تشير دراسة أنجزتها، مؤخرا، منظمة العمل الدولية إلى أن عدد الأطفال العاملين في العالم يبلغ 168 مليون طفل، من بينهم 120 مليون طفل تتراوح أعمارهم بين 5 و14 عاما.وأن 85 مليون منهم يعملون في أعمال خطرة .وبحسب هذه الدراسة فإن نحو 20-30 في المائة من الأطفال في الدول ذات الدخل المنخفض ينتقلون من المدرسة إلى العمل قبل سن 15 عاما، وأن نسبة أكبر من ذلك تترك المدرسة قبل هذا السن. يصبحون عرضة للاستعباد وسائر أشكال العمل الجبري والاتجار بالبشر بل حتى استخدامهم في النزاعات المسلحة والإرهاب “كأطفال داعش” وفي أعمال الدعارة والأعمال الإباحية وترويج المخدرات وكل الأنشطة غير المشروعة. وتشير تقديرات منظمة العمل الدولية إلى وجود 5 ملايين طفلٍ عالق في ظروفٍ شبيهة بالعبودية، وإلى أن الغالبية الساحقة منهم لا تحصل على التعليم الأساسي.
وفي هذا السياق ،تعتبر ظاهرة تشغيل الأطفال بالمغرب من الظواهر المجتمعية الشاذة التي استمرت في الانتشار لسنوات طوال ،نظرا لعدة عوامل اجتماعية واقتصادية وتعليمية متداخلة ومتشابكة أهمها الفقر، التفكك الأسري، الفشل الدراسي، الهجرة الداخلية والعامل الثقافي فضلا عن فشل الاختيارات السياسية في هذا المجال وضعف وزارة التشغيل في مواكبة ملف مكافحة تشغيل الأطفال إلا في المناسبات الاحتفالية . .حيث أن أعداد كبيرة من الأطفال المغاربة تشتغل في سن جد مبكرة اغلبها في الزراعة والرعي والاقتصاد غير المهيكل أو في مجال العمل المنزلي أو في الصناعة والحرف التقليدية… ففي غالب الأحيان دون أجر أو بأجر هزيل تستخلص المستحقات الشهرية المترتبة عنه من طرف الآباء من أجل ضمان قوت العيش .
ومن جانب أخر غالبا ما يصبح هؤلاء الأطفال عرضة للاستغلال ،كما تتم إساءة معاملتهم والاعتداء عليهم أثناء قيامهم بعمل في المنازل ، بعيدا عن عائلاتهم. وقد عرف المغرب عدة أحداث من ضروب سوء المعاملة او المعاملة القاسية ضد الطفلات العاملات المنزليات.وبجانب هذه الأعمال المنزلية نشاهد عدة أعمال يقوم بها الأطفال تعرض صحتهم الجسدية والعقلية والأخلاقية للخطر. وحسب نتائج البحث الوطني حول التشغيل فإن عدد الأطفال النشيطين المُشَغَّلِين الذين تتراوح أعمارهم ما بين 7 و أقل من 15 سنة قد بلع 174 ألف طفل سنة 2010 أي ما يعادل 3 في المائة من مجموع الأطفال المنتمين لهذه الفئة العمرية. وحسب الدراسة ذاتها، فإن 84 في المائة من الأطفال النشيطين تشتغل في القطاع الفلاحي و6 في المائة في قطاع النسيج و3 في المائة في التجارة و2 في المائة كخادمات في البيوت و5 في المائة في أنشطة مختلفة.
كما أن معطيات البحث الوطني حول التشغيل الذي أنجزته المندوبية السامية للتخطيط من قياس تطور ظاهرة تشغيل الأطفال وخاصياتها بالمغرب، إذ تبين من خلال معطيات المندوبية أن عدد الأطفال المشتغلين الذين تتراوح أعمارهم ما بين 7 سنوات وأقل من 15 سنة بلغ، سنة 2012 نسبة 1,8 في المائة من مجموع الأطفال الذين ينتمون إلى هذه الفئة العمرية. وأشارت المندوبية إلى تمركز ظاهرة تشغيل الأطفال بالوسط القروي، حيث همت 3,6 في المائة من الأطفال (76.000) سنة 2013 مقابل 16,2 في المائة سنة 1999 (452.000 طفل)، في حين لا تهم هذه الظاهرة بالوسط الحضري سوى 0,4 في المائة من الأطفال (10 آلاف) مقابل 2,5 في المائة سنة 1999 (65.000 طفل)
وغالباً ما يشكل فقر الأسر وضعف الدخل عوامل محفزة لتشغيل الأطفال في سن مبكرة وبأي ثمن ودون شروط مسبقة . لدى وجب ضمان حصول الأسر الفقيرة على دخل كافٍ وقار ورعاية صحية علاوة على تقديم المساعدة المطلوبة واللازمة للأسر الفقيرة في الإبقاء على أطفالها في المدرسة بعيداً عن العمل لديها أو لدى الغير وضمان احترام إجبارية وإلزامية التعليم حتى بلوغ 16 سنة و مراقبة تمدرس الأطفال.