الحكاية 20 من حكايات أبي زيد الهلالي : مصرع البردويل

الحكاية 20 من حكايات أبي زيد الهلالي : مصرع البردويل

- ‎فيفن و ثقافة
261
6

 

 

د محمد فخرالدين

ثم إن فارس فرسان بني هلال أبا زيد قيد نفسه بالقيود الثقال حتى لا ينزل إلى الميدان لقتال البردويل، كما طلب منه الأمير سرحان ،و لكن الحال تبدلت بعد أن سمع الأخبار عن انكسار بني هلال..
فأطلق ذاته من قيوده ، و ركب مباشرة إلى قصر البردويل الساحر المحتال يدعوه للحرب و النزال، إن كان يعد نفسه من الرجال، فلبس برودويل عدته و آلة حربه و نزل إليه في الحال ، و كانت الحرب بينهما مرعبة مثيرة،استطاع فيها أبو زيد أن يبطل أسحار البردويل ،و علا منهما الصياح حتى ملا تلك الروابي والبطاح، و جاول أبو زيد خصمه حتى أذهله كل الانذهال، و حمل عليه فطعنه في صدره فخرج الرمح يلمع من ظهره ،و من هول الضربة أصاب الرمح الصخرة التي كانت وراءه فشقها نصفين ،ثم عاد أبو زيد إلى مضارب بني هلال ، و عاد إلى قيوده كما كان دون أن يخبر أحدا بما جرى و صار و ما كان من الأحوال ..
هذا ما كان من أبي زيد أما ما كان من أمر الأمير حسن فقد تفقد أبا زيد و كان يعتقد انه لا زال في قيده ، فأرسل من يفتقده و ينظر أحواله و يطلب منه أن يمثل بين يديه ..
و سار أبو زيد إلى الديوان و هو ينكر قضاءه على البردويل ، و بينما هو في المجلس عند الأمير سرحان إلا والعبد مسعود يطلب الحضور و الدخول لأمر هام وهو يحمل في صرة رأس البردويل ..
و لما صار وسط المجلس أدى السلام و عبارات الاحترام ، وادعى انه هو من قتل البردويل و سقاه الحمام ، كل هذا و أبو زيد يستمع اليه و يبتسم من ادعائه و كذبه و بهتانه ، و طلب من الأمير سرحان أن يجعله سيد العبيد ، وأن يزوجه فتاة بيضاء و أربع جوار سود ،و أن يعطيه جوادا من خواص الجياد..
و كان أبا زيد يعلم انه يكذب ، و يزعم مالم يفعل من الأفعال ، فانتظر حتى انتهى مسعود من الكلام ، وكشف للجميع الحقيقة ، و كيف فك عنه القيود و قتل بنفسه البردويل ،و كان كل من في الديوان يستمع إليه ويعجب غاية العجب من بسالته و شجاعته و من كذب العبد مسعود ..
أما مسعود فصار ينسحب من الصيوان إلى حيث الرعيان ، و فر من المجلس يكاد يطير طيران ، و هو لا يصدق النجاة من عقاب حسن بن سرحان أو غضب فارس بني هلال أبي زيد الهلالي..
و من أجل التأكد مما كان و صار و من مقتل بردويل الجبار ، سار جميع الرجال الذين كانوا في المجلس إلى قصر البردويل ،فوجدوه هناك مجندلا قتيلا كما وصف أبو زيد فتأكدوا من صدق كلامه و كذب مسعود وادعائه ..
و بعد أن استقرت الأحوال، أمر الأمير حسن بن سرحان أمير بني هلال بدق طبول الارتحال، و أن يرحل الجميع من تلك الأرض و البلاد ، و ساروا يجدون المسير في الليل قبل النهار ،حتى أشرفوا على أرض مصر..
و كان يحكمها في ذلك العصر و الأوان ، الفرمند بن منوج و كان حاكما عظيم الشأن، كثير المال، يحكم على أبطال وفرسان بعدد الموج ، فلما علم بقدوم بني هلال و كيف ملئوا الوهاد والتلال ،أرسل يطلب الجزية من بني هلال..
فأجابوا بقبول طلب الفرند في الظاهر ، و لجأ أبو زيد إلى الاحتيال ،فتظاهر أبو زيد بحمل الأموال و الهدايا إلي الفرند ، و سار حتى وصل إلى قصره و هو يتقدم نسوان بني هلال ، فلما رآهم الفرند التقاهم بالترحاب و الإكرام و كل الاهتمام ..
و كان أبو زيد يسير أمام الجميع كالبهلوان يلعب بخفة فنون الخفة بكل الألوان و كأنه فرخ من فروخ الجان ،و هو يرقص و يلعب و يضحك و يطرب جميع الحاضرين ..
ووراءه الحسان يرددن الألحان ، بأعذب الأصوات ، و كان كل من يراهن يسر لمنظرهن و يطرب ..
ثم إن الفرند رحب بهم جميعا في مجلسه و قدم لهم أحسن أصناف الشراب و الطعام ،و طلب من النساء أحس الألحان ، فاستجابوا لطلبه على وجه الاستعجال ..
و اجتمعوا على الرقص و اللهو و الغناء، ورقصت النساء التى حملهن معه ابو زيد ،حتى طرب الفرمند طربا شديدا ما عليه من مزيد و زال عنه التنكيد ،وطلب المزيد من المدام و النبيذ ، ففقد وعيه و صار مثل العربيد ، لا يفقه كلاما و لا نشيد ، بعد ذلك قام أبو زيد بتبنيجه بنجا قويا لمزيد من التأكيد ، ثم قام بني هلال في الحال و نهبوا كل ما في القصر من أموال وتحف غوال ، و عادوا إلى مضاربهم و هم في سرور و أفراح و انشراح ، و دخلوا علي الأمير حسن بن سرحان وأعلموه بما حدث و كان ….

Facebook Comments

يمكنك ايضا ان تقرأ

RADEEMA تعلن عن إغلاق الملحقات التجارية بمراكش يومي الجمعة والسبت