حكيم شيبوب/ تصوير: ف. الطرومبتي
لم تدم طويلاً أجواء النظام التي خلفتها حملة باشا المدينة القديمة بمراكش على احتلال الملك العمومي. فبعد أسابيع قليلة من التدخلات التي طالت الأزقة والساحات، عادت الأمور إلى سابق عهدها، بل وباتت مشاهد الاحتلال أسوأ مما كانت عليه، مما يطرح أكثر من تساؤل حول جدوى هذه الحملات الموسمية التي لا تلبث أن تتبخر آثارها مع مرور الوقت.
فقبل أسابيع، شنّت السلطات المحلية بمراكش حملة واسعة لتحرير الملك العمومي من قبضة الفراشة وأصحاب المقاهي والمتاجر الذين توسعوا على حساب الأرصفة والطرقات. الحملة، التي أشرف عليها باشا المدينة القديمة، لقيت ترحيبًا من الساكنة وزوار المدينة، بعد أن أعادت بعض النظام إلى الفضاءات العامة. غير أن الفرحة لم تدم طويلًا، حيث عاد الوضع إلى ما كان عليه بل تفاقم أكثر، في ظل تساهل بعض أعوان السلطة وغياب المتابعة الصارمة.
و اليوم، يبدو المشهد أكثر اختناقًا: طاولات المقاهي تغزو الأرصفة، والبضائع تُعرض على طول الأزقة، مما يعرقل حركة المارة، خاصة في الأحياء السياحية مثل ساحة الفنا، درب ضباشي، الموقف، ورياض العروس. أما الأزقة الضيقة التي بالكاد تستوعب سكانها، فقد تحولت إلى أسواق عشوائية، حيث تُعرض السلع على الطرقات، وسط فوضى لا تبعث إلا على الاستياء.
و يثير هذا الوضع تساؤلات حول جدوى الحملات التي تقوم بها السلطات بين الفينة والأخرى دون آليات لضمان استمرار نتائجها. هل يعود الأمر إلى غياب التنسيق بين مختلف الجهات المعنية؟ أم أن هناك مصالح ضيقة تحول دون فرض القانون بشكل مستدام؟ الأكيد أن الساكنة تتطلع إلى حلول جذرية تضمن احترام الملك العمومي، بعيدًا عن الحملات الموسمية التي لا تغير شيئًا على المدى البعيد.
و إذا كان تحرير الملك العمومي يتطلب أكثر من مجرد تدخلات ظرفية، فإن الأمر يستدعي استراتيجية واضحة تضمن صرامة دائمة، توازيها بدائل حقيقية للباعة المتجولين، وإلزام المقاهي والمحلات التجارية باحترام المساحات المخصصة لهم، حتى لا تبقى المدينة القديمة رهينة للفوضى التي باتت تعود كلما غابت المراقبة.