حسب الدكتور رشيد بوطربوش: صلاة العيد فرض عين

حسب الدكتور رشيد بوطربوش: صلاة العيد فرض عين

- ‎فيبلاحدود, في الواجهة
296
6

بقلم: محمد بلال

يرى الدكتور رشيد بوطربوش الباحث الديني وعضو علماء المغرب أن للعشر الأواخر من شهر رمضان مزايا وخصائص وأن الله عز وجل شرع لعباده في ختام شهر رمضان عبادة جليلة وهي زكاة الفطر مؤكدا على أهمية صلاة عيد الفطر كفرض عين بالنسبة للصائمين.

حيث يؤكد الدكتور رشيد بوطربوش في مستهل حديثه أولا عن أهمية العشر الأواخر من شهر رمضان بقوله إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجتهد في العشر الأواخر من رمضان، ما لا يجتهد في غيرها وكان يعتكف فيها ويتحرى ليلة القدر خلالها كما عند البخاري في الصحيح، فمن حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم “كان إذا دخل العشر أحيا الليل وأيقظ أهله وشد مئزره” أخرجه البخاري ومسلم، زاد مسلم وجد وشد مئزره، وقولها “وشد مئزره” كناية عن التشمير في العبادات. وقيل هو كناية عن اعتزال النساء وترك الجماع. وفي صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم استيقظ ليلة فقال: “سبحان الله ماذا أنزل الليلة من الفتن! ماذا أنزل من الخزائن! من يوقظ صواحب الحجرات؟ يا رب كاسية في الدنيا عارية في الآخرة.

ومن فضائل هذه العشر وخصائصها ومزاياها حسب الدكتور رشيد أن فيها ليلة القدر التي أنزل الله فيها القرآن الكريم التي وصفها رب العالمين بأنها مباركة، وقد صح عن جماعة من السلف منهم ابن عباس وقتادة وسعيد بن جبير وعكرمة ومجاهد وغيرهم أن الليلة التي أنزل فيها القرآن هي ليلة القدر. ومعنى (القدر) التعظيم، أي أنها ليلة ذات قدر، لهذه الخصائص التي اختصت بها، أو أن الذي يحييها يصير ذا قدر. وقال الخليل بن أحمد: إنما سميت ليلة القدر، لأن الأرض تضيق بالملائكة لكثرتهم فيها تلك الليلة، من (القدر) وهو التضييق، قال تعالى: (وأما إذا ما ابتلاه فقر عليه رزقه) أي ضيق لي رزقه. فسماها الله تعالى ليلة القدر وذلك لعظم قدرها وجلالة مكانتها عند الله، ولكثرة مغفرة الذنوب وستر العيوب فيها، فهي ليلة المغفرة كما في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه) وهي خير من ألف شهر، وتنزل فيها الملائكة ومعهم جبريل عليه السلام. ووصفها القرآن بأنها سلام، أي سالمة لا يستطيع الشيطان أن يعمل فيها سوءا أو يعمل فيها أذى كما قال مجاهد وتكثر فيها السلامة من العقاب والعذاب بما يقوم العبد من طاعة الله عز وجل. وقد أنزل الله تعالى في شأنها سورة تتلى إلى يوم القيامة، وذكر فيها شرف هذه الليلة وعظم قدرها. 

وأضاف رشيد بأنه يستحب تحريها في رمضان، وفي العشر الأواخر منه خاصة، حيث جاء في صحيح مسلم من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتكف العشر الأول من رمضان ثم اعتكف العشر الأوسط في قبة تركية، على سدتها حصير، قال فأخذ الحصير بيده فنحاها في ناحية القبة، ثم أطلع رأسه فكلم الناس فدنوا منه فقال إني اعتكفت العشر الأول ألتمس هذه الليلة، ثم اعتكفت العشر الأوسط، ثم أتيت فقيل لي إنها في العشر الأواخر، فمن أحب منكم أن يعتكف فليعتكف، فاعتكف الناس معه، والحديث في صحيح مسلم، وهي في أوتار العشر أكد، لحديث عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر) رواه البخاري.

وحول الحكمة من إخفاء موعد وتاريخ هذه الليلة بالتحديد أكد الدكتور بوطربوش بأن قصة إخفائها درس عظيم للناس دليل على شؤم الخصام والتنازع وأنه سبب في رفع الخير إخفائه. ففي صحيح البخاري عن عبادة بن الصامت قال: خرج النبي صلى الله عليه وسلم ليخبرنا ليلة القدر فتلاحى (أي تخاصم وتنازع) رجلان من المسلمين، فقال: (خرجت لأخبركم بليلة القدر، فتلاحى فلا وفلان فرفعت، وعسى أن يكون خيرا لكم، فالتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة) أي في الأوتار. وهي في ليلة سبع وعشرين أرجى ما تكون وروي في تعيينها بهذه الليلة أحاديث مرفوعة كثيرة، وهو قول ابن عباس، ورجح بعض العلماء أنها تنتقل وليست في ليلة معينة كل عام، قال النووي رحمه الله في المجموع: (وهذا هو الظاهر المختار لتعارض الأحاديث الصحيحة في ذلك، ولا طريق إلى الجمع بين الأحاديث إلا بانتقالها) وإنما أخفى الله تعالى الليلة ليجتهد العباد في طلبها، ويجدوا في العبادة، كما أخفى ساعة الجمعة. وورد دعاء ليلة القدر في حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قلت: يا رسول الله أرأيت أن وافقت ليلة القدر ما أقول؟ قال: قولي: (اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني) رواه الإمام أحمد، والترمذي، وابن ماجة وسنده صحيح. وقد شرع الله تعالى لنا في ختام الشهر عبادة جليلة هي زكاة الفطر، فضائلها كثيرة، وهي صدقة واجبة، تدخل في عموم أدلة فضل الصدقة والإنفاق في سبيل الله. وشهر رمضان هو شهر الجود والكرم، ومن مظاهر ذلك إخراج زكاة الفطر، وهي فرض على كل مسلم يجد ما يفضل عن النفقة اللازمة له ولمن يعوله يوم العيد وليلته. وقد فرض الله تعالى زكاة الفطر طعمة للمساكين وطهرة للصيام من اللغو والرفث، ومقدارها الذي حدده النبي صل الله عليه وسلم هو صاع من تمر، أو زبيب، أو قمح، أو شعير، أو أقط، وذهب جمهور العلماء إلى أنه يلحق بهذه الأصناف كل طعام يكال ويدخر كالأرز والذرة والدقيق والعدس والفول. ووزن الصاع لا يزيد عن ثلاثة كيلو جرامات، ويفضل إخراجه نقدا تيسيرا على الفقراء والمساكين. وذهب إلى ذلك عطاء والحسن البصري وعمر بن عبد العزيز والثوري وأبو حنيفة وغيرهم، وقال التابعي الجليل أبو إسحاق السبيعي: أدركتهم وهم يؤدون في صدقة رمضان الدراهم بقيمة الطعام. رواه ابن أبي شيبة في المصنف. والجائزة في المصلى.

وحول النقاش الذي يثار عادة حول أهمية صلاة العيد إن كانت تعتبر فرض عين أو فرض كفاية أوضح الدكتور رشيد بوطربوش بأن الإمام أبو حنيفة ذهب إلى أن صلاة العيد فرض عين، وذهب الإمام أحد إلى أنها فرض كفاية، وذهب الإمامان مالك والشافعي إلى أنها سنة. ويشرع يوم العيد إظهار الفرح والسرور لحديث الجارتين المغنيتين وقول رسول الله: دعهما يا أبا بكر.

 

Facebook Comments

يمكنك ايضا ان تقرأ

فتح باب الانخراط وتجديده بالنقابة الوطنية للصحافة

كلامكم استعدادا لهيكلته، وفي افق عقد الجمع العام