أگادير: الحصن والهوية.. أو عندما ينطق المجال..

أگادير: الحصن والهوية.. أو عندما ينطق المجال..

- ‎فيبلاحدود, في الواجهة
880
6

 

*حسن إدوعزيز 

“أگادير”، أو “أگادير ن إيغير” أو “حصن المنكب” (كما ترجمها الفقهاء)، أو “أگادير ن لعربا”، أو “تيگمي ن أورومي”، أو “فونتي”، أو “پورتو ميسگينوم”، أو “سانتا كروز”… وغيرها من التسميات التي تفوق عشرين إسما، حسب بعض الرواة، والتي أطلقت على هذا “الحصن المنيع” المنفتح على المحيط الأطلنتي عند نهاية سلسلة الأطلس الكبير (أدرار ن درن)، كمنفذ تواصل بحري استراتيجي لسوس مع بحر الظلمات وعوالمه الخفية..

لقد اندثرت أغلب هذه التسميات تقريبا، لتبقى “أگادير” بمدلولها الأصلي كحصن منيع، تقاوم عوادي الزمن. وبالرجوع إلى الأصول “الطپونيمية” للتسمية، نتأكد أن معظم المؤرخين واللغويين، كـ (Pomponius Mela)، و(Georges Marcy)، و(Ernest Mercier)، و(Emile Laoust)، و(Maurice Sznycer)… وغيرهم، قد أجمعوا أن اسم “أگادير” (Agadir) تتألف من الشقين اللغويين: “أگّ” (Ag/Ak) و”أدّار” (Addar). على اعتبار أن دلالة كلمة “أدّار” تحيل على “المرتفع” و”القمة”، في لغة بلاد “تيمّوزغا” أي “أدرار” (Adrar)، بينما يحيل الملحق (l’affixe) “أگ” (Ag/Ak) على معنى “الرأس المطل” أو “المنتهى المطل”… ليصير معنى “أگادير” هو “المنتهى المطل للمرتفع/الجبل”…
ولعل هذه المعطيات الطپونيمية واللغوية المحلية لمجال “المغرب” نفسها هي التي قادت هؤلاء المؤرخين واللغويين إلى التوصل بأن اسم “روزادير” (Rusaddir): الاسم القديم لمدينة “مليلية” المحتلة، لم يُحَوَّر سوى من “روزادِّير” (Rusadder)، المحوَّر بدوره من “روزيگادار” (Rusigada-r)… علما بأن الاسم الملحق “روز” (Rus) يحيل على “الرأس” و”القمة” في اللغة “البونية” (punique) القديمة..، والذي أضيف إلى “adder” التي تحيل على المرتفع أو الجبل.. في اللغة الأمازيغية المحلية..

بل ومن المؤرخين والمهتمين من يذهب أبعد من ذلك، ليُقِرّ بأن اسم مدينة “قادس” (غاديش أو غادس) (Gades/Gadis/Cadis/Cadix) على السواحل الأطلنتية، جنوب غرب الجزيرة الايبيرية، لم يكن سوى تحويرا لاسم “گادير” (Gader)، والمأخوذ بدوره من الطپونيميا الأمازيغية “أگادير”…

إنها معطيات طپونيمية وتاريخية ولغوية دالة على استقرار ضارب في القدم بهذا المجال، وبهذه الربوع على الخصوص، ويستحيل معها اختزال تاريخ “أگادير” كهوية.. في مجرد منفذ بحري، أو في لحظات الزلزال المدمر لـ 29 فبراير 1960، أو في رسو البارجة الألمانية (Panther) في يوليوز 1911، أو في التواجد البرتغالي المحدود النطاق زمنيا ومكانيا مطلع القرن السادس عشر… بل الأمر يتجاوز ذلك إلى زمن ممتد امتداد “سوس” كمجال تاريخي انصهرت فيه الهوية والتاريخ مع الجغرافيا واللغة، وليحتفظ بخصوصية منيعة، جعلت منه منطلق قيادات وزعامات سياسية تعاقبت على تاريخ المغرب، بدءا بالمرابطين، ومرورا بالموحدين، ووصولا إلى السعديين.. كما تؤكد جميع المصادر… قبل أن تدخل المنطقة فترة حصار دام زهاء قرن ونصف من الزمن، بعد إغلاق هذا المنفذ البحري الهام من طرف السلطان العلوي محمد بن عبد الله منذ سنة 1765 إلى غاية 1929 سنة إعادة فتحه على يد السلطات الاستعمارية..، ولتعود الحياة الاقتصادية نسبيا إلى “سوس” وجيوبه بالسهل وبالجبل..

*أستاذ

Facebook Comments

يمكنك ايضا ان تقرأ

صور. حفر بئر في الظلام بآيت ايمور يسائل السلطات بمراكش..

كلامكم شهد دوار بولقبور جماعة وقيادة أيت ايمور