الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تصدر تقريرا حول اعتقال وفاء شرف وأسامة حسن

الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تصدر تقريرا حول اعتقال وفاء شرف وأسامة حسن

- ‎فيمجتمع
1867
6
شرف و أسامة
نص التقرير كاملا
حين أعلنت وزارة العدل والحريات عن مباشرتها لعملية البحث والتحقيق في شكايتي تعرض كل من أسامة حسن ووفاء شرف للاختطاف والتعذيب وسوء المعاملة، بعد مطالبة المكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الانسان بذلك، ساد نوع من الاعتقاد المشوب بالحذر، بأنه لربما هناك نية للاستجابة لمطالب لحركة الحقوقية الوطنية والدولية، وتوصيات هيئة الانصاف والمصالحة والآليات الأممية، في شأن القضاء على التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، تمهيدا لإنشاء الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب، كما يقتضي ذلك تصديق المغرب على البروتوكول الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب؛ غير أن ما تمخضت عنه التطورات اللاحقة لهذا الملف، وما صاحبه من تجاوزات لم تعمل؛ من جهة، إلا على اعادة التأكيد على الطابع المتناقض والمزدوج لخطاب الدولة في مجال حقوق الإنسان، القائم على التقابل الحاد بين الشعارات المنمقة والواقع المحبط والمر؛ ومن جهة أخرى، على غياب تمثل فعلي للقواعد والمبادئ الموجهة للقانون الدولي لحقوق الانسان، والتي بدونها تضحي كل الحقوق والحريات المكفولة بموجب هذا القانون، وجميع الالتزامات الخاصة والعامة المترتبة عنه مجرد نوايا وتطلعات ليس إلا.
وفي هذا السياق فإن الرصد الحقوقي لأطوار ومجريات التحقيق والمحاكمة، التي خضع لها المدافعان الحقوقيان والنشيطان في حركة 20 فبراير أسامة حسن ووفاء شرف، يكشف، بما لا يدع مجالا للشك، عن جملة من الخروقات والاخلالات الجوهرية بشروط نزاهة واستقلالية التحقيقات، وبسلامة الاجراءات القانونية لإقامة الدعوى، وبتوافر مستلزمات ومقومات المحاكمة العادلة.  
وهكذا، فقد سجلت الجمعية المغربية لحقوق الانسان، وهي تتابع هذا الملف، ضاربة صفحا عن كل حملات التمويه والتشويه الموجهة ضدها وضد الضحايا، ما يلي:
1.     بالنسبة لشروط ونزاهة البحث والتحقيق؛ إذا كان دليل التقصي والتوثيق الفعالين للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، المشهور باسم  “بروتوكول اسطنبول”، الصادر عن مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، سنة 2004، يوجب في فصله الثالث: التحقيق القانوني في التعذيب، ولاسيما في الفقرة 88، من الفرع “ج”: اجراءات التحقيق في التعذيب؛ 2- مقابلة الشخص المدعي أنه ضحية للتعذيب وغيره من الشهود؛ على الدولة حماية ” الأشخاص المدعى أنهم ضحايا التعذيب والشهود وأسرهم من العنف أو التهديد بالعنف أو أي شكل آخر من أشكال التهديد بسبب التحقيق”، فإنه ” نظرا لطبيعة قضايا التعذيب والصدمة التي يعانيها الأفراد من جرائه “، يشير في الفقرة 89 الموالية، إلى أنه ” ينبغي، من بداية الأمر، إعلام الشخص المدعي أنه ضحية، حيثما أمكن ذلك، بطبيعة الاجراءات وبالسبب في طلب شهادته، وما إذا كانت الأدلة التي سيقدمها قد تستخدم بأي كيفية…ويكون للشخص الحق في رفض التعاون مع التحقيق كله أو مع جزء منه. وينبغي بذل غاية ما يستطاع من الجهد للتوافق مع جدوله الزمني ورغباته…”.
وعلى خلاف ذلك، وفي تجاهل تام للتوصية الواردة في الفقرة رقم 18، من الملاحظات الختامية للجنة مناهضة التعذيب (نونبر 2011) الموجهة للدولة المغربية، التي تدعو إلى أنه ” ينبغي أن تحرص الدولة الطرف عمليا على حماية المشتكين والشهود من أي سوء معاملة ومن أي ترهيب بسبب شكواهم أو شهادتهم “، فقد جرى في حالتي أسامة حسن ووفاء شرف، التشكيك، ومنذ البداية، في شكايتيهما، وتم التعامل معهما، أثناء مراحل البحث التمهيدي، كمتهمين وليس كضحيتين؛ حيث انصب البحث/الاستنطاق على استخدام شتى الوسائل لجعلهما يقعان في التناقض ويظهران العجز عن تقديم أدلة مادية توصل إلى الفاعلين المفترضين، مع الاكثار من الاستدعاءات والزيارات، وتكثيف جلسات الاستنطاق وجولات المعاينة من أجل حملهما على التراجع عن افادتيهما، على الرغم من أن أصابع الاتهام لم تتوجه مباشرة إلى الأجهزة الأمنية؛ الأمر الذي أثر سلبا على وضعيتهما الصحية، بسبب الضغوطات النفسية التي كانا يتعرضان لها من طرف عناصر الشرطة القضائية التابعين للفرقة الوطنية.
لهذا، فإن التحقيقات التي قامت بها الضابطة القضائية تحت اشراف النيابة العامة، أخلت بهذه المبادئ المشار إليها سابقا؛ الأمر أضحي يوجب على الدولة كما تقضي بذلك الفقرة 5- “أ” من مبادئ التقصي والتوثيق الفعالين ” اجراء التحقيقات من خلال لجنة مستقلة أو أي اجراء مشابه “، كلما تبين أن اجراءات التحقيق ناقصة ” بسبب قلة الخبرة او شبهة التحيز، أو بسبب الوجود الظاهر لنمط من التعسف، أو لأسباب وجيهة أخرى “، على أن يختار أعضاء هذه اللجنة من الأشخاص المشهود لهم بالكفاءة والنزاهة والاستقلالية.
2.     أما في ما يتعلق بسلامة اجراءات اقامة الدعوى، فإنه من الملفت للانتباه أنه تم ترجيح القانون المحلي على حساب القانون الدولي لحقوق الانسان في قضية أحاط هذا الأخير ضحاياها بالكثير من العناية والحماية. فبالرغم من تصديق المغرب على اتفاقية القضاء على التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، التي تنص المادة 13 منها على ما يلي: ” تضمن كل دولة طرف لأي فرد يدعي بأنه تعرض للتعذيب في أي إقليم يخضع لولايتها القضائية، الحق في أن يرفع شكوى إلى سلطاتها المختصة، وفي أن تنظر هذه السلطات في حالته على وجه السرعة وبنزاهة. وينبغي اتخاذ الخطوات اللازمة لضمان حماية مقدم الشكوى والشهود من كافة أنواع المعاملة السيئة أو التخويف نتيجة لشكواه أو لأي أدلة تقدم”؛ ومع العلم بأن المادتين 15 و 21 من البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية القضاء على التعذيب، المصادق عليه هو الآخر من الدولة المغربية، تحظران ” انزال أي عقوبة بأي شخص أو منظمة أو يطبق عليهما العقوبة أو يسمح بها أو يتغاضى عنها ” نتيجة اقدامهما على تقديم معلومات ” صحيحة كانت أم خاطئة” إلى الجهات المعنية بتلقي مثل هذه المعلومات؛ فإن جهة الاتهام اختارت، وفي تناقض تام مع التزامات المغرب بموجب القانون الدولي الانساني والقانون الدولي لحقوق الانسان، بل ومع ما اوردته ديباجة دستور 2011، من كون المغرب يلتزم بجعل الاتفاقيات الدولية تسمو فور نشرها على التشريعات الوطنية، الاعتماد في تكييف الشكاية على مقتضيات القانون الجنائي، محولة إياها إلى تهمة ” الوشاية الكاذبة ” و” التبليغ عن جريمة لم تقع “؛ والحال أن الشكايتين قيدتا ضد أشخاص مجهولين، وأنه لم تحترم مقتضيات الفقرة الثانية من المادة 445 من القانون الجنائي، التي تشترط بداية، من بين ما تشترطه، تطبيقا لنص الفقرة الأولى من المادة المذكورة، حفظ الشكاية قبل الشروع في تحريك المتابعة.
3.     عدم احترام مبادئ ومعايير المحاكمة العادلة؛ وهو ما تمثل في:
       الحرمان من الحق في مؤازرة الدفاع، كما حدث لأسامة حسن لحظة تقديمه لجلسة الاستنطاق أمام السيد وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بعين السبع بالدار البيضاء، حيث تم استنطاقه ليلا في غياب دفاعه؛
       اتخاذ قرار الاعتقال في خرق واضح لمبدأ قرينة البراءة، واصدار بلاغات تفترض الإدانة في تعارض مع ما ذهبت إليه اللجنة المعني بحقوق الانسان في تعليقها العام رقم 32، عندما اعتبرت ” أن افتراض البراءة، وهو أساسي لحماية حقوق الإنسان، يفرض على الادعاء عبء إثبات الاتهام، ويكفل عدم افتراض الإدانة إلى أن يثبت الاتهام بما لا يدع مجالا للشك… ومن واجب جميع السلطات العامة الامتناع عن إصدار أحكام مسبقة عن محاكمة ما، نحو الامتناع عن الإدلاء بتصريحات عامة تؤكد إدانة المتهم… ويتعين على وسائط الإعلام تجنب التغطية الاخبارية التي تنال من افتراض البراءة…”؛   
       عدم تمكينهما ودفاعهما من استعمال ومناقشة جميع وسائل الاثبات والنفي؛ إذ حرم دفاع أسامة حسن مثلا، كما دفاع وفاء شرف، من الاطلاع على الاقراص المتعلقة بتفريغ مضمون تسجيلات كاميرا البنك وكاميرا محل بيع العقاقير وكاميرات المقهى، والقرص المتضمن لتسجيل شهادة الشاهدة التي تزعم أنها كانت رفقته في اللحظة التي يدعي فيها اختطافه، وعدم عرض كافة مضمونها اثناء الجلسة؛ وهو ما يخل بالحق في ” الاطلاع على الوثائق وغيرها من الأدلة، على أن يشمل ذلك جميع المواد التي يخطط الاتهام لاستخدامها أمام المحكمة ضد المتهم أو الأدلة النافية للتهمة “، كما أكدت على ذلك ذات اللجنة في نفس التعليق؛
       التضييق على هاتف وفاء شرف وأفراد عائلتها، والولوج إلى بريدها الالكتروني والاطلاع على محتوياته قبل صدور أمر من الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بناء على طلب وكيل الملك، كما تنص على ذلك المادة 108 من قانون المسطرة المدنية؛
       عدم استدعاء جميع الشهود والعديد من مصرحي المحضر رغم التماس الدفاع ذلك؛
       محاولة متابعة ابو بكر الخمليشي، الذي نقل وفاء شرف من منزلها إلى المستشفى، بعد حادث الاعتداء عليها، حيث عاين الطبيب آثار الاعتداء عليها وسلمها شهادة طبية تثبت ذلك، بتهمة المشاركة في الوشاية الكاذبة، في غياب أية وقائع أو معطيات تؤكد هذه التهم، وهو ما يعزز الاحتمال بأن سبب المتابعة كان بهدف استبعاد الاستماع اليه كشاهد في المسطرة…
واستنادا إلى ما سبق من وقائع وحيثيات، فإن المكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الانسان، إذ يذكر وزارة العدل والحريات بمآل ملف الحالات الموثقة بأماكن الاحتجاز والتعذيب وبأسماء القائمين على ذلك الذي سبق له أن وضعه بين يديها في شهر يوليوز 2013، قبل ظهور حالتي أسامة حسن ووفاء شرف بشهور، مما يطرح السؤال حول دواعي وبواعث هذه الانتقائية المحسوبة، يعتبر أن اعتقالهما ومحاكمتهما وادانتهما:
    يشكل تحللا واضحا للدولة المغربية من التزاماتها الدولية في مجال حقوق الانسان، وخرقا لتعهداتها الاتفاقية ذات الصلة بالقضاء على التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة؛
  يعد اعتقالا تعسفيا، يفتقر إلى السند الحقوقي والقانوني، وتعوزه الحجج الدامغة والقرائن المادية الثابتة والقطعية؛
  يقدم أسوأ الممارسات في كيفية التعامل مع المصرحين بادعاءات التعرض للتعذيب، ويحمل رسالة تخويفية لكل من يعتزم القيام بذلك، الأمر الذي لن يعمل إلا على استدامة هذه الظاهرة المشينة ويعزز استمرار سياسة الافلات من العقاب.
وعلى هذا الأساس فإنه يطالب بإطلاق سراحهما واسقاط المتابعات الجارية في حقهما، ويعلن عن انخراطه في كل الحملات والمبادرات الوطنية والدولية الداعية إلى ذلك.

Facebook Comments

يمكنك ايضا ان تقرأ

واش فراس الوالي شوراق.. مقهى تبتلع الملك العام بسويقة باب دكالة و السلطات فدار غفلون

لا حديث بين سكان باب دكالة و زوارها،