مراكش بين المهرجانات الدولية والتظاهرات البولية: مدينة عالمية بتناقضات صارخة

مراكش بين المهرجانات الدولية والتظاهرات البولية: مدينة عالمية بتناقضات صارخة

- ‎فيرأي, رياضة, في الواجهة
455
0

نور الدين بازين

      تُعرف مدينة مراكش بكونها واحدة من أكثر الوجهات السياحية شهرة في العالم، حيث تستقطب سنويًا ملايين الزوار من مختلف القارات، مستفيدة من تراثها التاريخي، ومهرجاناتها الدولية، وتظاهراتها الرياضية والثقافية.

لكن رغم هذا الزخم العالمي، تواجه المدينة تناقضات صارخة، حيث تتحول بعض الفعاليات الكبرى إلى مشاهد غير حضارية، كما حدث مؤخرًا خلال ماراثون مراكش الدولي، الذي شهد صورًا صادمة لمشاركين يتبولون على سور المدينة العتيق، ما أثار استياء السكان المحليين والمهتمين بالتراث.

تمكنت مراكش من ترسيخ نفسها كعاصمة للمهرجانات والتظاهرات الكبرى، مستضيفة أحداثًا مرموقة مثل المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، الذي يستقطب نجوم السينما العالمية،المهرجان الوطني للفنون الشعبية، الذي يبرز غنى التراث المغربي، مهرجان مراكش للضحك، الذي يجذب عشاق الفكاهة من كل أنحاء العالم و ماراثون مراكش الدولي، أحد أبرز السباقات في إفريقيا، حيث يجذب آلاف العدّائين المحترفين والهواة.

هذه التظاهرات تساهم في تعزيز صورة المدينة على المستوى العالمي، وتجعلها قبلة للفنانين، الرياضيين، والمثقفين، كما تخلق ديناميكية اقتصادية قوية تدعم قطاعي السياحة والخدمات.

و رغم النجاح الذي تحققه بعض التظاهرات، فإن غياب التنظيم المحكم يؤدي أحيانًا إلى مظاهر سلبية تمس بسمعة المدينة، كما حدث في ماراثون مراكش الأخير، حيث انتشرت صور لمشاركين من جنسيات مختلفة وهم يتبولون على السور التاريخي للمدينة. هذا المشهد المسيء يطرح أسئلة حول مدى استعداد المدينة لاستقبال أحداث عالمية بحجم الماراثون، وعن غياب مراحيض متنقلة وتدابير وقائية تمنع مثل هذه السلوكيات.

لا يعد التبول العشوائي على السور سوى جزء من معاناة مراكش مع الإهمال الذي يطال معالمها التاريخية، حيث تعاني المدينة القديمة من تآكل الأسوار بسبب غياب الصيانة المنتظمة،انتشار الأزبال والتلوث البصري في بعض الأزقة والأحياء العتيقة،و استغلال الملك العام بشكل عشوائي دون تدخل صارم من السلطات.

و رغم تصنيف المدينة كتراث عالمي من قبل اليونسكو، إلا أن هذه المشاكل تهدد جاذبيتها السياحية، خاصة في ظل غياب إجراءات ملموسة لحماية تراثها من الانتهاكات المتكررة.

تسويق مراكش كمدينة عالمية يقتضي تحسين جودة التنظيم، وضمان احترام الفضاءات العامة والمعالم التاريخية. فكيف يمكن الجمع بين مدينة تستضيف كبار المشاهير عبر مهرجاناتها، وأخرى تشهد تصرفات غير حضارية خلال تظاهراتها الرياضية؟ وهل يمكن أن تتحول مراكش إلى نموذج متكامل يجمع بين الفخامة والاحترام الحقيقي لتراثها؟

الجواب يبقى مرهونًا بمدى قدرة المسؤولين على إيجاد توازن بين الترويج السياحي، والتنظيم الفعّال، والحفاظ على هوية المدينة العريقة.

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك ايضا ان تقرأ

مصرع خمسة عمال في انفجار نفق بسد المختار السوسي بإقليم تارودانت

خولة العدراوي لقي خمسة عمال مصرعهم إثر انفجار