الحكاية 8 من حكاية الأميرة ذات الهمة.. سقوط الثغور

الحكاية 8 من حكاية الأميرة ذات الهمة.. سقوط الثغور

- ‎فيفن و ثقافة
157
6

 

د محمد فخرالدين
قال الراوي :

و اطلعت الاميرة على الخطط المرصودة في الصندوق و هي تضم الخرائط بأسماء الثغور و الطرق البحرية ، التي تنطلق من بلاد المسلمين الى بلاد بيزنطة و الروم .

ـ لكم حلمت ذات الهمة طويلاً منذ الصغر، ومنذ كانت في الحجاز بركوب هذا البحر والإلمام بأسراره ودفائنه، و الان أصبح هذا الهدف قريبا من التحقيق..

انكبت الاميرة ذات الهمة على دراسة موروثات جدها الصحصاح – فاتح القسطنطينية – تلك الكتب التي تتخذ من البحر وأسراره وعلومه وأخطاره مادة لها ، و كلما زاد اطلاعها على تلك الكتب زادت إيمانا بقدرتها على خوض غمار الحروب البحرية و تحقيق الانتصار على جحافل الروم و بيزنطة ..

و لما اكتمل علمها بتلك الكتب النفيسة ، و الخرائط الدقيقة ،صارت تدرسها لشباب المحاربين من عرب و حجازيين و نجديين و سودانيين و سوريين و فلسطينيين الذين قصدوا مضاربها من كل وجهة من أجل التدارس و الاستعداد لصد الأعداء ، خاصة و أن الأخبار الغير السارة كانت تردها بكون الروم يستعدون للهجوم على بلاد الاسلام و يستعرضون قواتهم البحرية في بحر الشام ..

و كان الروم قد قويت شوكتهم و استعادوا قوتهم بعد توحيد صفوفهم و اتحادهم ، وتساقط ثغور المسلمين يوما بعد آخر ، كما أعدوا خططا
بحرية جديدة للهجوم على المسلمين و هزمهم أشنع هزيمة، فاجتاحت جيوشهم الثغور بقيادة ملكتهم مالطينة و أختها باغة و قائد الجيوش إمنويل ..

لقد استعادوا كل مدنهم التي فقدوها في السابق ، و فر من بقي المسمين الى عاصمة الخلافة التي كانت قد تحولت من دمشق الى بغداد بعد صراع عنيف على السلطة بين بني أمية و بني العباس ..

و قد أصاب الخلافة ضعف و هوان شديد في هذه المرحلة حيث اقتتل المسلمون فيما بينهم ،و سادت بينهم الفرقة و كثرت الملل و النحل ..

بالإضافة أن الروم صاروا يمتلكون جيشا قويا موحدا تحت امرة قائد شرس هو امنويل ذلك القائد الذي خبر الحروب و اطلع على دقائق الأمور ،و بث جواسيسه في كل مكان من أرض الخلافة ، كما صاروا يمتلكون أسلحة جديدة مدمرة تمكنهم من التفوق و الغلبة ، ابتداء من القنابل النفطية والمفرقعات، إلى البراميل المعدة من البخور المركب الذي يؤثر في أعصاب المقاتلين ، و السهام الكبريتية القابلة للاشتعال و إحراق أي مكان تصيبه ناهيك أن سلاح المنجنيق الذي طوروه فصار أكثر قدرة على التصويب و التسديد و اختراق القلاع و التحصين .

و كانت الاميرة ذات الهمة تصلها المعلومات الحربية بشكل دقيق من رجالها المخلصين المتوزعين بين صفوف العدو ، و هم يتكلمون بكلامه و يتقنون لغته و يتسمون بأسمائه ، فتقلق مما يصلها من اخبار الهزائم المتتالية التي تلحق بدار الاسلام ، و من الخطط الجهنمية التي تعد بليل و بمنتهى السرية ، و عن نقص الاسلحة الحربية التي يمتلكها المسلمون مقابل ما يملكه الروم من اسلحة و ذخائر حربية جديدة .

فلما وصلتها أخبار آخر هذه الهزائم صاحت في جلسائها بحدة و غضب :

ـ هزائم تلو هزائم ماذا يحدث لنا … ألم يفتح جدي الصحصاح مدينة القسطنطينة و يطهر الثخوم من الأعداء ..لم كل هذا الضعف ..

و استطردت قائلة :

ـ لا لا يمكن لهذا الوضع أن يستمر، سأكاتب الخليفة الآن ، لطالما كاتبته لكن الامر اليوم مختلف ، سأصف له خطورة الوضع و سأخبره عن استعدادنا لحرب الاعداء و دحرهم في الحال دون كلال ..

لكن للأسف لقد كاتبته مرارا و لم يبد حراكا للأسف …يقول هو منشغل بإرساء دعائم دولته ، فهل ننتظر حتى يغمرنا الاعداء و أي دولة ستكون بعد ذلك ؟

كان الشباب من الفرسان التي تسهر على تدريبهم على الخطط الحربية يتحلقون حولها يقلقون لقلقها و يفزعون لفزعها، اما هي فقد راعها ما يحدث و بقدر ما كانت منزعجة بقدر ما كانت تحاول التفكير في حل عملي قريب ..

توالت أشرطة التاريخ المحزن و الدامي أمام عينيها ،لقد ورثت حرارة دم جدها الصحصاح و لذلك فهي لا تقبل الهزيمة ، انها لم تكن نائمة على أذنيها كما يقال ، فقد علمت هذا الأمر من بدايته، ورواه لها بداية رفيق جدها الشيخ معروف ، و هي تستقصي كيف تم الاستغناء عن جدها الصحصاح قائد جند المسلمين ، و كيف تم عزل الأمير مسلمة ثم توالت الأحداث الى سقوط الخلافة الاموية و تولي بني العباس ،و ما اقتضى ذلك من قتال بين المسلمين و من ضياع للوقت في تأسيس الدولة الجديدة ..

Facebook Comments

يمكنك ايضا ان تقرأ

RADEEMA تعلن عن إغلاق الملحقات التجارية بمراكش يومي الجمعة والسبت