الحكاية 17 من السيرة الهلالية : الحرب مع بندريس ملك حلب

الحكاية 17 من السيرة الهلالية : الحرب مع بندريس ملك حلب

- ‎فيآخر ساعة
271
6

 

د محمد فخرالدين

أما ما كان من أمر بني هلال فقد لجأوا إلى الاحتيال لحسم الحرب و القتال، بأن أرسلوا في أول الجيش الإبل الجمال، و دفعوها نحو العدو بالرماح والنبال، فداست في هروبها الفرسان و الرجال، وثار النقع والغبار من هجمة الجمال حتى غطى الأبصار، ثم هجم بنو هلال ، فلما رأى التمرلنك ما حل بجنوده أراد الفرار، وإذا بأبي زيد يعارضه في الطريق ويرميه على الأرض و يقتله ..

ثم إنهم مالوا على الخصوم من كل جانب واستولوا على خزائن التمرلنك ،و غنموا تلك الأموال وعزموا بعد ذلك على الترحال بعد أن هدأت الأحوال ..

ومروا في طريقهم على حاكم حلب بندريس و كان صاحب مال و خيل و أبطال ،و كان قد وصل إليه خبر بني هلال و كيف انتشروا في الأرض و البلاد بالخيل و الجمال، و كان عنده وزير يقال له الخزاعي فأشار عليه أن يرسل إليهم جاسوسا يأتيه بالأخبار، فاستدعى رجلا من الفرسان يقال له سابق ، و أرسله ليأتي له بأخبار بني هلال..

فركب سابق و مضى يقطع البراري و القفار حتى أشرف على مضارب بني هلال فوجدهم بعدد الحصى و الرمال، فأصابه الانذهال، و بينما هو على تلك الحال ،شاهده أبو زيد و قد كان خارجا في رحلة صيد فعرف من يكون..

فطلب منه سابق الأمان فأعطاه له، و استضافه و أكرمه غاية الإكرام ،ثم إنه أقام عند أبي زيد عدة أيام و بعد ذلك طلب السفر إلى بندريس، فأذن له فسار غير مصدق بالنجاة ،و قصد سيده و أخبره بما كان و صار من أخبار بني هلال ..

ثم إن الملك بندريس جمع المجلس و طلب الرأي من الأعيان و الأبطال ،فأشاروا عليه بضرورة جمع جيش جرار لقتال بني هلال …

أما ما كان من أمر بني هلال فقد ساروا حتى وصلوا إلى مكان خصب كثير المراعي و البساتين، غير بعيد عن مدينة بندريس، فلما علم بالحال، أرسل لهم مرسالا يطلب فيه عشر المال و النوق والجمال، فلما وصل الأمير حسن المقال تغيرت به الأحوال لكنه اخفي الكمد و أظهر الصبر و الجلد ، و عقد المجلس على وجه الاستعجال، و أخبرهم بما ورد في كتاب بندريس من التهديد و الوعيد ..

فنصحه أبو زيد بالحرب و القتال و إعداد الفرسان و الرجال و اجمع الجميع على ذلك الرأي المقال..

أما ما كان من أمر بندريس ووزيره الخزاعي فقد ساروا إلى خارج البلد لاستقبال بني هلال، و دامت الحرب أياما طوال، شابت من أهوالها نواصي الأطفال حتى خرج الملك بندريس بنفسه للقتال والنزال ، وركب الأمير حسن في الفرسان والرجال و طلب بندريس مبارزة حسن سرحان فنزل إلى الميدان في الحال ، و اشتبكا في قتال عنيف و بقيا على ذلك الحال، و هم في تلاق و افتراق حتى دقت طبول الحرب بالانفصال ..

أما بندريس فقد طلب النجدة من البلدان و الأقطار و هاجم ، بني هلال فتضايقوا اشد الضيق وعدموا السعادة و التوفيق ..

ثم إن بندريس عندما علم بما آل إليه حال بني هلال أرسل إليهم يطلب منه عشر المال و إلا يكون نصيبهم الدمار و الوبال..

أما ما كان من أمر بني هلال فقد صمموا على الهرب و الفرار ،ثم إنهم لما اظلم النهار أمر أبا زيد أن تضرم النار أمام المضارب و الخيام حتى لا يشعر بهم احد من الأنام، و أن يركب الجميع ويتجهزوا للسفر، و أن يسير الحريم و العيال مع الخفاجي قبل الأبطال و الرجال .

و عند وصول الركب الى المكان حيث كمن الخزاعي و زير بندريس بالرجال ينتظرون مرور بني هلال ، هجم عليهم من كل جانب و مكان فخاف الخفاجي على الحريم و الأطفال، والتقى الأعداء بقلب كالجبال، و إذا بعساكر بني هلال حرروا البنات و النسوان من الأسر و الهوان ..

و التحق بندريس بالفرسان و استمر القتال إلى ان دقت طبول الانفصال ،و في الغد نزل إلى الميدان فبرز إليه ذياب بن غانم، و صار يدور بفرسه الخضرا حول خصمه ،و يضرب بسيفه ضربات قاطعات تهد الجبال الراسيات ،فاختلفت بينهما طعنتان قاتلتان، و كان السابق ذياب فطعن بندريس في صدره طعنة خرجت تلمع من ظهره،فوقع على الأرض قتيلا ، و لما رآى رجاله ما حل به هجموا عليه ، فالتقاهم بنو هلال في الحال و عظمت بينهم الأهوال ، و جرى الدم كالوديان و سال، فانهزمت عساكر بندريس و قرروا الانفصال دون تعكيس ، و لم يعد ينفعهم تدليس ،أما بنو هلال فقد كانوا في أحسن حال وأقاموا في تلك الأرض نحو عشرة أيام بالتمام والكمال، في طرب و شرب و طعام ،و في اليوم الحادي عشر تجهزت الفرسان للرحيل و ركب الأمير حسن و باقي السادات و رفعت على رؤوسهم الأعلام و الرايات، و مازالوا يقطعون الروابي و الآكام، مدة ستة أيام حتى وصلوا إلى نهر العاصي، و لم يعترضهم احد لا داني و لا قاصي ..

Facebook Comments

يمكنك ايضا ان تقرأ

RADEEMA تعلن عن إغلاق الملحقات التجارية بمراكش يومي الجمعة والسبت