأسوار، بل يقوم على إنشاء نموذج ثلاثي الأبعاد ديناميكي يتم تحديثه باستمرار عبر تقنيات المسح الليزري، والطائرات المُسيرة (الدرون)، ونمذجة معلومات البناء التراثي (HBIM)، بهدف تتبع حالتها بدقة، واقتراح خطط صيانة استباقية.

وتعمل المنصة الرقمية على دمج مجموعة من المعطيات الهندسية، التاريخية، والبيئية، مما يمكن من تحديد أماكن التآكل والتصدعات مبكرًا، وتقديم حلول قائمة على الذكاء الاصطناعي لمحاكاة التدخلات المستقبلية.

التراث في متناول الجميع

من أبرز ما يميز المشروع، تصميم تجارب تفاعلية مفتوحة للجمهور عبر الواقع المعزز، ونماذج 3D، ومسارات افتراضية تُمكّن الزوار من “المشي” حول الأسوار افتراضيًا، والتعرف على تاريخها وتطورها العمراني. كما تم تطوير تطبيق رقمي يتيح للسكان والمتمدرسين الولوج إلى معلومات دقيقة عن أسوار أحيائهم، في أفق ترسيخ الثقافة التراثية محليًا.

في تصريح لجريدتنا، قال الدكتور عبد الغني الطيبي، منسق المشروع:

“هذا المشروع لا يُعيد الاعتبار فقط للأسوار التاريخية، بل يُقدِّم نموذجًا عمليًا لكيفية دمج التكنولوجيا في خدمة التراث. نأمل أن يتم تبنيه على صعيد وطني لتوثيق باقي المواقع التاريخية بالمغرب.”

أما البروفيسورة دانييلا لاديانا، فاعتبرت أن “مراكش تُشكّل بيئة مثالية لتجريب هذا النوع من المشاريع، حيث يلتقي التاريخ العريق مع الرغبة الأكاديمية في الابتكار”.

🌍 نحو دبلوماسية أكاديمية للتراث

يُشكل التعاون بين ENAM ومؤسسة DdA نموذجًا لما يُعرف بـ”الدبلوماسية الأكاديمية”، حيث تنصهر الخبرات الأوروبية والمغربية في خدمة قضايا التراث المشترك، بطريقة عابرة للحدود. كما من المتوقع أن تُعرض نتائج المشروع لاحقًا في مؤتمرات دولية متخصصة في الحفاظ على المعمار التاريخي.