الحكاية 16 من حكايات الاميرة ذات الهمة.. حلم فتح القسطنطينية

الحكاية 16 من حكايات الاميرة ذات الهمة.. حلم فتح القسطنطينية

- ‎فيفن و ثقافة
179
6

 

د محمد فخرالدين

قال الراوي:

كان عم الاميرة ظالم و ابن عمها الحارث من جملة الفرسان الذين يعاينون انتقال ذات الهمة من نصر الى نصر، فكانوا يخفون داخل انفسهم كل الحقد ، و الرغبة في الانتقام .

و كان ظالم قد جمع غنائم الحرب الكثيرة ، و الأموال الوفيرة و الأسرى و السبايا التي جناها المسلمون ، و عاد بها سريعا إلى مقر الخلافة في بغداد لينال القرب من الخليفة .

و في هذه الاثناء مات الخليفة المنصور و توفى الى رحمة الله ، وتولى بعده ابنه المهدي ثم الهادي ، فلما علمت ذات الهمة بما حدث وصار ، وجدت انها لا بد لها من زيارة الخليفة الجديد لتقديم البيعة له ، و التداول في امر مواصلة الحرب مع الروم .

و بالفعل عادت الأميرة ذات الهمة عاجلا الى بغداد ،و اصطف السكان على جنبات الطريق احتفاء بقدومها ، مهللين مكبرين، و لم ينقص فرحتهم إلا ما كانوا فيه من حزن على موت الخليفة المنصور .

و دخلت الأميرة ذات الهمة قصر الخليفة الهادي و مثلت بين يديه فاستقبلها بالترحاب ، و قدمت له ما كان من واجب العزاء ، ثم فروض البيعة بالصواب ، فسألها عن الحرب مع الروم و عن حال الثخوم ، فأخبرته بالمعلوم لن الهادي لم تدم مدة خلافته طويلا .

و لم تمض غير مدة قليلة حتى تولى تغير أمر الخلافة ،و تولى هارون المدعو بالرشيد فازدهرت الدولة في أيامه و استعادت القها و مجدها المفتقد و فتحت أبواب الجهاد و تطهير الثغور من جديد .

وفرحت الاميرة ذات الهمة فرحا شديدا بتولية الرشيد و استغلت وجودها في بغداد فطلبت لقاء الخليفة فاستقبلها بالترحاب ، وصفت له الاميرة ذات الهمة ما حدث و صار بالتحديد على الثغور، بين المسلمين و بين الروم ، و كيف استرجعوا مدينة امد و أخذوا القلعة و مالطينة ، و أعادت على مسامعه القصة من البداية الى المنتهى ،ففرح بذلك فرحا شديدا ، و اثنى عليها و على من معها من الجنود ، فطلبت الأميرة منه المزيد من العتاد و الرجال ، فالحرب مع الروم و بيزنطة لا زالت في أولها و لا يظهر انها ستنتهي قريبا دون فتح عاصمة الروم القسطنطينة .

وأقامت ذات الهمة أشهراً ببغداد حتى حصلت على ما تريد من الأموال و العتاد ، ثم أعلنت الترحال بالجنود و الرجال ، و العودة الى الميدان في الحال.

لقد كانت صممت على أمر عظيم ، و لم تشرك فيه إلا بعض رجالها المخلصين فلم يعد يهمها فقط حماية الثغور، بل التوغل في بلاد الروم و الهجوم عليهم في عقر دارهم ، و التمكن من عاصمتهم القسطنطينية،تماما كما فعل جدها الصحاح فهل تتمكن من تحقيق حلمها؟

و لم لا و الأميرة ذات الهمة تملك هذه الخطط الحربية الفريدة التي لا يعلم بوجودها أحد ، و التي تمكنها من دخول طرق بحرية لم يسبق لأي سفينة أن مرت منها أو سلكتها من قبل ، و هكذا تتمكن من المرور بأسطول المسلمين دون ان يستطيع الروم اعتراض سبيلها بمدافعهم وحيلهم النارية .

هكذا أمرت الاميرة ذات الهمة رجالها بالرحيل عن بغداد ، و سلوك طريق الشام و السير في خفة و اجتهاد ، و هناك وجدت السفن بانتظارها لركوب البحر الذي ألفته ، و لم تعد تستطيع الاستغناء عن العيش فيه ..

فقد كانت تنوي التقدم بثبات باتجاه حصار عاصمة الروم البيزنطيين القسطنطينية وفتحها في الحين ، حتى يأمن الجميع عدوانها وشرورها، و صاحت في الجيوش الى الامام ،و ردد القادة أمرها و استجاب الجنود بالتهليل و التكبير ..

القسطنطينة و ما أدراك ما القسطنطينة ، الفخر الذي يعتز به الروم و يجمعون فيه كل قواتهم و منها ينطلقون لحروب المسلمين ..

القسطنطينة ذلك الكنز البحري الذي ضيعه المسلمون ، إرث جدها الصحصاح ، وريثة شرعية لعبودية الرومان القدماء، الذين أنهى الإسلام
دولتهم ..

وكانت ذات الهمة زوَّدت قادتها بمعلومات موثقة بخرائط وخطط تمهد الطريق لفتح عاصمة الروم القسطنطينية، مع دراسات وافية لاحتياجات الجيش وإمداداته وأسلحته وما يكفيه خلال أشهر الحصار الطويلة في حالة إذا ما وقعت ، بل لم تنس حتى عادات الروم وتقاليدهم..

و عقدت لقاءات من اجل تخطيط و التفصيل ، فالأمر ليس سهلا و لا
يمكن ان يترك للصدفة او العبث او التسرع ، في انتظار أن يأتي موعد الهجوم الكبير .

Facebook Comments

يمكنك ايضا ان تقرأ

RADEEMA تعلن عن إغلاق الملحقات التجارية بمراكش يومي الجمعة والسبت