لم الإصرار على إفساد فرحة المغاربة؟ !

لم الإصرار على إفساد فرحة المغاربة؟ !

- ‎فيرأي, في الواجهة
154
6

 

      كما هو معلوم عاش المغاربة شأنهم شأن باقي شعوب كوكب الأرض خلال السنة المشؤومة المنصرمة 2020 ظروفا جد عصيبة لم يشهدوا لها مثيلا من قبل، جراء تفشي فيروس كورونا المستجد أو داء “كوفيد -19″، الذي غير نمط عيشهم والكثير من عاداتهم وسلوكاتهم اليومية، وأنهك اقتصادات البلاد ولم ينفك يحصد آلاف الأرواح البشرية عبر المعمور بلا أدنى رحمة ولا تمييز، فضلا عن أنه فرض عليهم التقيد بعديد الإجراءات الاحترازية الوقائية الصارمة، للحد من انتشاره والحفاظ على سلامتهم الصحية في انتظار  اكتشاف اللقاح الناجع للقضاء عليه والتخلص من تداعياته…

      وبمجرد ما تم الإعلان من قبل منظمة الصحة العالمية عن اكتشاف مجموعة من اللقاحات المضادة للوباء الفتاك وما تلاه من أخبار ساهمت بشكل وافر في تبديد الهواجس والوساوس، ومن ضمنها خبر إصدار ملك البلاد محمد السادس تعليماته للحكومة باعتماد مجانية التلقيح ضد الجائحة لفائدة جميع المغاربة في الأسابيع المقبلة، وفق ما أورده بيان للديوان الملكي يوم 8 دجنبر 2020، حتى عاد الأمل المفقود إلى النفوس اليائسة، عمت الفرحة قلوب كل المواطنات والمواطنين ولاحت في الأفق تباشير الخلاص، حيث ساد الشعور بالأمن والأمان والسكينة والاطمئنان، اعتقادا منهم أن انفراج الغمة بات قاب قوسين أو أدنى، وأنه في جميع الأحوال لن يتعدى أسبوعا واحدا إلى عشرة أيام.

      ذلك أن ما يعزز فرضيتهم في دنو موعد الفرج، هو أن وزير الصحة خالد آيت الطالب كان حتى قبل الإعلان عن مجانية اللقاح، لا يكف عن تطمينهم بانطلاق الحملة الوطنية للتلقيح في غضون أيام قليلة، سواء من داخل البرلمان أو في اللقاءات الصحفية المتوالية. إذ أكد في أحد تصريحاته لصحيفة أجنبية على أن المغرب حرص منذ مدة على القيام بكل ما يلزم من تدابير استباقية ووقائية، وأنه شارك لأول مرة في تجارب لقاحات متعددة المصادر، فضلا عما يبذله من جهود مضنية في اتجاه تنزيل العملية خلال منتصف شهر دجنبر 2020 التي يأمل في أن تشمل خلال ثلاثة شهور 80 في المائة من الأشخاص فوق 18 سنة، وأن يتم التركيز في البداية على العاملين في الصفوف الأمامية في قطاعي الصحة والتعليم والسلطات العمومية وقوات الأمن والفئات الأكثر عرضة للخطر من كبار السن والمصابين بأمراض مزمنة. مبرزا في ذات الوقت بأن المغرب يطمح إلى أن يصبح قادرا على إنتاج جميع أنواع اللقاحات في المدينة الصناعية “محمد السادس طنجة تيك”، لضمان الاكتفاء الذاتي وإمداد القارة الإفريقية وبلدان المغرب العربي…

      بيد أنه وكلما بدت للمغاربة بارقة أمل بقرب التحرر من قيود هذه الأزمة الوبائية الخطيرة وذات الآثار القوية على الاقتصاد الوطني وباقي القطاعات الأخرى، إلا وأحبطهم تملص وزير الصحة من الإفصاح عن التوقيت الفعلي لانطلاق حملة التلقيح، التي حولها بفعل تكتمه الشديد إلى سر من أسرار الدولة. ومن بين الأحداث التي ضاعفت استياءهم وعمقت شعورهم بالقلق، هو شروع عدد من البلدان الغربية والعربية في تطعيم شعوبها. فهل يعقل أن يتظاهر المسؤول الأول على صحة ملايين المواطنين بعدم معرفة موعد استيراد بلاده اللقاءات المعتمدة، وهو الذي كشف يوم الخميس 24 دجنبر 2020 عن اقتنائها ل”65″ مليون جرعة من لقاحي “سينوفارم” الصيني و”أسترا-زينيكا” البريطاني، ستستهدف 25 مليون شخص. ودون أي تحديد واضح لسير مختلف العمليات، صرح بأن التحضيرات وصلت مراحل جد متقدمة، وقد انتهت بإجراء تداريب ميدانية عمت كافة المحطات المهيأة سلفا لاستقبال المواطنين أثناء عملية التطعيم، بهدف الإعداد الفني والنفسي للأطر الطبية وشبه الطبية، تحسبا لأي مفاجأة ممكنة وتفاديا لكل خلل يمكن أن يحدث أثناء القيام بتنفيذ البرنامج الوطني لحملة التلقيح؟

      فها قد مرت اليوم كل التواريخ التي تم الترويج لها على أنها ستكون موعدا لانطلاق الحملة الوطنية للتلقيح وانصرمت سنة 2020 المشؤومة مخلفة وراءها ركاما من الأوجاع والأحزان، فيما يستمر الضباب مخيما على الرؤوس في ظل غياب التواصل بشأن الموضوع، دون أن تستطيع الانتقادات الموجهة للحكومة ووزير الصحة خاصة على صفحات التواصل الاجتماعي ومن داخل البرلمان، الوصول إلى  معرفة سبب هذا التأخر المثير للاستغراب. فأين نحن يا ترى من الحق في المعلومة؟ إذ في ظل هذا الصمت الرهيب غابت الفرحة، حل مكانها القلق وتضاعفت التخمينات، فمن يعزو تأخر اللقاح إلى تعثر بعض الإجراءات التقنية والإدارية، ومن يرى أنه ربما يعود لدواعي أمنية ولوجستيكية، وهناك من يقول بعدم حصول المغرب في وقت مبكر على التراخيص الللازمة وفق المساطر المتبعة في عمليات الاستيراد…

      إنه لمن المؤسف أن تظل أعناق المغاربة مشرئبة جهة القصر الملكي في انتظار مبادرات ملك البلاد الرامية إلى حل الأزمات على اختلاف أشكالها، بينما يتواصل تعسف الحكومة وإصرارها غير المبرر على إفساد فرحتهم من خلال التلكؤ والتماطل وعدم التنزيل السليم لتعليماته، كما هو الحال اليوم بالنسبة للحملة الوطنية للتلقيح التي تهدف إلى تحصين المواطنات والمواطنين ضد داء “كوفيد -19” الفتاك والعمل على محاصرته، ونتمنى صادقين أن يتدارك رئيس الحكومة العثماني التأخر الحاصل وإنهاء حالة الترقب التوجس،  وأن يحرص على أن تمر عملية التطعيم المكثفة في أفضل الظروف…

اسماعيل الحلوتي

Facebook Comments

يمكنك ايضا ان تقرأ

واش فراس الوالي شوراق.. مقهى تبتلع الملك العام بسويقة باب دكالة و السلطات فدار غفلون

لا حديث بين سكان باب دكالة و زوارها،