هند نصير ظاهرة تشكيلية واقعية

هند نصير ظاهرة تشكيلية واقعية

- ‎فيفن و ثقافة
447
6

محمد البندوري

 

   ترتكز التجربة التشكيلية للفنانة التشكيلية هند نصير على أُسّ حداثي يستمد كينونته من الواقعية المعاصرة، ويمتح مقوماته من الأسس الفنية والجمالية للتشخيص في شموليته، حيث تتبدى أعمالها قراءة حداثية  للواقع المتعدد المضامين. فالمبدعة تصنع شخوصات تعبيرية متنوعة، وتصيغها في أشكال وألوان متنوعة حسب ما تقتضيه المادة التشكيلية وما تشكله رؤاها الفنية من تفاعل مع الواقع ومع المسار الجديد في الفن المعاصر. فهي تنفتح على مختلف الألوان المعاصرة وتردفها بالمادة الواقعية وبالبورتريه المعاصر وتعتمد التدريج لتنسج من ذلك المادة التعبيرية. فمختلف المواد الفنية الشخوصية مرتبطة بمضامين حمالة لأوجه من المعاني ولعدد من الدلالات. ولصنع ذلك، فإنها تعمد إلى روابط علائقية تُجمّل بها الفضاء وتدعم بها صفاء قيم السطح، وهي تتمظهر بين كتل من العلامات اللونية المضمرة داخل الشكل الواقعي. فتعمد من خلال عملية البناء إلى إنتاج توليف بين مختلف العناصر المكونة لأعمالها لتنتج مفردات فنية جديدة، وتطبع المساحات بتراكمات رمزية تهيء المجال لإنتاج الدلالات العميقة، التي تنبثق من اللون أو من الشكل الواقعي أو من الملامح البورتريهية، والتي تؤصل لفلسفة فنية حداثية تستجيب لضرورات العمل الواقعي المعاصر حتى يتفاعل مع القارئ ومع والثقافة التشكيلية التفاعلية المعاصرة.

 

   إن جماليات التشخيص الإيحائي في عمقه التشكيلي يُحدث حركات فنية قادرة على منح التشكيل الواقعي تعبيرا تفاعليا يتيح تعددية القراءة، فالفنانة هند نصير لها قدرات عالية تستطيع من خلالها بلورة العملية الإبداعية الواقعية وفق خاصيات جديدة وأساليب واقعية معاصرة في المسلك التشكيلي وفي التعبير الحداثي، فهي بذلك تخصب الأرضية الفنية لمجال واقعي دلالي يتطور في عمق الصورة الشخوصية الواقعية بصيغ جمالية تفاعلية جديدة، تتجاوب بشكل تلقائي مع عمليات تكوين الفضاء الواقعي التعبيري وتتلاءم مع مختلف الأنساق الدلالية التي  تُطاوع الحس الانفعالي، وتستجيب بسهولة إلى تصورات المبدعة التي تتوفر على قدرات تحكمية في الفضاء وفي المادة التشكيلية الواقعية.

فهي تؤلف بين العناصر المكونة لأعمالها، باستخدامات تحولية تروم من خلالها تثبيت الانسجام بين مختلف المفردات التشكيلية وبين مختلف الأشكال البنائية بصيغ تُعصرن بها أسلوبها الواقعي الحداثي وتقوده إلى عوالم التجديد في أبعد غاياته الفنية والجمالية. فمجمل المفردات التشكيلية التي توظفها بشكل منطقي وبتموضع دقيق تجعل المادة التشكيلية تتقصد الواقع بفنيات لونية وبنماذج واقعية ذات محاسن مبهجة؛ تنسجها وفق خاصيات جمالية بإضافة عناصر جديدة مما تحمله تصوراتها، ومما تحمله كذلك تقنياتها العالية من تغيرات على مستوى الشكل أو على المستوى الفني، فهي تجعل من اللون بناء فنيا منظما في تواشج عميقة الدلالات، عن طريق التعبير بمفردات الواقع التي تعتبر جوهر أعمالها الواقعية،

فاستخداماتها الشخوصية وتثبيتها لعناصر الطبيعة أو للبورتريه هو في جوهره مرتكزا فنيا ودلاليا، يعكس ذاك النسق الجمالي المتجدد، الذي يميز الخطاب التشكيلي الواقعي لديها، ويميز تفاعلها مع المضامين التي تبلورها فنيا وتشكيليا في صيغ حداثية تلعب فيها الموتيفات التي تطال مجال الشكل أدوارا هامة في صياغة الحركة التي تبعث نبرات موسيقية، تحرك الفضاء التشكيلي برمته. فيتبدى الحس الفني من خلال الواقع المتحرك في الفضاء التشكيلي، ومن خلال الوصل بين مختلف المفردات الفنية التي تحمل مضامين متنوعة، والتي تشكل حيزا هاما في التعبير، فيتحقق في أعمالها التنوع بين ما يضمره مجال الشكل وبين ما تفصح عنه المادة التشكيلية الواقعية، عبر وحدة التكوين والتصور وحداثة الأسلوب، ما يوازن بين المبنى والمعنى ويُغري بالقراءات الجمالية الحصيفة.


 

Facebook Comments

يمكنك ايضا ان تقرأ

إغلاق ثلاث “سناكات” بدرب الضبشي بمراكش لهذا السبب..

كلامكم في إطار عملية المراقبة المستمرة للمحلات الغذائية