الحكاية السابعة و العشرون من حكايات عنترة بن شداد.. الحصول على السيف الظامي (27

الحكاية السابعة و العشرون من حكايات عنترة بن شداد.. الحصول على السيف الظامي (27

- ‎فيآخر ساعة
1561
6

 

سيف عنترة

 

قال الراوي ـ يا سادة يا كرام ـ واستمر الغلام في حكايته قائلا :
ـ فرد عليه خالي بما كان من خطبتها لي ، فلما سمع عساف من الرسول ذلك، غضب و هاج مثل البحر العجاج المتلاطم بالأمواج … و أقسم أن لا يأخذها إلا و هي أسيرة بالسيف..
ثم رجعت بالمهر الغالي ، الذي جمعته من الغنائم و الغزوات ، و كدت أن أسقى في سبيله كأس الممات ، و طلبت من خالي إتمام الزواج بابنته ، فأخبرني بما كان من أمر عساف في غيبتي ، ثم أني طيبت خاطره و بددت مخاوفه ، بكوني أستطيع التغلب على عساف و منعه من الظلم و الإسراف ..
ثم بدأوا في الإعداد للفرح ، و ذبح الناس النوق و الأغنام ، و هيأوا الطعام و دار بينهم بهيج الكلام ، و بقوا مدة سبعة أيام و هم في فرح و انسجام ..
إلى أن جاءتهم الأخبار من بعض السفار، بان عساف قد جمع فرسان القبائل ، و أنه يزمع أن يأتيهم بفرسان عددهم لا يحصى بعدد الرمل و الحصى ، يريد أن يفنيكم عن آخرهم …
فلما سمع خالي هذا الكلام خاف على نفسه ، و عرف أن ليس لهم طاقة بهذه العساكر ، و توقف عن إتمام زواج ابنته بي ، فتقدمت إليه في الحال و قلت له :
ـ اصبر علي عشرة أيام ، و سأريك ما أفعله ..
فأجابني إلى ذلك ، و خرجت مع هؤلاء الرجال و توجهت إليكم في الحال ، أطلب منكم النجدة و النوال ، و هذا كل ما جرى و صار …
فقال له الملك زهير :
ـ أبشر يا ولدي بكل خير ، و طب نفسا و قر عينا ، فأنا سائر معك برجال يرون الموت ألذ من شرب الراح و عناق الملاح…
و كان كل هذا يجري و عنترة يسمع و يرى، فقال للملك زهير :
ـ يا سيدي كيف أخليك تفعل هذه الفعال ، و أنا اشتهي هذه الأحوال ، و كيف أدعك تركب مركب الخطر و بين يديك فارسك عنتر ، فأنا أنوب عنك و أسير مع هذا الغلام ..
و بعد ذلك قال الملك زهير لابنه مالك :
ـ سر يا ابني مع أخيك في ألف فارس، و خذ معك في حملتك عنترة أبا الفوارس ، يحميك من كل دارع و لابس ..
فأخذ مالك ينفذ خلف الفرسان ،و ينتخب الأبطال و الشجعان و يأمرهم بأخذ الأهبة للمسير ، و الاستعداد للنفير ، ثم ساروا يقطعون البراري و البطاح ، يقصدون الكفاح و مواجهة عساف ، و رده إلى طريق الانصاف .
و ساروا مجدين في السير ، في الليل قبل النهار ، و كان من سعادة عنتر أن غير الطريق و عدل عنه إلى واد عميق ، فوجدا اخوين يقتتلان حول سيف تركه أبوهما لأحدهما ، و هو سيف ناري من حديد فريد ..
و كان صاحب السيف قد اقتسم مع أخيه الأكبر الميراث فغصب الأخير كل شيئ ، فلم يترك له إلا السيف ، ثم بعد ذلك طمع في استرجاعه منه ، و كان الأصغر قد أخفاه في ذلك الوادي خوفا عليه ، فلما طلبه منه أخوه لم يعد يتذكر أين اخفاه ، و لا مكانه ، و الآخر يطلبه منه و يروم قتله إن لم يعطه السيف ، فلما رآى عنترة استنجد به و طلب منه أن ينقذه من بطش أخيه و أن يحكم بينهما بالإنصاف في هذا الخلاف ..
فلما سمع عنترة كلام الغلام قال :
ـ انت مظلوم و حق العلام..
و قام في الحال و خلصه من أخيه الظالم و طلب منه أن يجلس مكانه فمضى فرحا ..
ثم إن عنتر بدأ يفكر في الأمر ..و يبحث في الأرض ، في الطول و العرض ، فإذا هو بغمد سيف صقيل يلمع في تراب الوادي، فسله فإذا هو سيف ماضي الشفرتين ساطعة أنواره، فقال في نفسه :
ـ إن هذا رزق ساقه الله إليه من سعادته و حلاوة روحه ..
و سار حتى لحق مالك و حكى له حكاية السيف ، فقال له : ـ هذا السيف لا يليق إلا بك يا أبا الفوارس..
ثم اجتمعت حوله الفرسان من بني عبس و ذبيان يتفرجون على السيف…و هو به فرحان تم تقلد به و سماه الظامي ..
ثم واصلوا السير حتى اقتربوا من ديار بني مازن ، فمضى الغلام على عجل ليتفقد الحال ، فوجد قومه في حرب و قتال و عساف و رجاله يسبون النساء و يقتلون الرجال ، فلم يسطع صبرا على خوض النزال ،ثم إنه واجه العساف بالقتال و هاجمه بالنبال، لكن مالبث أن تغلب عليه عساف ، فضاق عليه الحال ، علمت روحه بالفراق و الانفصال ، و إذا ببني عبس وصلوا و كأنهم العقبان ، و هم في خفتهم كأنهم الغزلان ، و عنتر أمام الخيل يحكي سواد الليل ، و قد رآى كيف أن عساف ضايق الغلام حصن ، حتى شارف على الهلاك ، فعند ذلك حمل عنتر على الأبجر و صاح و هجم..
في الغد الحكاية 28 من حكايات
أبي الفوارس عنترة بن شداد

د محمد فخرالدين

fakhraddine@yahoo.fr

 

Facebook Comments

يمكنك ايضا ان تقرأ

RADEEMA تعلن عن إغلاق الملحقات التجارية بمراكش يومي الجمعة والسبت