الحكاية السابعة.. الوقوع في الاسر

الحكاية السابعة.. الوقوع في الاسر

- ‎فيفن و ثقافة
183
6

 

 

قال الراوي:

فلما وصلت الأميرة سعدة الى ديوان أبيها الزناتي نهض لها بالأقدام و و أجابها عن السلام ، واحترمها غاية الاحترام، و كذلك كل من كان في المجلس قام ، تم سألها عن أحوالها و عن السبب الذي أقلق بالها و جعلها تسرع إلى الديوان .

فتقدمت إليه الأميرة سعدة حتى صارت في وسط المجلس و قالت بكلام فصيح و منطق مليح ..

ـ قد بلغني يا مولاي ، أنكم أمرتم بشنق جماعة من الشعراء كانوا قاصدينكم من أجل الإنعام ، فكان جزاؤهم منكم الإعدام عوض الإكرام، فلما سمعت هذا الكلام تغير بالي و زاد قلقي ، لأنني أعلم أن هذا الحال، هو سبب في القيل و القال، بين السادات و الأقيال ، فينسبوكم يا مولاي إلى الظلم و الضلال و سوء الحال ، فلما رأيت العساكر يجرون الأسرى في القيود و الأغلال استعلمت عن الأحوال فأمرتهم أن يعودوا بهم إلى الأسر بدل الهلاك..

فلما سمعها الزناتي منها هذا الكلام ، أخبرها بواقع الحال و أنهم لم يكونوا شعراء ، بل أن هدفهم لم يكن النظم و المدح و الأقوال كما علم من ضرب الرمال ، بل التجسس على الديار بالغدر و الاحتيال ..

قالت الأميرة سعدة :

ـ إذا فعلت ذلك يامولاي و قتلتهم انتقدتك سائر العرب، و لم تنل بفعلك غاية الأرب ،و انأ اشير عليك إن تحبسهم في قصري ، و أتولاهم تحت أمري ، و ترسل هذا العبد إلى بلاده في الحال، ليأتينا بالفدا و المال ، فإن غاب نجا من الاعتقال، و كنت معذورا على كل حال، و إن عاد حظينا بالمال ، ثم إننا نحتفظ بالرجال فان لم يعد بالنوال عجلنا بإعدامهم في الحال ، و لم نخسر شيئا .. فأعجب الزناتي بسداد رأيها ووافقها على الأقوال في الحال و سلمها مصير الأربعة …

فأمرت العساكر ان يسوقوا الأربعة الى قصرها و هم في القيود و الاغلال ، و حبستهم عندها في السجن ..

ثم أرسلت في طلب مرعي في أول الأمر و اجتمعت به ، و قدمت له الطعام ، و قالت له :

ـ كل الطعام و لا تخبر أحدا من الأنام بهذا الكلام ، و احفظ السر بالتمام ..

ثم فعلت بيحيى و يونس مثل ذلك، و طلبت منهم أن لا يخبروا أحدا ، و طلبت أبا زيد فلما حضر بادرته بالسلام و قدمت له بدوره الطعام ، فأكل حتى شبع و حمد الله على الإنعام ،وشكرها على الاهتمام..

تم أنها أحضرت الأربعة من السجن و سألتهم عن أحوالهم و عن بلادهم و أخبارهم ، و من أي العباد كيف وصلوا الى البلاد و أن يخبروها دون عناد ..

فقال أبو زيد :

ـ نحن من جملة الشعراء نقصد الملوك و الأمراء ، فنمدحهم بنفائس الأشعار ، و نرجع الى الديار بالدرهم و الدينار ..

قالت لهم و هي تضحك من كلامهم :

ـ انكم لم تعلموني بالحقيقة مع أنني عارفة بأحوالكم على التحقيق فاخبروني لان الكذب بكم لا يليق…

و اخذت تعلمهم بما حدث في سفرهم و كل ما حدث لهم في الطريق، فلما فرغت سعدة من حديثها أدركتهم غاية الاندهاش لمعرفتها بامرهم و علمها بجميع أحوالهم ، و باتوا تلك الليلة في سرور و انشراح لما علموا من اهتمامها بامرهم و سعيها في سبيل خلاصهم ..

و لما أصبح الصباح وأضاء بنوره و لاح ، أمر الزناتي بقدومهم اليه و الحضور بين يديه ..

فاستقدمهم الحرس من قصر الاميرة سعدة الى الديوان، فلما حضروا ،قال الزناتي لابي زيد :

ـ اذا اطلقناك إلى أن تاتي بالمال و الفدا من الأوطان ، فكم يوم تغيب عنا..

قال أبو زيد :

ـ أغيب ثلاثة شهور و أجيب لك ألف مدرع مشهور..

فتعجب الزناتي من جوابه فسأله :

ـ و ما تقصد بالمدرع المشهور؟

قال أبو زيد :

ـ هو يا مولاي الدينار من الذهب الصافي ..

ففرح الزناتي فرحا شديدا ما له من مزيد و غلبه الطمع على مايريد ، و قال لأبي زيد :

ـ اذهب بأمان إلى الأوطان و عجل بالرجوع ..

قال أبوزيد :

ـ لن أطيل في الرجوع ، و قد تركت رفاقي في السجن و القيود و الدموع ،فقط يا مولاي لي طلب دونه العطب اعطني حصانا وعدة حرب، رمحا و سنانا ، لأن الطريق خطيرة و المسافة ليست يسيرة .، و الأرض مليئة بالأخطار و الاوعار و قد عولت على السير في الليل قبل النهار لآتيك بالمال و النوال و اخلص رفاقي من القيد و الإذلال …

فاعطاه الزناتي ما أراد ، حصانا من الخيل الجياد ، و عدة حرب و جلاد فخرج من عنده و سار متوكلا على الوحيد المنان ..

Facebook Comments

يمكنك ايضا ان تقرأ

واش فراس الوالي شوراق.. مقهى تبتلع الملك العام بسويقة باب دكالة و السلطات فدار غفلون

لا حديث بين سكان باب دكالة و زوارها،