حرص بيان الدول الخليجية الثلاث الذي أعلن عن سحب سفراء كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة و مملكة البحرين من الدوحة يوم 5 مارس الجاري، على أن يفرق بين الدواعي السياسية التني حتمت اتخاذ ذلك القرار، و بين الحفاظ على أواصر التلاحم ووحدة وتماسك الشعوب الخليجية .
و إذا كانت أسباب سحب السفراء تتلخص في الدعم القطري لحركات التطرف و الإرهاب ،و استضافة قوى الشر المعادية لمصالح مجلس التعاون الخليجي على ترابها ،فإن البيان المذكور شدد في توطئته على المبادىء التي قام عليها النظام الأساسي للمجلس والذي نص على ” إدراك الدول الأعضاء للمصير المشترك ووحدة الهدف التي تجمع بين شعوبها ، وكذا تعميق وتوثيق الروابط والصلات وأوجه التعاون القائمة بين شعوبها في مختلف المجالات”
أصابع الإتهام واضحة إذن. لقد كانت موجهة إلى إمارة قطر في شخص ساستها و أمرائها، و لا أدل على ذلك موجة الغضب في أوساط الشعب القطري، حينما تلقى نبأ تلك الصدمة الدبلوماسية التي تسبب فيها من هم أولياء عنه.
و لذلك حينما كتبت صحيفة “الراية” القطرية في افتتاحيتها أن أول من صُدم بقرار سحب السفراء هو الشعب القطري “الذي لم يتوقع أبداً مثل هذه الخطوة الدبلوماسية المفاجئة من أشقائه”، فإنها في واقع الأمر لم تجانب الصواب، و لكن كان عليها أن توضح أن الصدمة كانت نتيجة قرارات حكامه .
و حاولت صحيفة “الشرق ” القطرية من جهتها تعويم الحقائق مدعية أن أصل المشكل يكمن في الخلاف بشأن الموقف في مصر، زاعمة أن الإمارات و السعودية “لم تستطيعا الخروج من المأزق المصري”، مضيفة أن الأوضاع لم تستقر في مصر بعد ” بسبب رفض شرائح واسعة من الشعب المصري للإنقلاب”. و يصعب على كل ذي عقل حصيف القبول بهاته الترهات و العالم كان شاهدا على التورط القطري حتى النخاع في طعن الشعب المصري بخنجر جماعة الإخوان المسلمين، التي سممت الأجواء السياسية والأمنية في بلد “ثورة عرابي”، بل و لقد ” شهد شاهد من أهلها” ألا و هو البوق الإعلامي
للقادة القطريين “قناة الجزيرة”، التي وثقت بالصورة والصوت تورط قطر في اللعبة لإخوانية بمصر .
و قد انضاف إلى جوقة ( الإعلاميين)، الذين حرفوا حقائق الخلفيات التي أدت إلى سحب السفراء،
رئيس صحيفة “العرب” أحمد بن سعيد الرميحي الذي اعتبر أن ” لقطر الحق في أن تعترض وتحتج على الكثير من الإساءات التي صدرت في حقها من قبل إعلام و إعلامين و أمنيين وقيادات خليجية.”
مدير تحرير نفس الجريدة، والمعروف عنه هوسه أنه لن تكون هناك تبعات على قطر وأنه “لن يكون هناك عزل بأي شكل من الأشكال”.
و في عملية هروب إلى الأمام ، زعم في حديث في محاولات يائسة لصرف النظر عن الاتهامات الموجهة إلى الدوحة لتورطها في الأحداث الإرهابية التي شهدتها البحرين وشرق السعودية. وليست هذه هي المرة الأولى التي يسلك فيها العذبة سياسة ” رمي الجمرات” و الإلتواء على الحقائق و تمويهها ، فقد سبق له أن نشر مقالة -أو بالأحرى مقامة – يؤاخذ فيها على الأجهزة الأمنية الإماراتية مطالبتها بتسليمها أحد الإرهابيين، الذين وجدوا في الدوحة الملاذ الآمن لترويع البلد الجار الآمن.وسلط سهام حقده الدفين على رئيس جهاز الأمن بدبي و استكثر عليه تبنيه لتلك الدعوة . “قضت على خلية إرهابية على الحدود مع البحرين”،
بل إنه فضح في ذات المقال التواطؤ القطري الإخواني حينما دعا رئيس أمن دبي إلى الإهتمام بقضية “الجزر المحتلة ” بدل الإنكباب على “مهاجمة الإخوان المسلمين في مصر، وتونس، وسوريا”، و بلغة أخرى أراد العذبة أن يقول : لا تفسدوا على الدوحة خططها في دعم التيارات المتطرفة بالأقطار المذكورة. لينطبق عليه المثل : ” يكاد المريب أن يقول خذوني”