الحكاية 21 من حكايات ابي زيد الهلالي : زواج الجازية

الحكاية 21 من حكايات ابي زيد الهلالي : زواج الجازية

- ‎فيفن و ثقافة
658
6

 

 

د محمد فخرالدين

قال الراوي :

ثم إن بني هلال بعد أن حققوا المراد عادوا إلى مضاربهم و هم في سرور و أفراح و انشراح ، ودخلوا على الأمير حسن بن سرحان و اعلموه بما حدث و كان من الأحوال و كيف سلبوا من الفرند الأموال….

فاستحسن الجميع أن يرحلوا من هذا المكان قبل أن يدهمهم الفرند بالفرسان و الأبطال، و في الحال أمر حسن بن سرحان بدق طبول الارتحال ،وركب الفرسان ظهور الخيول و حطوا الرحال على البغال ، و ارتحلوا من تلك الأطلال بالحريم و العيال.

أما ما كان من الفرمند فانه لما عاد إلى وعيه و أدركه الوزراء و الحجاب، استعظم المصاب و طلب من الرجال أن يستعدوا للقتال ،و ركبوا في الحال يتبعون بني هلال لمنعهم من الترحال و جدوا في قطع الروابي و البطاح حتى وصلوا بني هلال و شرع الفريقان في الحرب و القتال و استمرا في ذلك حتى الزوال ..

و في اليوم التالي ركب الفرسان و نزلوا إلى الميدان واستمر الحال كذلك مدة ثلاثة أيام و تبارز الفرند والأمير حسن و لم يغلب أحدهما الأخر، و استدعى حسن ذياب للمساعدة قبل أن يحل بهم الوبال و يسبى النساء و الأطفال ..

فما وصل أبا زيد الكتاب، و علم ما وقع و صار ،التحق بهم في الحال، و صال في الميدان و جال، وواجه الفرسان و الأبطال ،فالتقاهم بنو هلال مثل الجبال وتقاتلوا اشد القتال حتى جرى الدم و سال، و عظمت الأهوال، و أخيرا قتل أبو زيد الفرمند و عجل له من الدنيا الترحال ، و مضى بنو هلال في الارتحال …..

ووصل ركب بني هلال إلى بلاد ماؤها كثير يملأ السهول، و يغمر الأرض كالسيول عندما تنزل من الجبال ، فعجزت الفرسان عن المسير فوق الماء إلى أن عثروا على طريق ضيقة المجال ماؤها خفيف ويمكن فيها السير ..

و أثناء عبور الجياد و الفرسان و الجمال حدث تزاحم بين النساء فوقع خلاف بين الجازية و عليا بنت غانم ، فأخبرت اعليا أباها أنها قد سبتها و شتمتها من غير سبب،فغضب غضبا شديدا و قرر الامتناع عن السير حتى تنصف ابنته عليا و تعاقب الجازية عن ما بدر منها من أفعال ..

أما ما كان من أمر الجازية فلما علمت أن أبازيد يطلبها للقصاص منها ، أسرعت في السير و استجارت بالقاضي بدير فأجارها، و عندما طلبها أبو زيد و حسن سرحان، طلب منهما أن يحضرا الجازية وعليا للنظر في أمرهما ،فرأوا ذلك عين الصواب و الأمر الذي لا يعاب ، ثم أن القاضي حكم ببراءة الجازية من المنسوب إليها..

إلا أن عليا غضبت من ذلك ،ورجعت إلى أهلها فتركت زوجها أبا زيد في ضيم و غم و قلق ،لأنه كان يحبها كثيرا و لا يستطيع فراقها و يرفض أن يتزوج أخرى ..

و في اليوم التالي عبر بنو هلال نهر النيل ومازالوا يقطعون الصحاري و البيد حتى وصلوا إلى بلاد الصعيد، و كان حاكمها في ذلك العصر و الأوان هو الماضي بن مقرب ،و كان صاحب حسب و نسب وينحدر من بلاد العرب ،وكان محبوبا عند الجميع الصغار و الكبار، ولما وصل بنو هلال التقاهم بالترحاب و الاحترام ،وأظهر لهم مزيدا من الإكرام..

و أخذ الأمير حسن و من معه من السادات الكرام إلى سرايته و أجلسهم في أعلى مقام …و أقاموا في ضيافته مدة ثلاثة أيام ..

ثم إنه سمع بجمال الجازية و حسنها ، و أن ليس لها مثيلا في النساء ، فكتب إلى أخيها الأمير حسن يطلب منه الزواج منها ، فوافقت الجازية و لبست أجمل ثيابها و استقبلها الماضي أحسن استقبال و قد زين قصره أحسن زينة وحلى ستائره بأفخر أنواع الحرير ونزلت العروس عند الحريم ثم دارت الحلويات وكاسات الشراب على مائدة الأمراء و السادات ..

و بعد ذلك حضرت سفرة الطعام و فيها من سائر اللحومات كالضأن و الدجاج، و بعد أن أكلوا و شربوا رقصت النساء و البنات و غنت المغنيات فكانت ليلة لا مثيل لها في كل أوان ….

و استمر الحال على هذا المنوال مدة ثلاث أيام بالكمال و التمام ..

و في اليوم الرابع استأذن الأمير حسن الماضي في مواصلة المسير، و حاول استبقاء بني هلال بعض الأيام ، فشكره الأمير حسن على الاهتمام و جميل الإكرام ، و أما زوجته الجازية فقد أصرت على مرافقتهم بالبكاء والنحيب ، فوافقها على ذلك الأمر وسمح لها بمرافقتهم ..

و ركبت الفرسان و الرجال و حملوا خيامهم ، ودعى لهم بالتوفيق و الترحيب و الانتصار و سارت بني هلال لتونس لخلاص أسراهم مرعى و يحيى و يونس …

Facebook Comments

يمكنك ايضا ان تقرأ

RADEEMA تعلن عن إغلاق الملحقات التجارية بمراكش يومي الجمعة والسبت