الحكاية 28 من حكايات أبي زيد الهلالي : التوسع في البلدان

الحكاية 28 من حكايات أبي زيد الهلالي : التوسع في البلدان

- ‎فيفن و ثقافة
240
6

د محمد فخرالدين
قال الراوي :
نعود إلى ما ذكرنا فيما سبق من أحداث السيرة العظام أنه فلما أصبح الصباح وأضاء بنوره و لاح على الروابي و البطاح وضربت طبول الحرب و الكفاح، و لبس ذياب عدة الحرب والقتال ، نزل إلى الميدان، وصال و جال و طلب الفرسان والرجال ،ولما برز إليه أمير طنجة سقاه كأس الحمام ، فدخل البلد و خلص الأسرى والولد ، و جلس على كرسي الإمارة و استلم الأموال والذخائر و البشارة …
هذا ما كان من أمره أما ما كان من أمر أبي زيد فقد كان عليه أن يقتحم الأرض الواسعة التي كانت من نصيبه و أن يخضعها لسيطرته ،و كان أول ما توجه إليه من البلدان و المدن مدينة صيس التي وصلها عند منتصف الليل ونصب خيامه حولها وأحاط بها من كل الجهات، و لما أصبح الصباح و جد سكانها أن بني هلال قد ملؤوا الجنبات و التلال فأصابهم الانذهال و ساروا عند ملكهم في الحال ..
ولما سمع ملكها فياض بالأخبار ،و بوصول بني هلال أمر بالديوان فاجتمع ،و تكامل المجلس من الوزراء و الأعيان و الأكابر ، فسألهم الرأي فيما يجول و يدور ،فأشاروا عليه بعدم العدول عن النزول عن الحرب في الميدان و إرجاع بني هلال عن الديار و سقيهم كاس البوار ..
فقرر فياض الحرب مع بني هلال ، و جمع الفرسان و الرجال وتسلحوا بالسيوف و النصال ،و غطسوا في الحديد كالجبال ، وامتشقوا السهام و النبال ..
ثم إن فياض نزل إلى الميدان و بارز الفرسان فقهرهم في الحرب والقتال ، و لم يزل يعمل بالحسام و يلعب بالنصال إلى أن حل الزوال و دقت طبول الانفصال ..
أما ما كان من أبي زيد فكان يرى من فياض هذه الأعمال فيصاب بالانذهال ،ثم انتظر حتى الغد فنزل إليه على سبيل الاستعجال وجاوله و داوره و عاركه في أشد قتال ،ثم عليه مال وباغثه بضربة النصال ، فقتله و على الأرض جندله في الحال ، و ملك البلد مكانه و امتلك الأموال .
ثم توجه أبو زيد بعد ذلك إلى قلعة سوت ، و كان يحكمها أمير شديد و فارس صنديد ، له آلاف من الفرسان والكثير من الخدم الأعوان ، يقال له البهلوان، فلما عرف بما وقع للأمير فياض قبله من قبل بني هلال و كيف سيطروا على البلاد ، غضب غضبا شديدا ما عليه من مزيد ..و قرر الحرب و الطعان و النزول إلى الميدان..
و تمت لقاء الفرسان في الميدان ووقعت المفاجأة و قتل البهلوان و استولى أبو زيد و رجاله على القلعة ،و أخذوا ما فيها من الذخائر و الأموال..
وتوجه أبو زيد بعد ذلك إلى بلاد مغوارة فلما سمع سكانها خرجوا لاستقباله ،و رحبوا به دون قتال فأقام عليها حاكما من رجاله و أمره بالعدل و الإنصاف و الابتعاد عن أمور الخلاف ..
تم توجه إلى قلعة الأندلس التي وجد أهلها قد وصلتهم أخبار عن وصول بني هلال، و هم مستعدون للحرب و القتال ، فنصب خيامه ورتب فصائله ،و كان وقت وصوله ليلا ، و لما أصبح الصباح وأضاء بنوره و لاح على الروابي و البطاح ، خرج الجميع للقتال، و برز الأمير حماد في الميدان، و لم يصمد أمام أبي زيد غير ساعة من الزمان ، فهرب بجنوده فسبقتهم جنود أبي زيد و استولوا على القلعة و حصلوا على الأموال في الحال ..
ثم توجه أبو زيد بعد ذلك إلى مدينة مراكش ،فنزل حولها و نشر أعلامه و خيامه وكان حاكمها اسمه مالك ، فلما سمع بقدوم بني هلال جمع أكابر دولته و الأعيان و سألهم عنهم و عن أخبارهم وكيف وصلوا إلى البلاد ..
فأخبروه بخبرهم من البداية إلى المنتهي، وكيف دخلوا تونس وقتلوا الزناتي خليفة و ملكوا جميع البلاد ..
و اجتمع مع الأكابر و الوزراء و الأعيان و سألهم الرأي والبرهان ، فأشاروا عليه أن يصالحهم و يسلمهم البلد على الجزية لأنهم لا قدرة لهم على مواجهتهم لكثرة رجالهم و الفرسان ، فتجهزوا وخرجوا للقاء الأمير أبي زيد، فلما رأى بنو هلال أنهم خرجوا إليهم بدون سلاح ، لاقوهم أحسن لقاء ثم إنهم قدموا لأبي الدفاتر و الأموال ، فأعاد مالك إلى عرشه مقابل دفع الجزية وودعه و أوصاه بالعدل و الإنصاف دون إسراف و تجنب أسباب الخلاف ..
ثم ارتحل بنو هلال و ما زالوا سائرين حتى وصلوا إلى بلاد كأنها روض من رياض الجنة ، و هي مليئة بالخيرات فيها أنهار جارية وأشجار باسقة خضراء من كل الألوان ، و هي محملة بمختلف الثمار ، وعليها أطيار تسبح الواحد القهار بكل لسان ..
و كانت هذه البلاد اسمها قلعة زوارة ،و كان يحكمها حاكم عظيم الشأن كثير الفرسان يقال له الأمير كامل، و لما وصلته الأخبار من المنهزمين عن قوة بني هلال و انتصارهم في الحروب وبطشهم بالرجال، صمم على الحرب و القتال ، ليسقيهم كأس الوبال ..ا

Facebook Comments

يمكنك ايضا ان تقرأ

واش فراس الوالي شوراق.. مقهى تبتلع الملك العام بسويقة باب دكالة و السلطات فدار غفلون

لا حديث بين سكان باب دكالة و زوارها،