تدني المستوى التعليمي في المغرب يكلف الدولة تحويلات مالية بالملايير

تدني المستوى التعليمي في المغرب يكلف الدولة تحويلات مالية بالملايير

البدالي صافي الدين

يهاجر طلبة مغاربة إلى دول أوروبا الشرقية و كوريا الجنوبية واسبانيا للدراسة على حساب أسرهم ، بعدما لم يجدوا بنية استقبال تعليمية في بلادهم تستجيب لحاجاتهم في الجامعات و المعاهد و المدارس العليا و خاصة الطلبة الذين ليست لهم معدلات مرتفعة و الذين يئسوا وأسرهم من التردد على الجامعات و من استمرار تعليم جامعي يطبعه التكرار و البؤس و دخوله على خط المحسوبية و الزبونية .

 

لقد عرف التعليم الجامعي منذ التقويم الهيكلي سنة 1983 من القرن الماضي إفلاسا غير مسبوق حيث أصبح ينتج العطالة، أي “المعطلون حاملو الشهادات”.و أصبح وجهة تعليمية غير مرغوب فيها من لدن الحاصلين على شهادة الباكلوريا.

 

و بهذا فقدت الشواهد الجامعية قيمتها الادبية و المعنوية و كذلك شهادة البكالوريا.و بقي المخرج الوحيد عند غالبية الأسر هو البحث عن الدولة التي تضمن لأبنائها تعليما جامعيا يمكنهم من شواهد تؤهلهم للحياة العامة في الداخل أو في الخارج ، كالصيدلة أو طب الأسنان أوالطب العام ، بغض النظر عن الكفاءات، و بذلك تضطر الأسر أن تخضع لشروط الوسطاء للحصول على التأشيرة و التسجيل في جامعات بعض الدول من بأوروبا الشرقية ( رومانيا ،أوكرانيا ، روسيا ، ليتوانيا …) ، اسبانيا ،كوريا الجنوبية . و تخضع لضغط و شروط سماسرة العملات. و بذلك تفقد الدولة مئات الملايير من العملة الصعبة سنويا و ما يترتب عن ذلك من مشاكل اجتماعية واقتصادية وثقافية .

 

إن التغاضي عن هذه الظاهرة من طرف الدولة يعتبر جريمة في حق التعليم في بلادنا الذي كان عليه أن يكون في مقدمة الدول التي يؤمها طلبة العالم بما فيهم الأوروبيين . لقد أخطأت الدولة المغربية لما تبنت عملية الانتقاء لاجتياز المباريات لولوج بعض الأسلاك في التعليم العالي. خاصة بالنسبة لكلية الطب والصيدلة وطب الأسنان وكذلك بالنسبة لشهادة الماستر. و لم تكن هذه العملية سليمة لما يشوب بعض المعدلات من نفخ في نقط المراقبة المستمرة و الغش و أيضاً سلامة معايير الانتقاء ، لأنه يمكن لطالب حاصل على شهادة الباكلوريا بميزة مقبول أن يتفوق في شعبة الطب أو الصيدلة و التجارب أكدت ذلك.

 

إن الدولة تقوم بعملية الانتقاء لأنها تفتقر الى بنية استقبال الطلبة الحاصلين على شهادة الباكلوريا. فجعلت المتخلى عنهم يبحثون خارج المنظومة التعليمية المغربية التي أصبحت تجبر الطلبة على الهجرة الى دول أوروبا الشرقية او اسبانيا او كوريا الجنوبية على حساب أسرهم ، حيث لا توجد شروط الانتقاء كما هو الشأن في المغرب. إن سياسة التعليم العالي في بلادنا هي سياسة افراغه مما كان عليه من عطاء منذ غداة الاستقلال ، إلى ان تكالبت عليه ايادي الاستغلال و الاقصاء للحد من امتداداته العلمية و الفكرية ليتحول الى مستوى مدارس ثانوية او أقل من ذلك .

 

إن ما أصاب التعليم الأساسي و الثانوي والتأهيلي من انحطاط امتد الى التعليم العالي . إن الدولة لن تكون لها قائمة إن هي استمرت في سياسة تعليمية قوامها التخلف و التبعية و المتاجرة و لم تضع في حسبانها بأن نجاح أي مخطط تنموي لن يتحقق دون تعليم وطني متكامل و هادف ينافس الأنظمة التعليمية العالمية ليتبوأ المراتب الأولى في الاستقبال و التخرج و في البحث العلمي.

Facebook Comments

يمكنك ايضا ان تقرأ

خدمة عسكرية.. 29 أبريل الجاري آخر أجل لملء استمارة الإحصاء

كلامكم يذكر وزير الداخلية الشباب الذين تمت دعوتهم