تفاصيل اعتقال شرطة دبي “ملاك الموت”.. المحرض المفترض على جريمة “لاكريم”

تفاصيل اعتقال شرطة دبي “ملاك الموت”.. المحرض المفترض على جريمة “لاكريم”

- ‎فيفي الواجهة, مجتمع
223
6

 

بعد أكثر من سنتين على الاعتداء المسلح بمقهى “لاكريم” بمراكش،المحرض المفترض على هذه الجريمة المروعة يقع أخيرا في قبضة الأمن،فقد أصدرت القيادة العامة لشرطة دبي،أول أمس الاثنين،بيانا أعلنت فيه عن اعتقال “رضوان التاغي” (41 سنة)،واصفة إياه بـ”أحد أخطر العناصر الإجرامية المطلوبة عالميا والمدرجة على قوائم الإنتربول”، وموضحة بأن المشتبه فيه،المعروف بلقب “ملاك الموت”،بسبب بأسه الشديد وقوة بطشه بخصومه في عوالم الجريمة المنظمة دوليا،كان موضوع مذكرات بحث عديدة على الصعيد الدولي،لاتهامه بالعديد من جرائم قتل والاتجار الدولي في المخدرات، وقد دخل إلى دبي الدولة منتحلا هوية شخص آخر، وكان يقيم في إحدى الفيلات بالإمارة نفسها،قبل أن يتم توقيفه بفضل تعاون مثمر مع كل من الشرطة الهولندية والإنتربول.

موقع “العربية.نت” نشر تصريحا للقائد العام لشرطة دبي،اللواء عبد الله خليفة المري،قال فيه إن المشتبه فيه،الحامل للجنسية الهولندية، دخل عبر مطار دبي مستخدما وثائق رسمية،عبارة عن جواز سفر رسمي وتأشيرة سفر بهوية غير هويته، قادما من هولندا، وكان يستعين بمساعدين من جنسيات مختلفة لتسيير أموره واحتياجاته الحياتية اليومية، دون أن يمارس أي نشاط إجرامي بالإمارة الخليجية.

وأشار الموقع الإلكتروني نفسه إلى أن القائد العام للشرطة الهولندية، إيريك أكيربوم، أشاد بجهود السلطات الإماراتية وشرطة دبي في تعقب المتهم،والتي تكللت في النهاية بتوقيفه،معتبرا تعاون شرطتي هولندا ودبي نموذجا للتنسيق بين أجهزة الشرطة في مكافحة الجريمة المنظمة حول العالم.

وعن تفاصيل هذا التعاون، نشر الموقع تصريحا لمدير الإدارة العامة للتحريات والمباحث الجنائية في شرطة دبي، العميد جمال سالم الجلاف، قال فيه إن هولندا طلبت المساعدة في البحث والتحري لاحتمال وجود المشتبه به في إمارة دبي أو في الدول المجاورة، لافتا إلى أن السلطات الهولندية كانت تواجه صعوبة بالغة في الوصول إليه،وهو ما دفعها لرصد مكافأة مالية قدرها 100 ألف يورو للحصول على معلومات تؤدي إلى اعتقال التاغي،الذي تصفه التقارير الأمنية في بلاد “الأراضي المنخفضة” بـ “المجرم الأخطر”،خالصا إلى أن المتهم سيُحال على السلطات القضائية لاتخاذ الإجراءات القانونية المتبعة في مثل هذه الحالات.

من يكون “ملاك الموت”؟

صرّح شقيقا رضوان التاغي ،خلال مرحلتي البحث التمهيدي والتحقيق الإعدادي،في ملف تم ضمه للقضية الأصلية لجريمة “لاكريم”،التي حُكم فيها ابتدائيا على شقيقه الأكبر،”جمال.ت” (48 سنة)، بعشر سنوات نافذة، لإدانته بجنحتي “إنتاج وصنع وتصدير مخدر الشيرا،والمشاركة في الاتجار في المخدرات”،فيما قُضي ضد شقيقهما الأصغر، “مراد.ت” (31 سنة)، بعشرين سنة نافذة،لإدانته بجنايات “المشاركة في القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد،والمشاركة في ذلك،وتقديم مساعدة عمدا وعن علم لأفراد عصابة إجرامية، والتهديد”،(صرّحا) بأنهما ينحدران من عائلة متوسطة غادرت مسقط الرأس بجماعة “بني سلمان”،التابعة لقيادة أسيفان، بإقليم شفشاون،في سنة 1979،باتجاه هولندا،حيث كان والدهما،الذي توفي قبل سنوات، يعمل في شركة لإنتاج مساحيق الغسيل،فيما كانت أمهما،التي لازالت على قيد الحياة،ربة منزل مكون من 9 أبناء،6 إناث و3 ذكور،يتوسطهم رضوان.

وفيما نفى مراد،الذي يشتبه في أنه هو من أدخل سلاح الجريمة إلى مراكش وسلمه إلى المتهمين الهولنديين بتنفيذها المادي،(فيما نفى) علمه بالمهنة التي يزاولها رضوان وبمكان إقامته، مكتفيا بالإشارة إلى أن متزوج من امرأة، تسمى سعيدة، أنجب منها أربعة أبناء، أكد جمال  بأن رضوان يعمل في الاتجار الدولي في المخدرات،وأنه هو شخصيا كان يشتغل لحسابه في هذا الميدان، منذ حوالي 5 سنوات،موضحا بأن رضوان بدأ مسيرته المهنية في هذا الميدان مروّجا لمخدر الماريجوانا بأحياء مدينة فيانين الهولندية،وهو النشاط الذي قال بأنه كان يدر عليه مداخيل مالية كبيرة،و بقي يزاوله حتى بعد عودته للمغرب في سنة 2003.

أما زوجة جمال،”صوفيا.ر”،فقد كانت أكثر وضوحا في إفادتها أمام المكتب الوطني لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، التابع للفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدار البيضاء، إذ أكدت بأن مجال عمل عائلة زوجها الميسورة يلفه الغموض،موضحة بأن رضوان يمتلك عقارات وأملاك بعدة مدن مغربية،فضلا عن مشاريع ضخمة بإمارة دبي ،التي قالت بأن زوجته،”سعيدة.ي”،تقيم فيها رفقة أبنائه الستة،وهي الإفادة التي تتطابق مع التصريحات التمهيدية لأحد المتهمين المدانين في الملف عينه،والتي رجّح فيها بأن يكون رضوان مقيما بإمارة دبي،بعد أن أجرى عملية تجميل لتغيير ملامح وجهه.

ماريجوانا “الراسطا”

كشفت الأبحاث الأمنية والقضائية المجراة في ملف توقيف شقيقي رضوان وأحد أقاربهم عن تفاصيل مثيرة حول هوية الرأس المدبر لجريمة “لاكريم” و عقاراته المنتشرة في العديد من المدن المغربية،و نشاطه في مجال تهريب المخدرات من مسقط رأسه بضواحي مدينة شفشاون باتجاه هولندا،والذي ظل مستمرا حتى بعد ارتكاب الاعتداء المسلح،الذي كان مستهدفا فيها صاحب المقهى،قبل أن يسقط فيه، عن طريق الخطأ، طبيب داخلي بـ 12 رصاصة في مؤخرة الرأس والجانب الأيسر من صدره،فيما أصابت رصاصتان طائشتان زميلته التي كانت تجلس معه وشخصا آخر بالمقهى.

روى جمال للمحققين ظروف التحاقه بالشبكة المختصة في تهريب المخدرات،التي يتزعمها شقيقه رضوان، موضحا بأنه تابع  دراسته بهولندا،التي هاجر إليها برفقة والديه وهو في الثامنة من العمر، إلى أن حصل على شهادة في المحاسبة،ليشتغل هناك بمجموعة من الشركات،إلى أن قرر العودة نهائيا إلى المغرب في سنة 2007 بإيعاز من شقيقه رضوان،الذي كلفه بالإشراف على تسيير مزرعة في ملكيته بمنطقة “ماسة”، بضواحي أكَادير،تبلغ مساحتها 36 هكتارا،قبل أن ينتقل للإقامة بتطوان،التي كلفه شقيقه بتسيير مقهيين بها في ملكيته يحملان الاسمين التجاريين BLUE INN  و BLUE SKY لمدة سنتين،قبل أن يعود مجددا للاستقرار بأكَادير،ويدخل في عطالة مترفة،إذ كان يتلقى من أخيه، الذي يصغره بسبع سنوات، إعانات تتراوح بين 3 و5 مليون سنتيم شهريا.

منعطف مثير في حياة جمال،فقد اقترح عليه شقيقه رضوان ،مطلع 2014،الاشتغال لحسابه في ميدان الاتجار الدولي في المخدرات،وهو ما قال بأنه وافق عليه،ليصبح مكلفا بربط الاتصال بمزارعي القنب الهندي بمنطقة أسيفان،بضواحي شفشاون،الذين يقتني منهم مسحوق الكيف،الذي يقوم بتخزينه بمستودع بمنزل أسرته بدوار “الواديين”، لافتا إلى أنه كان يتلقى من شقيقه مبالغ تتراوح بين 200 مليون ومليار سنتيم لاقتناء محصول الكيف من المزارعين،فيما كانت تصل عمولته إلى 100 درهم عن الكيلوغرام الواحد، حتى يتمكن من جمع كمية يتراوح وزنها ما بين 300 كيلوغرام وطن واحد،ليتم نقلها من طرف أحد الأشخاص،ويُدعى “العياشي”،الذي يمتلك معملا صغيرا يحتوي على آلات ضغط تقوم بتحويل المسحوق إلى صفائح من مخدر الشيرا، تزن كل واحدة منها 100 غرام،قبل أن يتم لفها بواسطة أوراق “السلوفان” و تُطبع عليها عبارة “راسطا”،ثم توضع داخل أكياس، زنة كل واحد منها تصل إلى 30 كيلوغرام،يقوم العياشي بنقلها،مجددا، إلى منزل “آل التاغي”.

ومباشرة بعد انتهاء تلك العملية، يربط جمال الاتصال بشقيقه، عبر رسالة هاتفية نصية قصيرة،الذي يقوم،من جهته،بتمكينه من كلمة السر و رقم هاتفي لشخص قال بأنه يجهل اسمه،الذي يحل على متن سيارة رباعية الدفع لنقل المخدرات التي يشحنها شقيقه إلى خارج المغرب،مؤكدا بأنه شارك في عشر عمليات لتهريب المخدرات،اثنتان منها أشار إلى أنهما تمتا بعد شهور قليلة من وقوع جريمة “لاكريم”.

وفي إطار الاحتياطات التي تتخذها الشبكة لتفادي الملاحقات الأمنية،أوضح بأنه لا يتم التعامل بالأسماء الشخصية بين أفرادها،ويتم الاكتفاء بكلمات السر،كما أنه كان يستعمل هاتفا ذكيا من نوع “بلاك بيري”،وهو من النوع نفسه الذي كان يتواصل به بعض المتهمين الموقوفين في الجريمة،مؤكدا بأنه توصل به من طرف شقيقه،الذي أوضح له بأن من أهم مميزات هذا الجهاز استحالة الإطلاع على محتوياته أو رصد الرسائل النصية الواردة عليه أو التي يرسلها منه،فضلا عن محو معطياته بطريقة تلقائية،خاصة الرسائل الهاتفية التي تحذف نهائيا من ذاكرته بعد مرور ساعتين من إرسالها،وهو الجهاز الذي ضبط معه الأمن أثناء عملية توقيفه وشقيقه مراد،بتاريخ 26 غشت من 2018، كما ضُبط لديه مفتاح رقمي مصنع بمواصفات أمنية عالية الدقة،ويحوي ملفات مشفرة و محمية بقن سري،قبل أن تبين الخبرة التقنية التي أجرتها الفرقة الوطنية بأنها تتضمن معطيات محاسباتية عن نشاط رضوان التاغي في مجال ترويج المخدرات.

 

مراكش:عبد الرحمان البصري (أخبار اليوم)

 

 

Facebook Comments

يمكنك ايضا ان تقرأ

RADEEMA تعلن عن إغلاق الملحقات التجارية بمراكش يومي الجمعة والسبت