الإسلام السياسي … الخدعة الكبرى..

الإسلام السياسي … الخدعة الكبرى..

- ‎فيرأي, في الواجهة
195
6

بقلم : محمد بوفتاس 

الإسلام ليس قناعة فكرية أو تصورا فلسفيا أو أيدولوجية أو تيارا سياسيا، بل هو هذه الأشياء كلها، إنه مشروع مجتمعي متكامل، إلى جانب مضمونه العقائدي الذي يقوم على مبدأ التوحيد.

يستعمل مصطلح الإسلام السياسي عادة لتوصيف حركات سياسية تؤمن بأن الإسلام  “نظام سياسي للحكم”، وليس مجرد ديانة فقط، بل هو  عبارة عن نظام سياسي واجتماعي وقانوني واقتصادي يصلح لبناء مؤسسات دولة. وإلى جانب ذلك ظهر مصطلح ( الاسلاموية) للدلالة على نفس معنى الإسلام السياسي، كما ظهرت مصطلحات أخرى مثل الأصولية والإسلام الراديكالي وغيرها من المصطلحات التي تحاول أن تحاول أن تقرم دور الإسلام كنظام سياسي وحصره في الجانب العقائدي أو بتعبير آخر تشجيع العلمانية الإسلامية، التي تفرغ الإسلام من جوهره الوظيفي ليتحول إلى نسخة هجينة من المعتقدات الفارغة.

طوال فترات تاريخ الإسلام منذ بداية نشأة الدولة في المدينة كان الإسلام عقيدة ونظام حكم سياسي اجتماعي اقتصادي، واستمر ذلك لقرون، لكن الصراعات الخلافات بين مذاهب الإسلام، والانحطاط الذي جاء نتيجة تطور الغرب وهيمنته على العالم الإسلامي وتفكيك الخلافة، أدى إلى محاولة تقليد النموذج الغربي دون أن نربطه بجدورنا بل أصبح مفهوم الإسلام السياسي إهانة وسبة لكل من يرى بأن الإسلام نظام سياسي وليس علمانية دينية.

تاريخ المسيحية إلى الآن لم يخل من محاولة تقديم نفسه كمشروع مجتمعي بل إننا نجد في القوانين والتشريعات الغربية الكثير من تعاليم الإسلام المستمدة من القوانين الموجودة في التوراة والتي أعاد الإسلام صياغتها بطريقة مختلفة، هناك تكامل يتجلى في الأحزاب المسيحية التي يمكن أن نسيميها المسيحية السياسية وفيها أيضا أصوليون ومتطرفون وراديكاليون وحتى إرهابيين، لكننا رغم ذلك نجد الأحزاب المسيحية تحكم وفق منظومة قوانين لا تتعارض تماما مع جوهر العقيدة المسيحية، ونفس الشيء يمكن قوله عن اليهودية لأننا نجد في إسرائيل أحزابا دينية وبعضها متطرف راديكالي تطالب بتطبيق التوراة وأحكامها، ورغم ذلك فنحن نعتبر إسرائيل دولة ديموقراطية. فلماذا يتم توجيه أصبع الاتهام فقط إلى الإسلام فقط ؟

الحقيقة هي أننا نحن من وصلنا إلى درجة من الهوان والذل بحيث أصبحنا ننظر إلى ديننا وكأنه ثقل يعيق تطورنا وعلينا أن نتخلص منه لكي نتقدم، بينما من جهة أخرى هناك فئة لا ترى الدين إلا في المظاهر من لحي وملابس ولغة وغيرها من الشكليات دون أن تجسد ذلك كأفعال على أرض الواقع، أضف إلى ذلك هؤلاء الدعاة الذين لا ينفكون يزرعون الرعب والترهيب في النفوس من خلال ترويج خطابات عذاب القبر والجحيم والعذاب والانتقام الإلاهي، بدل ترويج خطاب المحبة والمغفرة والسلام والتسامح.

هناك خلل في تصورنا لواقعنا وتحديدنا لخطوات مستقبلنا، الإسلام فعلا هو الحل ولكن ليس الإسلام المبني على العنف والقتل والترهيب، ولكن الإسلام الاجتماعي الاقتصادي الأخلاقي كمنظومة متكاملة، وليس النفاق السائد في المجتمع الحالي، لا عيب أن يحكم حزب باسم الإسلام ولكن عليه أن لا يجرنا إلى سلفية المفاهيم والسلوكات والتقوقع في حرفية النص و المبالغة بالتشبث بالمظاهر واعتبار الإسلام نظاما قمعيا يبيد مخالفيه ويقتل معارضيه ويرهب الآخرين. الإسلام دين احترم دائما الح في الاختلاف والايمان العقلاني القريب من العلمانية وليس دين إرهاب. المشكلة الحقيقية ليست في جوهر الإسلام ونظامه السياسي أو بعده العقائدي بل المشكل في الفقهاء الذين فسروا النصوص وأتباعهم الذين قدسوا هؤلاء الفقهاء واعتبروهم نموذجا للكمال، بينما هم بشر يفهمون الأمور بحسب ظرفية العصر، ومن هنا علينا أن نعود لمبدأ العقل في فهم الإسلام وتفسير النصوص وملائمة الأحكام والقواعد للظرفية الحضارية حتى لا يتحول الإسلام إلى دين منغلق على ذاته، هنا يتطلب منا الأمر منا أن نبني منظومة فكرية غير سلفية تكون مهمتها تخليص النصوص والمرويات من الشوائب وعدم تقديس العلماء أو الفقهاء لأن لا مقدس إلا النص القرآني ونبي الإسلام أفضل الخلق ليس سور ( بشر رسول) كما وصفه النص القرآني فكيف يكون هناك فقهاء مقدسون؟

وحين يتعلق الأمر بالمذهب الشيعي فالمسألة أشد تعقيدا لأنها تقوم على الاتباع الأعمى وهو ما يعني أننا أمام فهم مغاير للدين وللنصوص والمرويات. وحين يبادر البعض إلى “الدفاع” عن الإسلام ونصرته بالقتل والترهيب والعنف فإنهم يسيئون للإسلام أكثر مما ينصرونه، وهي مسألة عاشتها المسيحية في ايرلندا، ولا ينبغي أن نسمح بتحويل الدين الإسلامي السمح إلى آلة لصنه الإرهابيين والمجرمين والقتلة باسم الدين ونعتبر ذلك عاديا لأن الإسلام لا يؤمن بالعنق أو الاكراه في الاعتقاد ولا يرى الناس أعداء لمجرد اختلافهم، نريد اسلاما يقوم على الجدل العقلي وليس الايمان التقليدي الأعمى الذي يصنع قطيعا من الأتباع الذين لا يعرفون أهمية استعمال العقل و التفكير للوصول إلى الايمان الحقيقي بلا عنف أو ترهيب أو قتل.

لنا عودة للموضوع

 

Facebook Comments

يمكنك ايضا ان تقرأ

واش فراس الوالي شوراق.. مقهى تبتلع الملك العام بسويقة باب دكالة و السلطات فدار غفلون

لا حديث بين سكان باب دكالة و زوارها،