عاش حينا من الدهر ، عاش يلبس جلباب الدعوة إلى الله، و تحول راغبا في الاستقطاب السياسوي لعباد الله، ثم انتهى به المسار مؤدلجا لدين الله . نزع عنه ” دراعية ” التوحيد و كذلك ” فوقية ” الإصلاح لم تتجاوز غير تهذيب لحيته و قد كان من باب الاقتضاء بالسنن تخضيبها .عاش متنقلا بين كراسي ” الوعظ الأخلاقي ” مذكرا الناس بأسرار آية الكرسي العظيمة ، فاندثر شرحها من ضمير عبد الإله بنكيران عند جلوسه فوق كرسي رئاسة الحكومة. و لعله لازال يرددها – فقط – بلسانه طمعا في حفظ هذا الكرسي الدنيوي من فكوك التماسيح أو عيون العفاريت. ثم سقط مرجع ” تفسير ابن كثير” من بين يدي رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران الملوثة بطلاء تبييض سواد وجه الفساد ، فتأبط كتاب “الأمير” و استرسل في التسيير الحكومي وفق تفسير يفوق تنظير ميكيافليي.
نعم؛ عاش حينا من الدهر، يراجع أفكاره و ينتقل تدريجيا من التبشير بالتمكين الرباني و إقامة الدين إلى التشبث بالكرسي الدنيوي الذي أصبح عنده حق اليقين. فلا بأس إذن من إخراج صحبته من ظلمات المعارضة والانطلاق بهم نحو تمتيع الإخوان في نعيم حكومة اليسار و اليمين. لا بأس أيضا من جعل الحب في الله مفهوما سياسيا متوسعا يشمل ” كافر” الأمس الذي تحول اليوم إلى ولي حميم .
” عاش بنكيران ” و عاش ثم يعيش … غير أن المثير للانتباه أن الطامع السابق في رحمة الله عبد الإله بنكيران ومع إفراطه في التحول ” الديمقراطي الكبير ” أصبح طامعا في رحمة من عند غير الله!!!. و حيث أن نسائم الرحمة وسعت كل شيء خلقه الله، فما السبب الذي جعل رئيس الحكومة يتحول عن الاستمساك برحمة الخالق القادر نحو استعطاف رحمة المخلوق الضعيف ؟!. إنها صورة الكرسي الدنيوي من جديد، إنه بنكيران يستمر راغبا في ولاية ثانية للجلوس فوق كرسي رئاسة الحكومة.هذا كنه المراجعات الكبرى و التحول “الإصلاحي العظيم”، فبعد اجتناب مساءلة كبار المفسدين والعفو عنهم و قهر”أولاد الشعب” وإعلان “الجهاد” فيهم،هاهو رئيس الحكومة المغربية المتحول “ديمقراطيا” يتخذ سبيله نحو ” الطاغوت ” صراطا مستقيما، هاهو يقسم بالله و يقسم على الله و نظنه من فرط قسمه سيسقط في هاوية اليمين الغموس.
عاش و سيعيش إلى أن يقضي الله أمره الذي كان مفعولا ، و نحن سنهتف مع أتباعه “عاش بنكيران” بل سنسائلهم جميعهم أين تطبيق الشريعة الإسلامية ؟!. وسننتظر أن يعيشوا جميعهم حتى تأتي ساعة “الحل الإسلامي” الذي رفعوه قبل الوصول للكراسي البرلمانية، وطمسوا معالمه دون حياء بعد انهيار” جيل الصحوة” و عجزه عن إحقاق مطلب العدل داخل المجتمع و ترسيخ مبدأ تكافؤ الفرص من داخل مؤسسات الدولة.
نعم؛ سقط ” جيل الصحوة ” راكعا أمام زخرف المنصب و زينة المال وأصبح يشتري بآيات الله ثمنا قليلا (مناصب دنيوية و أصوات انتخابية ). فكيف تناسوا شريعة الواحد القهار الذي له خزائن السموات و الأرض وكيف تجاهلوا مقعد صدق عند مليك مقتدر؟! .
عاش الرئيس بنكيران حينا من الدهر، يدغدغ مشاعر العجائز والأرامل و الأيتام، و عاش يستشهد بمناقب عمر بن الخطاب الصحابي الراشد، ثم أصبح يعيش على أمل الاستشهاد في سبيل الكرسي الرئاسي. و سيعيش بنكيران ثم سيدركه الموت ، و لن يستأخر ساعة و لن يستقدم . فهنيئا له بما ناضل من أجله، إذ لن تنفعه تحالفاته مع اللأوليغارشية المستغلة قصد الحصول على المرتبة الأولى في الانتخابات البرلمانية المقبلة ، و لن ينفعه استسلامه للفساد و المستكبرين ، ولن ينفعه الخطاب الشعبوي و الجدال السياسي أو إدعاء المظلومية عندما يجد الرئيس المتحول بنكيران نفسه جثة هامدة داخل القبر وسط صندوق خشبي أو دونه . ولن يملك جيشه الفيسبوكي موقعا تواصليا آخر للترويج له في حياة البرزخ، كما لن يمنحه صندوق النقد الدولي خطا ائتمانيا و لا قرضا ربوي و لن تستطيع حقائب الدولار الأمريكي الوصول إلى تمويله و إعانته عند هول السؤال المنتظر.
عاش وسيعيش و سيموت ثم سيحييه الذي خلقنا أول مرة ، عندئذ سيتذكر بنكيران و حزبه أن القرآن ليس مطية يركبونها نحو السلطان ، و أن منصب رئيس الحكومة لا يستحق التضحية بجوهر الإيمان . سيتذكر بنكيران أن الله لم يكلفه بمهمة خلق الأرزاق ، فقط هو كان مسؤولا عن أداء الأمانات إلى أهلها ، فقط هو كان مطالبا بالعدل عند تدبيره لشؤون الناس . و سيستمر بعده الأتباع و المريدون الأوفياء والمطيعون ، سيستمرون هم المخلصون لبدعة الرئيس ” المجاهد ” في سبيل الكرسي الدنيوي، سيستمرون هم للكذبة الكبرى الوارثون، سيستمرون هم المجاهدون بعده في سبيل نفس الكرسي الدنيوي، سيستمرون هم المسترزقون بنفس الشعار” الإسلام هو الحل”. و سيتسمر تيار ” أولاد الشعب ” إن شاء الله تعالى بكل ثبات و يقين في أن ” الإسلام دين العدل ” ، سنستمر نحن الشباب الحداثي الشعبي خير ناصح لرئيس حكومة ” الإخوان المفلسون ” و خير مذكر بقول الله عزوجل : “إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ۚ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا” -و تعبير الناس في الآية عام يشمل الفجار والأتقياء-.وحيث أن العبرة بالخواتم ، فعند الصلاة على الميت المسلم نكتفي بالقول جنازة رجل .
عبد المجيد مومر
شاعر
الرئيس المؤسس لتيار ” أولاد الشعب ” داخل حزب الاتحاد الاشتراكي
رئيس جمعية الاختيار الحداثي الشعبي