الحكاية 16 من السيرة الهلالية .. حروب بني هلال

الحكاية 16 من السيرة الهلالية .. حروب بني هلال

- ‎فيفن و ثقافة
236
6

د محمد فخرالدين

و كان في العراق حاكم يقال له الخفاجي عامر ،و بينما كان ذات يوم في الديوان بين الوزراء و الأعيان، إذ أقبل عليه الرعيان و قد تركوا النوق و الحلال و أخبروه بمجيئ بني هلال ..
فأشار عليه وزراؤه أن يطلب منهم نصيبا من المال يدفعونه على سبيل الاستعجال ، فوافق الأمير على ذلك و أرسل إلى بني هلال يطالبهم بإرسال عشر ما عندهم من الأموال و النوق و الجمال .
فلما وصلت الرسالة إلى الأمير حسن بن سرحان تطالبه بالضريبة الجديدة ،غضب غضبا شديدا ما عليه من مزيد و كتب إلى الخفاجي يخبره أنهم عابرون و لا ينوون الاستقرار في بلاده ، و أنهم في طريقهم إلى أرض أخرى و أرسل الرسالة مع الوزير..
و لما وصلت الرسالة إلى الخفاجي قرر دعوتهم لتناول الطعام و أكرمهم غاية الإكرام، و كذلك الأمير حسن وباقي السادات،و بقوا عند الخفاجي عامر على أكل طعام و شرب مدام و فرح و سرور مدة ثلاث شهور ..
ثم في يوم من الأيام طلب حسن بن سرحان أن يستضيف بدوره الخفاجي و رجاله، فأولم وليمة عظيمة ذبح فيها ألف رأس من الأغنام ، فكانت من أعظم الولائم التي لم يسمع مثلها في الأعراب و الأعجام ، وبعد ذلك جلسوا على مائدة الطعام و تعاطوا لحسن الحديث و جميل الكلام …
و بعد ثلاثة أيام أمر الأمير حسن بن سرحان بالرحيل ، فقال له الخفاجي:
ـ لا بد أن أرافقكم إلى تونس و أساعدكم على تخليص مرعى و يحيى و يونس..
و بعد هذا الحديث و الكلام أمر حسن بن سرحان بدق طبول المسير و الاستعداد للرحيل من تلك البلاد، فركب الجميع و ساروا في الميعاد..
و نعود إلى ذكر الأعجام فانه بعد موت الخرمند كما ذكرنا سمع صهره التمرلنك بمقتله على يد بني هلال فصار الضياء في وجهه ظلام، و قرر الانتقام من بني هلال، و كان له وزير اسمه اسكندر فشاوره في الأمر وطلب منه أن يرسل العسكر و يواجه بني هلال ،و يسقيهم كـس الوبال…
فاعطاه التمرلنك مأتي ألف فارس و أمره أن يذهب في الحال لقتال بني هلال، و بعد مدة تبعه بباقي الفرسان والرجال …
أما ما كان من بني هلال فقد كانوا مستعدين للقتال ،و قد انقسموا أربعة فرق ، و اجتمعوا عند الأمير حسن وأرسلوا كتابا إلى التمرلنك يقولون فيه أنهم لا يريدون حربا، و انما هم في عبور من البلاد ،و لما وصل الكتاب الى التمرلنك زاد عناده و قرر الهجوم على بني هلال ورد عليهم طالبا عشر أموالهم و عشر بناتهم ..
و أرسل الكتاب مع خادم شديد يسمى الماس و طلب منه أن يسلمه إلى أمير بني هلال حسن بن سرحان ..
فلما قرأه سرحان غضب غضبا شديدا ما عليه من مزيد و زاد به الغم و التنكيد، و طلب من أبي زيد الرأي السديد و التأييد، فتقدم أبوزيد و لما قرأ الكتاب و رماه على الأرض وأنشد يقول :
يقول أبو زيد الهلالي سلامة… لي دمع جرى فوق الخدود سكيبا
من اجل كلامي فاضت مدامعي … و عدت أقاسي من كلامه نحيبا
أرسل يريد المال منا غصيبة … جموع هلال سوف تأتيه قريبا
و كتب الأبيات في كتاب و أرسله إلى التمرلنك الذي فهم معناه وقرر الهجوم على بني هلال في الحال …
أما ما كان من أمر أبي زيد ،فانه ركب فرسه و خرج يراقب البر أمامه، فشاهد من بعيد جنود العدو وهم يقبلون كالجراد، فلما وصلوا إلى الميدان برز منهم الوزير دخان فخرج إليه القاضي بدير ، و تمكن الوزير من جرح حصان القاضي، و كاد يجهز عليه لولا تدخل فرسان بني هلال ..
ثم دقت طبول الانفصال، و توقف القتال و في اليوم التالي نزل الوزير دخان إلى الميدان فبرز إليه الأمير ذياب فتغلب عليه و ساقه أسيرا و عاد به إلى مضارب بني هلال ، هذا ما كان من أمرهم أما ما كان من أمر عساكر الترمنك و فرسانه فإنهم ركبوا منذ الصباح ونزل الوزير شاهين إلى الميدان و طلب النزال ، ثم هجموا على بني هلال للانتقام من قتل فرسانها، فتبثث لهم بني هلال ثباتا عظيما ،و ما زالوا في حرب وقتال حتى دقت طبول الانفصال .
و في اليوم التالي كانت الحرب طاحنة بين الفريقين دارت رحاها على الفرسان و الرجال ،و نزل الترمنك بنفسه إلى الميدان وبرز إليه أبو زيد فالتقيا كأنهما جبلان و التطما كأنهما بحران ،و تعبت من تحتهما الجياد ، و لم يزالا على تلك الحال حتى دقت طبول الانفصال و أذنت الشمس بالرواح فوق الروابي و البطاح ..
و في الغد و قي أول الصباح نزل الترمنك الى الميدان و كلما نزل إليه فارس من فرسان بني هلال جندله وعجل إلى الآخرة مرتحله …

Facebook Comments

يمكنك ايضا ان تقرأ

واش فراس الوالي شوراق.. مقهى تبتلع الملك العام بسويقة باب دكالة و السلطات فدار غفلون

لا حديث بين سكان باب دكالة و زوارها،