النسخة الثانية من البرنامج الكوميدي رشيد شو نموذج لاعادة انتاج تكريس طقوس سنوات الرصاص التي عرفتها بلادنا‎

النسخة الثانية من البرنامج الكوميدي رشيد شو نموذج لاعادة انتاج تكريس طقوس سنوات الرصاص التي عرفتها بلادنا‎

- ‎فيإعلام و تعليم
191
6

يلاحظ المتتبع للبرامج التلفزيونية المغربية في الاونة الأخيرة حدوث طفرة نوعية طفيفة من ناحية الشكل و تراجع كبير على مستوى المضمون. فإذا اخدنا على سبيل المثال لا الحصر النسخة الجديدة للبرنامج الكوميدي رشيد شو وقمنا بتحليلها على بعض المستويات وليس جلها مثلا من حيث سيميائية اللغة المستعملة :استعمال مصطلحات شعوبية :الإدارة والتدبيرإلى العيطة والبندير، شعر حرش،الشيخة، استعمال نهج لغوي يكرس التفاوت الطبقي في الحديث عن موضوع التعليم، استعمال مصطلحات غير بريئة في المقارنة بين الضيفين من حيث شكلهما المورفولوجي تكرس نوع من العنف اللفظي والسخرية السوداء. كما أن استقبال ضيفين من طبقتين اجتماعيتين مختلفتين لم يكن عفويا :الكوميدي باسو ينتمي إلى المغرب غير النافع (زاكورة واختياره دراسة اللغة الانجليزية للاشتغال كمرشد سياحي. … ) وإلى طبقة اجتماعية هشة وبسيطة في العالم القروي، بينما الموسيقى ملين ينتمي إلى طبقة راقية من المغرب النافع (الرباط ودراسته الإدارة والتدبير على الطابع الفرنكفوني ) وينتمي إلى العالم الحضري الرباط ، وتتم المقارنة بين الضيفين بطريقة تكرس التفرقة، الميز العنصري على أساس الجنس ،اللون والمرتبة الاجتماعية . ومن ناحية اللغة التراثية لمسنا نوعا من الاستهزاء بالتراث والذاكرة الشعبية مثلا الاستهزاء من مصطلع البندير والذي له دلالات رمزية وتاريخية في الحضارة المغربية العربية والامازيغية ……الخ وخصوصا في مرحلة مقاومة الاستعمار. اما ناحية تقسيم الديكور فنجد ان ديكور مسرح البرنامج وشكله الدائري عبارة عن مكان للمحاكمة :وجود مكتب كبير للصحفي ذا حجم كبير في مقابل كرسيي الضيفين ذوا حجم صغير ، كرسي الاعتراف، مسابقة الاغاني الموسيقية ووقوف الضيفين كانهما في محاكمة أمام القاضي.الوان حمراء توحي بالدم. …حتى طريقة انتهاء البرنامج ترمز أن الصحفي المنشط للبرنامج لبس ثوب المدعي العام ليقوم باستنطاق الضيوف ومحاكمتهم علينا بإسم الشعب (الجمهور ) عن مسارهم، ترصد أخطائهم. وتمييع صورهم عن طريق فعهم إلى الرقص البوهيمي….في سناريو يوحي بالإعلان عن العودة إلى سنوات الرصاص عبر طقوس كرنفالية حيث أصبح المشرملين هنا وهناك عرضة للرصاص الحي والاعدام العلني بالقتل المباشر دون أدنى شفقة أو رحمة إنسانية. إن تمويل هذه البرامج من مال الشعب يعتبر جريمة كبرى خصوصا لتدجين الشعب (دون مراعاة حقوق المستهلك ) وبرمجته بطريقة غير بريئة بلغة كوميدية ساخرة واستغلال ربما سذاجة الصحفي المنشط واستعماله بطريقة ماكرة لتكريس البرامج التلفزيونية للمحاكمات العلنية التي تعود لسنوات خلت .إن الإخلال الواضح بدور الإعلام يبدو جليا من خلال برنامج رشيد شو في إبراز دور الفنون اإنسانية ومدى أهميتها في تكريس قيم المواطنة والسلم الاجتماعي على أساس التسامح وتقبل الأخر عوض نشر ثقافة الفوارق الطبقية وتفشي الفوضى.
فريدة المويسي

Facebook Comments

يمكنك ايضا ان تقرأ

واش فراس الوالي شوراق.. مقهى تبتلع الملك العام بسويقة باب دكالة و السلطات فدار غفلون

لا حديث بين سكان باب دكالة و زوارها،