الحكاية ال 5 من حكايات الأميرة ذات الهمة.. عودة الصحصاح

الحكاية ال 5 من حكايات الأميرة ذات الهمة.. عودة الصحصاح

- ‎فيفن و ثقافة
306
6

 

 

د محمد فخرالدين

قال الراوي :
ثم إن الصحصاح عاد الى الجنود و امرهم بالاستعداد للمسير ،و عاوده الحنين الى قبيلته و ابنة عمه ليلى ، و لما وصل المعسكر طلب من الامير مسلمة الاذن بالرواح، على سبيل الاستعجال مستغلا وقت المهلة من القتال ، فأذن له في الحال ، فقرر العودة الى الديار و حمل المهر الى عمه و إتمام الزواج ..
ثم انه عاد الى الخليفة في دمشق و أخبره بواقع الحال ، و طلب منه فسحة من الوقت و مهر ليلى ، فأ جابه الى ذلك و سلمه ما طلبه من المال، فعاد فرحا الى قبيلة بني كلاب و تزوج ابنة عمه ليلى و قرت عينه بها و دام الفرح اياما و اسابيع، و مدت اسمطة الطعام، واكل الخاص و العام ..
و بعد ذلك عاد الصحصاح على وجه الاستعجال و قد علم بتجدد القتال الى عاصمة الخلافة ، و منها انطلق للالتحاق بالأمير مسلمة على الثخوم و التخطيط للهجوم ..

انشغل الامير مسلمة و قائده الصحصاح بفتح مالطية و حصار عاصمة الروم القسطنطينية الذي فاق أربعة أعوام..

و في تلك الاثناء انجبت زوجة الصحصاح ولدين ظالم و مظلوم ولما وصلته الاخبار فرح فرحا شديدا ما عليه من مزيد، و ارسل الهدايا الى زوجته ليلى واعدا لها أن يزورها متى سنحت الفرصة ، و كان انشغاله بالحرب الى جانب رفيقه القائد مسلمه قد شغله عن زيارة أهله طيلة تلك المدة .

و على مدى سنوات الحرب المستعرة التي لم تترك له يوماً لرؤيتهما منذ رحيله عن أرض الحجاز إلى دمشق، لم يزرهم إلا مرة واحدة عقب فتح مالطة.

وطال حصار عاصمة الروم، وكانت أخبار الانتصارات العربية تتوالى إلى عاصمة الخلافة ، مما كان يشرح صدر الخليفة عبد الملك بن مروان،

و هو يطلع على رسائل ابنه الأمير مسلمة وقائد الحملة الصحصاح فيحثهما على الاستمرار في تطهير الثغور و حمايتها ..
إلا أن الخليفة عبد الملك كان قد اشتد عليه المرض ، ولزم فراشه، و لم يستطع أن يواصل الحكم ، و كان يخفي مرضه و ما كان يشعر به من قرب نهايته ، حتى لا يتسرب الخبر إلى صفوف الأعداء ، وفضل ان يبقى مسلمة لمتابعة حراسة تخوم خلافة المسلمين ورغم حنينه، وهو يعاني سكرات الموت، إلى مجرد رؤية ولده المظفر ، و استغل ابنه الوليد الفرصة فأصبح يمارس الحكم مكانه ..

و لما أحس الخليفة بدنو أجله اوصى بالخلافة لولده مسلمة، الشيئ الذي جعل ابنه الوليد يغضب غضبا ما له مزيد و يقرر أن يستأ ثر لنفسه بالحكم مهما كلفه الأمر ..

و فضل الوليد، بعد ان اقام مراسيم الدفن و تلقى العزاء إخفاء وصية الأب طمعاً في الخلافة و السلطة التي كان ينعم بها منذ مرض والده بل و أعلن نفسه خليفة للمسلمين ، و جعل عددا من خدمه المخلصين يوافقوه على ذلك ،بعد أن انعم عليهم و قربهم إليه ، و حاول أن يستبقي أخاه في ميدان المعركة بعد أوهمه أن الخليفة لازال حيا من خلال الرسائل التي كان يرسلها باسمه و تحمل خاتمه ..

لقد ظل يكاتبه باسم والده الخليفة لمدة خمسة أعوام لأنه كان يخاف من انتصاراته والتفاف الأمصار حوله،
وفي العام السادس عاد الأمير مسلمة الى عاصمة الخلافة ، بعدما تحقق فتح القسطنطينية واستسلام ملكها لشروط المسلمين ..

و كان الوليد يراقب ذلك مغتاظا و هو يفكر في طريقة ليفرق بين القائدين منتظرا الفرصة المواتية لذلك..

و أقيمت الزينة والأفراح في عاصمة الأمويين دمشق لاستقبال القائدين.
ودخل الأمير مسلمة والقائد الصحصاح قصر الخلافة، و هما منتصرين تحيط بهما الجيوش، محملان بالأموال وأسلاب الأسرى من قواد وأمراء جيوش الروم، ما بين يونانيين وبلغار ورومان وغاليين أو فرنسيين، وهم في قيودهم ..

و عانقهما الوليد مبديا الفرح و السرور ودامت أفراح الانتصار والبهجة أياماً طوالا ..

وبدل الخليفة الأموي الجديد الوليد بن عبد الملك كل جهد، في محاولة إخفاء وصية والده الخليفة التي أوصى فيها بالخلافة من بعده لابنه مسلمة.
فقد كان الخليفة عبد الملك بن مروان، يرى أن البلدان العربية و الإسلامية، في أشد حاجة إلى قائد مجاهد صقلته ظروف الحرب، و حنكته المعارك و تجاربها ، مما جعله يفضل أن يترك الخلافة لابنه مسلمة ..

اما ما كان من امر شقيقه الوليد ، الخليفة الحالي، فقد اغرته الخلافة ببهجتها و ملذاتها ، لذلك صار شديد الهم و الغم خوفا على نفسه من عودة أخيه مسلمة، برفقة قائد الجيوش الصحصاح ابن جندبة ..

Facebook Comments

يمكنك ايضا ان تقرأ

واش فراس الوالي شوراق.. مقهى تبتلع الملك العام بسويقة باب دكالة و السلطات فدار غفلون

لا حديث بين سكان باب دكالة و زوارها،