منطقة العزوزية . مساء السبت. فصل الرييع . لا أحد يعطش، سوى الموتى. مطر يشتد، يهطل على الأرصفة، على الدواوير، على الشوارع، لا يني يتصاعد، المجارير تعلن أنها اكتفت، البيوت الاسمنتية في الدوار ترسل أدمعها الطنية قبل أن تستغرق في النحيب كأرامل الجنود.
وقطرة فقطرة تغرق المنطقة ،ًمدينة مراكش تبعث رسائلها المائية المدمرة، وكأنما لتقول أن الماء، موجد كل شيء حي، هو أيضا مغرق كل شيء حي. بعد نصف ساعة من الهطول كان علو المياه قد بلغ مترا ونصف.
مجارير الصرف الصحي المغلقة، معبر المياه الوحيد، من مراكش نحو مقبرة العزوزية ، حيث تربض غارقة في ظلال التهميش، حيث الجذور التي عما قريب ستعرف طعم الغرق، تكاد تصيح مع السكان ، معيدة إلى الهواء صيحات الصيادين الموتى. المقبرة الوحيدة بالعزوزوية غرقت عن أخرها حتى أن عظام الموتى عادت إلى العوم، بأزند عارية لعل بعضها كان يعلو ويهبط بتلك المقصات الرنانة، التي تمجد الصيد. ولكن هل مازال ثمة من صيد.
الموتى غرقوا من جديد. أسعفهم الماء ولم يسعفهم الرقص.
الموتى ينعمون بالماء، فيما الأحياء يعاندون لكي يواصلوا الحياة.